الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

جدل أزهرى حول مشروع قانون تطليق المرأة نفسها بسبب الزواج الثانى

جدل أزهرى حول مشروع قانون تطليق المرأة نفسها بسبب الزواج الثانى
جدل أزهرى حول مشروع قانون تطليق المرأة نفسها بسبب الزواج الثانى




كتب - عمر حسن

جدل واسع أثاره مشروع قانون تنظيم عمل المأذونين، الذى أعلن النائب عبد المنعم العليمي، تقديمه فى بداية دور الانعقاد الثالث للبرلمان، وذلك بسبب العديد من الشروط التى تم وضعها لضمان صحة توقيع عقد الزواج، والتى بدونها يصبح عقد الزواج باطلاً، ومن أبرزها حصول الزوج على إذن كتابى من زوجته حال الزواج من أخرى وأن يحق للزوجة تطليق نفسها.
وبين مرحب ومعارض لمشروع القانون، استقبل جمهور مواقع التواصل الاجتماعى ذلك الخبر، فى انتظار ما ستئول إليه جلسات البرلمان فى دور الانعقاد الثالث، ومن قبل ذلك تساءل كثيرون حول مدى شرعية هذا القانون، وهل هو مصادم للشريعة الإسلامية، أم أنه مجرد اجتهاد يتماشى مع متغيرات العصر.

محمد إبراهيم، البالغ من العمر 33 عاما، متزوج، قال: «لا يمكن أن أتقبل كرجل فكرة التوقيع على شرط الزوجة بأن أستأذنها قبل الزواج لعقد القران على أخرى»، متابعا: «الإسلام كفل لى حق الزواج مثنى وثلاث ورباع، ولو أن إرادة زوجتى تخالف رغبتى فى الزواج من ثانية وانصعت لها، فأنا بهذا أخالف شرع الله، وقد ألجأ للحرام والعياذ بالله».
أما حنان شحاتة، البالغة من العمر 28، غير متزوجة، قالت: «لا أفضل أن تكون العصمة بيدي، ولا أشعر أنى متزوجة برجل إذا فعلت ذلك، وهذا لا يعنى إننى أطلق يديه للاستبداد والتحكم، ولكن طبيعة مجتمعنا الشرعى تعطى للرجل صورة معينة لا أحب أن أخالفها، وإن كنت أعرف أن العصمة يمكن أن تكون فى يدى إذا طلبت ذلك».
فى حين تساءل محمود أحمد، 25 عاما، غير متزوج عن مدى شرعية أن تكون العصمة فى يد الزوجة قائلا: «كنت أظن أن الأمر مجرد دعابة فى الأفلام السينمائية، لكن إذا كان الأمر شرعيا فلا أظن أننى سأقبل بذلك حتى وإن تزوجت من مليونيرة»، وأخيرا استنكرت آية الله زكريا، 45 عاما، متزوجة، فكرة طرح هذا القانون فى الوقت الراهن، قائلة: «لسنا بحاجة إلى مزيد من الاضطراب والبلبلة فى المجتمع، فهو مليء بالمشاكل الاجتماعية ولا يستوعب طرح مثل هذه المشكلات، لأنه يزيد من الاحتقان، ويستفز الرجال»، مختتمة: «كأننا نفرض مزيدا من القيود على الرجل لرفع نسبة العنوسة».
أما عن الرأى الشرعي، فترى د. آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر أن المشروع لا يتناقض مطلقا مع الشريعة وتعدد الزوجات الذى جاء فى الإسلام، وتابعت: «وفق الشرع على الزوج أن يعلم زوجته بالزوجة الثانية فإذا طاقت ذلك فهى حرة، وإذا رفضت، هنا مربط الفرس، يجب أن تسرح بمعروف ولا يتم التنيكل بها أو تعليقها من جانب الزوج».
وأضافت «نصير» فى تصريحاتها لـ«روزاليوسف» أن القرآن الكريم أوضح عملية تعدد الزوجات وقال حال فرض الزوجة أن يتزوج عليها زوجها زوجة أخرى «فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان»، وتابعت: «من يرفض تطليق زوجته الرافضة له ويرغمها على الاستمرار معه آثم لأنه لم يطبق حقًا فى هذه الزوجة».
وحول أن تصبح العصمة بيد الزوجة، أكدت أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن هذا الشرط أيضًا لا يتعارض مع شريعة الإسلام، مشيرة إلى أن هذه الشروط جميعها تهدف لاستقرار البيت والحفاظ على الأسرة وفى الوقت نفسه لا مانع من الأخذ بها، موضحة الفرق بين «الخلع» وحق المرأة فى تطليق نفسها، وهو أن هذا الحق يضمن لها حقوقها الشرعية ولا يتناقض مع الشريعة».
وفى سياق متصل، أوضح الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالجامع الأزهر، أنه يجوز للمرأة طلب أن تكون العصمة فى يدها، لكن إذا طلقت نفسها مرة لا يحق لها فعل ذلك مرة أخرى، وإذا فعلت لا يقع الطلاق ويكون باطلا، مشيرا إلى حق الزوج فى مراجعة زوجته إذا كانت فى فترة العدة.
وتابع رئيس لجنة الفتوى الأسبق قائلا: «إذا أردنا أن نعود لما كنا عليه من مبادئ وأصول سليمة، فيجب الالتزام بقول الله تعالى من حيث قوامة الرجل على المرأة كما جاء فى الآية الكريمة: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ».
وأردف «الأطرش» بقوله: «الإمام أبو حنيفة أجاز أن تكون العصمة فى يد الزوجة على خلاف غيره من الفقهاء»، وتابع: «يتم تحديد ذلك فى عقد القران، حيث تُكتب الشروط فى ظهر قسيمة الزواج، من حيث العصمة والاستئذان قبل الزواج، وهذا لم يكن ساريا فى مصر قبل سنوات»، مؤكدا ضرورة الالتزام بالشروط ما دامت لا تحرم حلالا ولا تحلل حراما.
واستدرك رئيس لجنة الفتوى قائلا: «من يقبل أن تشترط عليه زوجته الاستئذان للزواج بأخرى فهو رجل قبل على نفسه الإهانة».
على الجانب الآخر أكد عميد كلية أصول الدين السابق بجامعة الأزهر، الدكتور بكر زكى عوض، أنه لا يجوز للرجل أن يستأذن امرأته كتابيا عند رغبته فى الزواج بثانية، والإصرار على ذلك يعتبر دفعًا للانحراف فلو رفضت الزوجة وكان هناك ميل قلبى من الزوج إلى امرأة فهل يرتبطان سرا أم يحييان حياة غير مشروعة؟»، متابعا: «ولكن الزوج مطالب شرعا بأن يخبرها بهذه الرغبة»، معللا ذلك بقوله: «يمكن أن تراجع المرأة نفسها إذا ما علمت بنية زوجها فى الزواج بأخرى، فإن لم يكن تقصيرا من جهتها فإن الزواج فى هذه الحالة يعد إضرارا بها ولها الحق فى طلب الطلاق».
وأشار عميد كلية أصول الدين السابق بجامعة الأزهر إلى ضرورة تجريم أن يعقد الزوج على امرأة أخرى دون إخبار زوجته الأولى، وهو ما نصت عليه القوانين الحديثة، مع الحرص على عدم تلاعب المحضرين أو من يقوم بالإعلام بالإجراءات المطلوب اتباعها.
وأخيرا أوضحت فتوى لمركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، أن الإسلام لم يجعل علم الزوجة الأولى شرطًا من شروط صحة الزواج بالثانية، فإذا ما تم الزواج بالثانية يكون صحيحًا، وتترتب عليه جميع الآثار الشرعية للزواج، ناصحا الزوج بأن يكون واضحًا وألا يخفى زواجه بل يعلنه أمام الجميع؛ لأنه لا يفعل منكرًا، ولأن إخفاءه لزواجه قد يضر بالزوجة الثانية، وقد توجد عداوة بين أولاده.