الجمعة 4 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

اختبار قوى بين «إيران» و«الغرب» بشأن برنامج «طهران النووى»

اختبار قوى بين «إيران» و«الغرب» بشأن برنامج «طهران النووى»
اختبار قوى بين «إيران» و«الغرب» بشأن برنامج «طهران النووى»




ترجمة - أميرة يونس وسيد مصطفى

يظل البرنامج النووى الإيرانى «البعبع» الذى يخشاه ساسة إسرائيل وهو الأمر الذى نتج عنه خروج أصوات تنادى بالاجهاز عليه عبر شن عملية عسكرية تقضى على أحلام بلاد فارس فى امتلاك «قنبلة نووية»، لذا أعد العقيد «بيساح ملوفانى» بجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «أمان» تحليلاً مطولاً نشر بمجلة «يسرائيل ديفينس» حول القلق الإسرائيلى من خطورة القدرة العسكرية لطهران تحت عنوان «هل يستطيع الغرب إحباط النووى الإيرانى»


جاء فى بداية التحليل أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة ورئيسها «باراك أوباما» أخذوا على عاتقهم مهمة إقناع إيران بوقف مشروعها النووى، وذلك من خلال فرض عقوبات عليها، والتى أدت إلى خضوعها لمحادثات الدول الغربية، وكان الرئيس أوباما فى وقت سابق قد أكد أن إيران لن تمتلك أسلحة نووية (على الأقل خلال فترة ولايته)، والتى ستنتهى يناير 2017 وكما هو واضح ان اوباما يسعى لتنفيذ الإتفاق مع طهران من خلال ممارسات عملية جادة. وأضاف الباحث الإسرائيلى أن استمرار التقارير الواردة من وقت لآخر عن المحادثات التى تجرى بين واشنطن وطهران تسبب فى وجود فجوة فى العلاقات بين واشنطن وتل أبيب، على الرغم من أن بعض التقارير تؤكد أن هناك تقدمًا واستجابة من قبل إيران فى المحادثات التى اقتربت من الانتهاء، مرجعا ذلك إلى إحدى النقاط المهمة التى تم الاتفاق عليها من قبل الرئيس الأمريكى بأنه يجب على إيران أن تلزم نفسها بتجميد أنشطتها النووية لمدة عشر سنوات على الأقل من أجل التوصل لاتفاق نووى معهم وتقليص عناصر منه موجودة فى الوقت الراهن، الأمر الذى لم يلق ترحيبا إسرائيليا واعتبرت أن ذلك لا يضمن أمنها القومى.  وأضاف أن الرئيس الأمريكى أعرب أن هدف بلاده من هذا الاتفاق هو التأكد من أن «هناك سنة واحدة على الأقل بين محاولة الإيرانيين الحصول على سلاح نووى وبين قدرتهم على اقتنائه، وهو ما لم يفهمه الإسرائيليون نظرا لأن الاتفاق لم يشمل عدد أجهزة الطرد المركزى التى ستظل تعمل فى المفاعلات الإيرانية بعد توقيع الاتفاق، كما لم يشمل الحديث بشأن استمرار بناء مفاعل «أراك» لإنتاج البلوتونيوم الذى يستعمل فى تصنيع الأسلحة النووية.
وتابع ملوفانى فى تحليله أنه من المفترض أن تدرك الولايات المتحدة والدول الغربية الصعوبات التى تواجهها جميع الأطراف بمن فيها إسرائيل، مرجحا أن الاتفاق لن يجد حلاً يرضى إسرائيل أو حتى أمريكا خلال المحادثات، وأن تل أبيب تخشى من دبلوماسية أوباما مع اقتراب مهلة آخر مارس بشأن التوصل إلى اتفاق «نووى» ويعتقد الإسرائيليون انها لن تمنع عدوها اللدود «طهران» من تطوير سلاح نووى، فى الوقت الذى تنفى فيه الأخيرة سعيها لامتلاك أسلحة نووية. ويرى ملوفانى أن السماح لإيران بتنفيذ برنامج طاقة نووية ذى حجم صناعى سيمكنها من أن تصبح دولة تمتلك أسلحة نووية فى الوقت الذى تختاره، وأن نظام الشفافية أو التدقيق اللازم للكشف عما يعرف بتجاوز العتبة النووية، من غير المرجح أن يجدى نفعاً مع برنامج ضخم، وأن ما قد يكون فعالاً بالنسبة لبرنامج يضم بين ألف وألفى جهاز طرد مركزى لن يجدى نفعاً لبرنامج يضم عشرات الآلاف من أجهزة الطرد المركزى ما لم يتم وضع بروتوكولات جديدة وإعادة تحديد آلية النفاذ والسماح بوجود المزيد من المفتشين. وأوضح أن الولايات المتحدة وقادتها كانوا يعتقدون فى البداية أن العقوبات المفروضة على إيران ستجعلها «تركع على ركبتيها»، وتطلب من الغرب إزالة العقوبات مقابل التنازل عن المشروع النووى بأكمله، لافتا إلى أن الغرب نسى حرب إيران مع العراق فى أواخر الثمانينيات والتى استمرت لثمانى سنوات، والتى لم يتعلم الغرب الدرس منها، حيث حاولت إيران بكل السبل تحقيق أقصى قدر من المكاسب والتنازل بأقل قدر ممكن.  ولفت الباحث إلى أن إيران كانت تتصرف بذلك الشكل وهى م ضطرة، أما الآن فالأمر مختلف فهى تتصرف من موقع قوة، وهى غير مجبرة على تقديم أية تنازلات، فى ظل ما يزعم عن الصفقة التى تبرم معها من جانب الدول الغربية حول إمكانية تدخلها لضرب عناصر «داعش» فى سوريا والعراق واليمن، ناهيك عن الحرب النفسية التى تمارسها إيران بذلك ضد الدول الغربية، وهى فى نفس الوقت «ضد إسرائيل»، وذلك من خلال التدريبات العسكرية الموجهة فى الأساس ضد الغرب والولايات المتحدة وإسرائيل. ويقول الباحث أنه بالنظر للإنجازات التى حققتها الولايات المتحدة والغرب فيما يخص كبح جماح المشاريع النووية فى جميع أنحاء العالم، فيبدو أنه لم يكن هناك ما يقرب من نجاح واحد فى هذا المجال، إذ إن الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة لم يستطع منع الاتحاد السوفيتى والصين الشعبية من الحصول على السلاح النووى خلال «الحرب الباردة». حتى إنها لم تنجح فى منع وصول السلاح النووى لكل من الهند وباكستان فى السبعينيات والثمانينيات، وكذلك الأمر فيما يخص جنوب إفريقيا التى كانت من الدول التى توافرت معلومات حول حيازتها لأسلحة نووية،  فقد أعلن رئيسها (دى كليرك) رسميا فى عام 1991، أن بلاده طورت وأنتجت سلاحا نوويا،  إلا انها اوقفت مشروعها النووي،  ودمرت جميع أنواع أسلحة الدمار الشامل التى كانت بحوزتها،  قبل انضمامها الى الميثاق الدولى لحظر انتشار الاسلحة النووية فى العام ذاته. وأضاف الباحث أيضا أن كوريا الشمالية حصلت على سلاح نووى فى تسعينيات القرن الماضى دون أن تقابل أى ضغط دولى تحت سمع وبصر الولايات المتحدة وحلفائها، ولم تقابل اى ضغوط حتى بعد اعترافها قبل عشرة أعوام أنها نجحت فى تطوير اسلحة نووية، رغم كونها خاضعة لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة النووية، ثم عمدت الى تنفيذ تجربتين نوويتين، أولاهما فى اواخر عام 2006،  والثانية فى ربيع عام 2009. ويذكر ان كوريا الشمالية رفضت خلال السنوات الماضية جميع المحاولات الدولية الرامية الى وقف برنامجها النووى، وهى لاتزال مصرة على مواصلته، على الرغم من العقوبات الدولية الصارمة المفروضة عليها.
واعتبر المحلل الإسرائيلى أن الإنجاز الوحيد للقوة الغربية فى صد امتلاك الدول لأسلحة نووية كان أمام قرار الرئيس الليبى السابق «معمر القذافى» وأجبرته على إيقاف مبادرته النووية عام 2003، وهى الخطوة التى فاجأت العالم كله، والتى تخلى عنها أيضا لأسباب بعيدة عن الضغوط والتهديدات الغربية وأنه لعدم إمكانيته لتصنيع قنبلة نووية أو لجهود عربية هما السبب وراء إيقاف مبادرته.
وتابعت الدراسة فى سرد مواقف فشل الغرب والولايات المتحدة فى منع المشروع النووى العراقى الذى كان يحصل على المواد النووية من مفاعل الأبحاث الفرنسى، والذى دمر على إيدى إسرائيل عام 1981 فى هجوم مفاجئ على العراق، قائلاً إنه لولا احتلال الكويت من قبل العراق فى أغسطس 1990 لكان الزعيم العراقى «صدام حسين» يحمل أسلحة نووية اليوم، ويستمر فى الجلوس على عرشه، وربما كان نجح فى صد إيران ومنعها من امتلاك أسلحة نووية التى تهدد بها الآن العراق ودول الخليج، ولكانت هى المدافع الأول عن البوابات الشرقية للأمة العربية»، لافتا إلى المشروع النووى السرى فى سوريا والذى يعتزم الرئيس بشار الأسد تنفيذه والذى لم يلق حتى الأن حسمًا لموقفه من قبل الولايات المتحدة والغرب. وأختتم العقيد ملوفانى تحليله بأن كل ما سبق سرده يوضح أنه من الصعب على الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين منع إيران من الحصول على أسلحة نووية، إذ إن إيران تعلمت الدرس جيدا ورأى أية الله خامنئى ما حدث للقذافى بأنه تخلى عن السلاح النووى، لذا سيكون من الصعب كبح جماح أى محاولة لتطوير المشاريع النووية فى المنطقة، سواء من المملكة العربية السعودية، مصر، تركيا الذين يرغبون فى السير على نهج إيران والحصول على سلاح نووى.
وانتهى التحليل الإسرائيلى إلى أن الأمور باتت واضحة وأن الدول الغربية وعلى رأسهم أمريكا لن تتخذ خطوات جادة أو جريئة على أرض الواقع خاصة بعد اللقاء الذى جرى بين كيرى ووزراء دول الخليج فى المملكة العربية السعودية قبل أسبوع تقريبا، واتفقوا خلاله على منح الخليج «مظلة نووية» ضد تهديدات النووى الإيرانى، بدلاً من أن يدعمهم بمعلومات حول كيفية تقويض طهران، وهو ما يعنى أن إيران توصلت إلى إمكانيات وقدرات عسكرية تفوق تهديداتهم ووعيدهم بفرض عقوبات أو حتى التلويح بضرب المنشآت النووية الإيرانية.
 وعلى جانب آخر ذكر المحلل الإسبانى «لويس باسيتيس» المهتم بالشئون الشرق أوسطية تحت عنوان «الإنتصار الإيرانى» أن المرجع الإيرانى «آية الله خامنئى» يفهم جيدا اللغة الأمريكية، ويعلم أن ولاية أعضاء مجلس الشيوخ فى «الولايات المتحدة» ست سنوات، بينما ولاية الرئيس الأمريكى أربع، ويمكن إعادة انتخاب الأول مرات، والثانى مرة واحدة فقط.
وأكد المحلل أن مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 47 عضوًا، انتقدوا أوباما بشكل صارخ فى خطاب مفتوح، حيث تعالت أصوات المعارضين للرئيس أوباما بشأن مفاوضاته حول البرنامج النووى الإيرانى، قبل أسبوعين فقط قبل نهاية الفترة لإتمام الاتفاق، كما ظهرت النزاعات الحزبية لأعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى بعد الفوز الساحق للجمهوريين، وتم تجاهل التزامات وصلاحيات الرئيس، وظهر هذا جلياً حين استقدموا رئيس الوزراء الإسرائيلى نفسه، بنيامين نتانياهو لإلقاء خطاب بالكونجرس.
ونوه الى أن نتانياهو قام بإدانة المفاوضات بشكل مستفز، كما وصف وجود صفقة سيئة كانت تختمر بين إيران ومجموعة الخمسة زائد واحد (خمسة بلدان أعضاء بصورة دائمة فى مجلس الأمن بالإضافة لمقعد واحد لألمانيا).
وأوضح المحلل أن رئيس الوزراء الإسرائيلى قام بانتهاك قواعد دبلوماسية كثيرة منها المجاملة وحسن التعامل مع رئيس الجمهورية الأمريكى، وذلك على عكس السياسة الإسرائيلية السابقة.
وأشار المحلل الإسبانى إلى أن نتانياهو ذهب أبعد من ذلك فى محاولة لإقناع أعضاء مجلس الشيوخ بمقاطعة الاتفاق النووى.
مضيفا أن إيران استطاعت الحصول على مكاسب كبيرة من جانب «الصقور» الأمريكية، كما انها حصلت على الضوء الأخضر للسيطرة على المنطقة ولم يكن أوباما هو صاحب الإشارة وحده بل سبقه نظيره جورج دبليو بوش بعد عملية غزو العراق 2003 وهو من رسم الطريق للفارسيين للسيطرة على الامور وبسط النفوذ الشيعى.
وأرجع التوغل الإيرانى فى الشئون العربية الى عدة عوامل منها الاوضاع التى تشهدها العراق، التى استغلتها إيران لايجاد دور تلعبه فى المنطقة.