26 يونيو 2019 - 45 : 14
رئيس مجلس الإدارة
عبد الصادق الشوربجي
رئيس التحرير
احمد باشا

مدير ترميم المتحف: كنوز الوطن فى أيد أمينة

أكد الدكتور عيسى  زيدان مدير عام الشئون التنفيذية للترميم ونقل الآثار بالمتحف المصرى الكبير أن مركز ترميم المتحف يضم خبرات وكفاءات بشرية على أعلى مستوى، مشيرًا فى حواره مع «روز اليوسف» إلى أن جميع العاملين فى مشروع المتحف من أثريين ومرممين ومختلف التخصصات حريصون على إنجاز العمل فى ترميم وصيانة الآثار بمنتهى الجد والنجاح، وهو ما شهد لها الخبراء والمتخصصون على مستوى العالم، وكشف لنا كثيرًا من طريقة العمل وخطة الترميم التى تتم طبقًا لتوجيهات د.خالد العنانى وزير السياحة والآثار.. إلى الحوار..  



■ هل كل العاملين فى مركز الترميم مصريين، أم هناك أجانب؟

كل من يعملون فى المركز مصريين وقادرين على ترميم آثارهم، لأنهم أقرب إليها من أى أحد أجنبى، والدليل على ذلك ترميم أكثر من 5000 آلاف قطعة أثرية من مجموعة الملك توت عنخ آمون، وكل ما تم من ترميم لها كان بأيد مصرية تمامًا، وأغلب هذه المجموعة كانت حالتها صعبة جدًا، لأنها كانت فى مخازن لسنوات طويلة، حيث كانت مخزنة فى المخزن 55 بالمتحف المصرى بالتحرير وبعضها كان فى مخزن أبو الجود فى الأقصر ومتحف الأقصر، وقد تعرضت لمظاهر تلف عديدة.

والتخزين الذى أدى إلى ذلك قبل عشرات وربما مئات السنين لن نلوم فيه أحدًا، لأنه كان المتاح لهم حينها، كذلك مجموعة النسيج الخاصة بالملك توت عنخ آمون كانت مخزنة بطريقة غير علمية مما ساعد على حدوث تلف سريع وتدهور لها، لكن رغم ذلك نجح المرممون المصريون فى ترميم كل هذه الكنوز وأنقذوها بنجاح منقطع النظير.

■ وماذا عن عدد القطع التى تم ترميمها؟

حتى الآن رممنا أكثر من 48 ألف قطعة أثرية،كما أجرينا الصيانة اللازمة لها، وذلك من مجموع أكثر من  49900 قطعة وصلت المتحف حتى الآن، كما أن آثار الدرج العظيم تم نقل 75 قطعة من أصل 87 قطعة ضخمة من التى ستوضع على الدرج العظيم، وأغلب ما تم نقله تم ترميمه وصيانته بكفاءة.

■ هل تواكب الأجهزة التى تستخدمونها التطور التكنولوجى؟

بالفعل، فنحن لدينا أحدث أجهزة تستخدم فى التوثيق للآثار وهى المرحلة المهمة قبل الترميم، مثل كاميرات فوتوغرافية بروفيشنال وعالية الجودة والأشعة السينية والتوثيق بالليزر ثلاثى الأبعاد، وهذا ليس لكل القطع بل المعقدة التركيبة وذات الطبيعة الخاصة، وهذا النوع من التوثيق نستخدمه على القطع قبل نقلها مثل عجلات توت والأسرالثلاث، وكل الأجهزة العلمية الحديثة والمرممين مدربون عليها جيدًا.

ولأن التوثيق مهم جدًا لما قبل الترميم والنقل، فإننا لدينا أيضًا معامل متقدمة جدًا فى إجراء الفحوص والتحاليل للآثار وبها أحدث الأجهزة العالمية، حيث إن الفحوص والتحاليل تساهم فى تشخيص المرض والتلف فى الآثار، مما يساعد إخصائى الترميم على بناء خطة علاج سليمة حسب نوع التلف فى كل أثر، خاصة إذا كان مصابًا بالصدأ والتكلسات الملحية وأى ترميمات قديمة.

■ ما  أبرز القطع الأثرية التى كانت صعبة فى ترميمها؟

هناك قطع كثيرة جدًا لكن الآثار العضوية صعبة قليلا فى ترميمها، خاصة النسيج والخشاب، وكل أثر حسب مظاهر التلف الموجودة فيه، وهناك أثر قد يستغرق أسبوعًا لترميمه وآخر شهر وبعضها القطع استغرقت عامًا لترميمها، مثل إحدى العجلات الحربية لتوت عنخ آمون وبعض القطع من الأسرة الجنائزية، لأنها تتطلب عناية ودقة فائقة فى النقل والترميم، والأسرة التى استغرقت عامًا فى ترميمها كان كارتر قد غطاها بالشمع عند استخراجها، وكانت بها شروخ فى طبقات التذهيب، والشمع أحدث إعتاما وكان لا بد من ترميمها بدقة حتى لا نصيب الأثر نفسه، كما أن نسيج توت عنخ آمون كانت حالته صعبة لكننا رممناه بفضل الله.

■ كيف يرى خبراء الترميم والآثار الدوليين الذين يزورون المتحف ومركز الترميم؟ 

الحمد لله كل العالم يشيد بنقل وترميم الآثار فى المتحف المصرى الكبير، وكل الزيارات للمتحف تأتى على أعلى مستوى، وكل الجامعات والمعاهد العلمية الدولية أشادت بكفاءة المرممين المصريين والتى وصلت إلى مستوى عال جدًا، والدليل على ذلك أن معظم الآثار التى تم ترميمها فى المتحف تتواجد بشكل ما وقوى فى أكبر المؤتمرات الدولية على مستوى العالم،حيث يتم قبول ما لا يقل عن 5 أو 6 أبحاث علمية عن هذه الآثار وترميمها، وهذه إشادة واعتراف بمجهود مرممى المتحف، لأن هذه المؤتمرات لا تقبل إلا الأبحاث ذات المستوى العلمى والعملى المتميز.

■ هل تتذكر متى بدأ نقل الآثار أول مرة للمتحف.. وما  أول قطعة تم نقلها؟

قبل أن أتحدث عن ذلك، أود التأكيد على دور التوثيق المهم جدًا قبل النقل وبعده، وذلك لتأكيد حالة الأثر، خاصة أننا قبل النقل والترميم نقوم بعمل تقرير حالة نثبت فيه مظاهر التلف قبل النقل، وتتم مراجعته بعد الوصول للمتحف وبدء الترميم.

أما أول قطعة بصفة عامة تصل المتحف فكان تمثال رمسيس الثانى الذى نقل إليه من ميدان رمسيس عام 2006، أما أول تم نقلها قطعة لمركز الترميم فكانت فى 2010، وكانت عبارة عن تمثال كتلة من الحجر الجيرى خاصًا بأحد الأفراد، وتم نقله من مخازن تل بسطة بالشرقية.

■ كيف يتم نقل الآثار دون حدوث مخاطر؟

نقل الآثار يتم بناءً على الأسلوب العلمى المتعارف عليه دوليًا، وقد أصبح علمًا يدرس فى الجامعات المصرية والعالمية والمتاحف بالخارج، تقر فيه مظاهر التلف، ويتم فيه توثيق فوتوغرافى وهو شىء أساسى لكل قطعة، والفحص بالليزر كان يتم للقطع ذات الأجزاء المعقدة وذلك لتبين مكان ومواطن الضعف.

وبعد ذلك يجرى ترميم أولى للقطعة لو فيها تلف، والترميم الأولى مهمته جعل القطعة تتحمل النقل وكل قطعة حسب حجمها ولها أسلوب معين فى التغليف، ولا بد أن نستخدم ورق التيشيو الخالى من الرطوبة فى التغليف، وذلك حتى لا يتفاعل خاصة مع الآثار العضوية، وأثناء النقل نستخدم أجهزة ومواد ماصة للرطوبة مع الآثار، وذلك لضبط درجة الرطوبة والحرارة الملائمة للأثر، ونستخدم سيارات مهجزة وعليها وحدات ضد الاهتزازات، وجاءت من اليابان لتمتص الصدمات والاهتزازات، ونضع عليها الصناديق وداخلها وخارجها عازل للحرارة، كما أن السيارت تكون مجهزة بوسائد هوائية كى نتلاشى أى نسبة مخاطر أثناء النقل.

■ وما عملية النقل التى لا تنساها..ولماذا؟

تابوت توت عنخ آمون الذى نقلناه من الأقصر للمتحف الكبير، حيث تم نقله فى 72 ساعة متضمنة ترميمه الأولى فى المقبرة ثم استخراجه منها، وسبق ذلك تجهيزات استغرقت أيضًا 72 ساعة أخرى، خاصة أن التابوت كان فى حالة سيئة جدًا من الحفظ، وكانت به مظاهر تلف عديدة خاصة فى طبقات التذهيب على بدن التابوت وبعض الشروخ الكبيرة، وتم عمل ترميم أولى له وقمنا باستخراجه من المقبرة بنجاح كبير دون أى مساس به، وقد غلفناه بدقة ومهارة والحمد لله قبل نقله، ونحن لا ننقل أى أثر إلا إذا كانت نسبة المخاطر صفر، ولا يمكن أن أنقل إذا كانت هناك نسبة مخاطر 1%.

تمثال المطرية من أصعب عمليات النقل لأن التمثال كان وضعه صعبًا وغارقًا فى المياه الضحلة وبيئة غير جيدة من الحفظ, المياه تغرقه من كل جانب لكننا والحمد لله وبفضل فريق العمل وخاصة عمال قفط المتخصصين فى النقل وحمل الآثار وما هون علينا نقل التمثال الدفعة المعنوية التى أعطاها لنا د.خالد العنانى وزير السياحة والآثار.

■ مركب خوفو الثانية ستعرض بالمتحف.. ما الذى تم حتى الآن فى عملية استخراجها وترميم أجزائها؟

يعتبر مشروع مركب خوفو الثانية واحدًا من أكبر مشروعات الترميم فى العالم، وهو مشروع مصرى يابانى مشترك بين وزارة السياحة والآثار وجامعة هيجاشى  الدولية اليابانية برئاسة دكتور ساكوجى يوشيمورا، وبدعم من هيئة التعاون الدولى اليابانية»الجايكا»، وبدأ العمل فى المشروع عام ٢٠١٠ بتجهيز الموقع وبناء هانجر مجهز لجميع  المراحل.

وفى عام ٢٠١١ قام فريق العمل برفع الغطاء الحجرى الذى كان يغطى حفرة المركب، وتم إنشاء معمل ترميم الأخشاب المؤقت بالموقع وفى عام ٢٠١٢ تم عمل الفحوص والتحاليل العلمية واختيار مواد الترميم، وفى عام ٢٠١٤ تم البدء فى رفع واستخراج الأخشاب والعمل على ترميمها، وتم حتى الآن استخراج ما يقرب من 1170 قطعة خشبية من إجمالى ١٢٦٤قطعة كانت موضوعة داخل الحفرة فى ١٣ طبقة.

وتم ترميم ١١٣٠قطعة منها، وتم نقل ٩٤٢قطعة خشبية إلى المتحف الكبير، حيث من المقرر أن يتم تجميع المركب  وعرضها فى قاعة خاصة لها بالمتحف، وكل قطعة نستخرجها ترمم فى المعمل ونجرى لها توثيق ليزر سكان، لأننا سنقوم بتجميعها على الكمبيوتر قبل تجميعها فى المتحف.