الأحد 1 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بردة البوصير ي «4»





 
نَبْذَ الْمُسَبِّحِ مِنْ أَحْشَاءِ مُلْتَقِمِ
 
 
 
جَآءَتْ لِدَعْوَتِهِ الأَشْجَارُ سَاجِدَةً
 
 
 
تَمْشِي إِلَيهِ عَلَي سَاقٍ بِلاَ قَدَمِ
 
 
 
كَأَنَّمَا سَطَرَتْ سَطْرًا لِّمَا كَتَبَتْ
 
 
 
فُرُوْعُهَا مِنْ بَدِيْعِ الْخَطِّ في اللَّقَمِ
 
 
 
مِثْلُ الْغَمَامَةِ أَنَّي سَارَ سَائِرَةً
 
 
 
تَقِيهِ حَرَّ وَطِيسٍ لِّلْهَجِيرِ حَمِ
 
 
 
أَقْسَمْتُ بِالْقَمَرِ الْمُنْشَقِّ إِنَّ لَهُ
 
 
 
مِنْ قَلْبِهِ نِسْبَةً مَّبْرُورَةَ الْقَسَمِ
 
 
 
وَمَا حَوَي الْغَارُ مِنْ خَيْرٍ وَّمِنْ كَرَمٍ
 
 
 
وَّكُلَّ طَرَفٍ مِّنَ الْكُفَّارِ عَنْهُ عَمِ
 
 
 
فَالصِّدْقُ في الْغَارِ وَالصَّدِّيقُ لَمْ يُرَيَا
 
 
 
وَهُمْ يَقُولُونَ مَا بِالْغَارِ مِنْ أَرَمِ
 
 
 
ظَنُّوا الْحَمَامَ وَظَنُّوا الْعَنْكَبُوتَ عَلَي
 
 
 
خَيْرِ الْبَرِيَّةِ لَمْ تَنْسُجْ وَلَمْ تَحُمِ
 
 
 
وَقَايَةُ اللهِ أَغْنَتْ عَنْ مُّضَاعَفَةٍ
 
 
 
مِّنَ الدُّرُوعِ وَعَنْ عَالٍ مِّنَ الأُطُمِ
 
 
 
مَا سَامَنِي الدَّهْرُ ضَيْمًا وَّاسْتَجَرَتُ بِهِ
 
 
 
إِلاَّ وَنِلْتُ جَوَارًا مِّنْهُ لَمْ يُضَمِ
 
 
 
وَلاَ الْتَمَسْتُ غِنَي الدَّارَيْنِ مِن يَّدِهِ
 
 
 
إِلاَّ اسْتَلَمْتُ النَّدٰي مِنْ خَيْرِ مُسْتَلَمِ
 
 
 
لاَ تُنْكِرِ الْوَحْيَ مِنْ رُّؤْيَاهُ إِنَّ لَهُ
 
 
 
قَلْبًا إِذَا نَامَتِ الْعَيْنَانِ لَمْ يَنُمِ
 
 
 
وَذَاكَ حِينَ بُلُوغٍ مِّن نُّبُوَّتِهِ
 
 
 
فَلَيْسَ يُنْكَرُ فِيهِ حَالُ مُحْتَلَمِ
 
 
 
تَبَارَكَ اللهُ مَا وَحْيٌ بِمُكْتَسَبٍ
 
 
 
وَلاَ نَبِيٌّ عَلَي غَيْبٍ بِمُتَّهَمِ
 
 
 
آيَاتُهُ الْغُرُّ لاَ يَخْفٰي عَلَي أَحَدٍ
 
 
 
بِدُونِهَا الْعَدْلُ بَيْنَ النَّاسِ لَمْ يَقُمِ
 
 
 
كَمْ أَبْرَأَتْ وَصِبًا بِاللَّمْسِ رَاحَتُهُ
 
 
 
وَأَطْلَقَتْ أَرَبًا مِّنْ رِّبْقَةِ اللَّمَمِ
 
 
 
وَأَحْيَتِ السَّنَةَ الشَّهْبَآءَ دَعْوَتُهُ
 
 
 
حَتّيٰ حَكَتْ غُرَّةً في الأَعْصُرِ الدُّهُمِ
 
 
 
بِعَارِضٍ جَادَ أَوْخِلْتَ الْبِطَاحَ بِهَا
 
 
 
سَيْبًا مِّنَ الْيَمِّ أَوْ سَيْلاً مِّنَ الْعَرِمِ
 
 
 
دَعْنِي وَوَصْفِيَ آيَاتٍ لَّهُ ظَهَرَتْ
 
 
 
ظُهُورَ نَارِ الْقِرٰي لَيْلاً عَلَي عَلَمِ
 
 
 
فَالدُّرُّ يَزْدَادُ حُسْنًا وَّهْوَ مُنْتَظِمٌ
 
 
 
وَّلَيْسَ يَنْقُصُ قَدْرًا وَهْوَ غَيْرُ مُنْتَظِمِ
 
 
 
فَمَا تَطَاوَلُ آمَالُ الْمَدِيحِ إِليٰ
 
 
 
مَا فِيهِ مِنْ كَرَمِ الأَخْلاَقِ وَالشِّيَمِ
 
 
 
آيَاتُ حَقٍّ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثَةٌ
 
 
 
قَدِيمَةٌ صِفَةُ الْمَوْصُوفِ بِالْقِدَمِ
 
 
 
لَمْ تَقْتَرِنْ بِزَمَانٍ وَّهِيَ تُخْبِرُنَا
 
 
 
عَنِ الْمَعَادِ وَعَنْ عَادٍ وَّعَنْ إِرَمِ
 
 
 
دَامَتْ لَدَيْنَا فَفَاقَتْ كُلَّ مُعْجِزَةٍ
 
 
 
مِّنَ النَّبِيِّينَ إِذْ جَاءَتْ وَلَمْ تَدُمِ
 
 
 
مُحْكَمَاتٌ فَمَا تَبْقِينَ مِنْ شُبَهٍ
 
 
 
لِّذِي شِقَاقٍ وَّلاَ يَبْغِينَ مِنْ حَكَمِ
 
 
 
 
بمناسبة شهر رمضان الكريم ونفحاته النورانية والروحانية ننشر في هذه الصفحة علي مدار الشهر نماذج من أروع ما كتب في التراث العربي القديم من شعر العشق الإلهي والمدائح النبوية.. قصيدة البردة أو قصيدة البُرأة أو الكواكب الدريَّة في مدح خير البرية، أحد أشهر القصائد في مدح النبي محمد صلي الله عليه وسلم، كتبها محمد بن سعيد البوصيري في القرن السابع الهجري الموافق القرن الحادي عشر الميلادي. وقد أجمع معظم الباحثين علي أن هذه القصيدة من أفضل وأعجب قصائد المديح النبوي إن لم تكن أفضلها، حتي قيل: إنها أشهر قصيدة مدح في الشعر العربي بين العامة والخاصة.
 
 
 
وقد انتشرت هذه القصيدة انتشارًا واسعًا في البلاد الإسلامية، يقرأها بعض المسلمين في معظم بلاد الإسلام كل ليلة جمعة. وأقاموا لها مجالس عرفت بـ«مجالس البردة الشريفة»، أو مجالس الصلاة علي النبي. يقول الدكتور زكي مبارك: «البوصيري بهذه البردة هو الأستاذ الأعظم لجماهير المسلمين، ولقصيدته أثر في تعليمهم الأدب والتاريخ والأخلاق.. نستكمل اليوم نشر أجزاء من القصيدة».