السبت 12 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«بزوغ الحقيقة» رحلة فى دروب اللاجئين عبر أوروبا

«بزوغ الحقيقة»  رحلة فى دروب اللاجئين عبر أوروبا
«بزوغ الحقيقة» رحلة فى دروب اللاجئين عبر أوروبا




صدر حديثًا عن دار صفصافة الترجمة العربية لكتاب «بزوغ الحقيقة ..على دروب اللاجئين عبر أوروبا» للكاتب الألمانى نافيد كرماني، بترجمة دكتورة نرمين شرقاوي.
يتناول الكتاب فى سرد يتراوح بين الكتابة الأدبية والصحفية رحلات المهاجرين من دول الشرق والجنوب الذين وصلوا إلى أوروبا بالقوارب، حيث يصف ما يواجهونه فى الرحلة وما يعانونه على الطريق نحو الأمل  بحياة أفضل.
يحتوى الكتاب على خمسة عشر فصلًا وهى: «ألمانيا التى صارت رقيقة القلب على نحو غريب، وهجرات جماعية، وهل نريد أوروبا أم لا نريدها؟، ولم تأتون إذن؟، والأنظمة الأوروبية والحدود، والصدمة الحضارية، فى وسط المدينة، والطريق السريع إلى ألمانيا، وأمواج هوجاء، والغريزة الإنسانية، وعدد اللاجئين هنا صفر، ومسألة حياة أو موت، وحذاء السيدة ميركل، ومن الممكن أن يعيش الإنسان بلا حرية، وهل من عودة؟، ولا يزال التوقيت مناسبًا».
يخوض الكاتب على مدار فصول الكتاب رحلة طويلة ممتدة عبر العديد من الدول الأوروبية متتبعًا مسار اللاجئين ومتحاورًا معهم، كما يرصد ردود فعل السكان المحليين، ومدى تقبلهم أو رفضهم للاجئين، يقول كرمانى فى مقدمة كتابه: «كانت ألمانيا غادرتها فى نهاية سبتمبر من عام 2015 قد صارت رقيقة القلب على نحو غريب، رأيت أجانب فى محطات السكك الحديدية بالمدن الكبيرة راقدين على مراتب خضراء من المطاط الإسفنجى ما بين المسافرين المسارعين للخروج من المحطة أو اللاهثين من أجل اللحاق بقطارتهم، لم يخيفوهم ليبتعدوا، ولم يغضب احد بسبب لفوضى التى استشرت فى المحطة، لا بل إن سكانًا محليين يرتدون سترات صفراء كانوا يجثون إلى جوارهم لإمدادهم بالشاي، أو الخبز، أو حتى ليلعبوا مع أطفالهم».
يوضح كرمانى أن التعاطف الكبير مع اللاجئين ارتبط بصورة الطفل السورى الغارق: «لم يكن من قبيل الصدفة أن صورة طفل غارق كانت هى التى اخترقت دون غيرها الوعى الجمعى ومهدت طريقًا للتعاطف، فالأطفال يفلتون من آليات التحقير العلنى لأنه لا يمكن تحمليهم مسئولية مصيرهم، إن من لا يرحم طفلًا لا بد أنه قد أحكم إيصاد أبواب قلبه بقوة، يجوز أن يحدث هذا، لكنه لا يحدث من دون أن تتشوه شخصيتك، كل انسان يستطيع أن يلاحظ عبر التلفيزيون كيف أن المستشارة الألمانية كانت مستاءة. تذكر فقط التربية العفوية التى صدرت عنها لأنها لم تتمكن من إعطاء الفتاة الفلسطينية الباكية سوى الإجابة الصحيحة وهى أنه لن يكن قبول كل اللاجئين، إلا أن المستشارة بدت أكثر استرخاء بعدها بأسابيع حين أخذت صورة سيلفى إلى جوار اللاجئين، وبدت مرتاحة بشكل مدهش فى اللقاءات الحوارية».
لكن هذه الصورة الحالمة فى التعامل مع اللاجئين سرعان ما تغيرت، وتحولت لحالة عدائية خصوصًا فى دول أوروبا الشرقية، والأحياء الفقيرة فى الدول الأغنى. يتتبع نافيد هذه التغيرات من الحفاوة إلى العداء، ومن القبول إلى الرفض مشيرًا إلى موجة اللاجئين وضعت المجتمعات الأوروبية أمام قضية مهمة تتعلق بقيم الحرية والعدالة والمساواة فبينما تفرض تلك القيم قبول الآخر وحمايته وتوفير بيئة آمنة للاجئين، إلا أن الواقع المضطرب فى ظل تصاعد دعوات القوى اليمينية المتطرفة يعرض اللاجئين لمعاملة قاسية.
يقول كرمانى «لقد عارضت كثير من دول أوروبا الشرقية سياسات ألمانيا للاجئين، بل فى ألمانيا نفسها يصعد نجم اليمينيين الشعبويين لدرجة أن  أنجيلا ميركل صارت تتعرض لضغوط قوية حتى من داخل حزبها»، ويضيف فى الفصل الأخير من كتابه: «بقدر ما احتفت ألمانيا بسياسة لترحيب على نحو مبهر، بقدر ما يتزايد الإحساس الجمعى بالعبء بعد مرور ثلاثة أشهر، هذا إن صدق المرء التقارير الصحفية التى صارت تعج بتحذيرات شديدة عوضًا عن إلحاحها الأولى المستمر فى استدعاء روح كرم الضيافة، لكن لعل الفرحة الغامرة التى اجتاحت ألمانيا كانت مصطنعة بتأثير الميديا مثلما أن الامتعاض الحادث الآن هو مصطنع بتأثير منها».