الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هجوم جديد على الأزهر

هجوم جديد على الأزهر
هجوم جديد على الأزهر




كتب - صبحى مجاهد

حالة من الهجوم المستمر على مؤسسة الأزهر تبنتها بعض وسائل الإعلام على لسان بعض المهاجمين للأزهر وتعليمه فبعد أن تم اتهام الأزهر العام الماضى بالإرهاب ووصفوا تعليمه بأنه أحد منابع نشأة الفكر الإرهابى ظهرت دعوات جديدة تطالب بإلغاء التعليم الأزهرى نهائيا.. الأمر الذى أدى إلى انتفاضة واسعة من قبل الهيئات والعلماء الدينيين الذين أعلنوا رفضهم لتلك الأطروحات واعتبروها محاولة لإفساح المجال لأصحاب الفكر المتطرف والشاذ للانتشار.
فمن جهته أعلن مجمع البحوث الإسلامية أهمية التصدى لجميع الدعاوى الباطلة التى تبث عبر وسائل الإعلام؛ وذلك انطلاقا من المسئولية الدينية والوطنية.
كما أكد المجمع دعمه القوى والمستمر لجميع الجهود المبذولة للتصدى لمحاولات إفساد وجدان الشعب المصرى من خلال ما يبث من دعوات إلى إلغاء التعليم الدينى، وإلغاء مادة الدين فى التعليم العام والاكتفاء بتدريس مادة الأخلاق وغير ذلك مما يثار لتدمير الأخلاق فى المجتمع المصرى بدعوى حرية الإبداع.
قال د. محيى الدين عفيفى الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية إن من يتابع حملات الهجوم على الأزهر الشريف بشكل يومى عبر الفضائيات المختلفة يندهش من هذا الكم الكبير من النقد غير الموضوعى، والرغبة فى المزايدة وتجاوز كل الحدود فضلا عن استغلال الفرص لتوجيه السهام لأجل الإجهاز على تلك المؤسسة العالمية.
أضاف عفيفى فى تصريحات اليوم أنه على سبيل المثال فإن من يتابع الأحداث الأخيرة ونتائج التحقيقات فى اغتيال النائب العام الشهيد المستشار هشام بركات - رحمه الله - وضلوع أربعة من طلاب الأزهر فى تلك الجريمة التى يرفضها الأزهر الشريف لأن الحفاظ على النفس البشرية مقصد إسلامى وإنسانى؛ يدرك أن تلك الحملة الرهيبة التى تشارك فيها الأطياف المختلفة لأجل التنديد بمناهج الأزهر التى -على حد زعمهم- تصنع الإرهابيين والتكفيريين، كما أن ترديد هؤلاء لمقولات مختلفة ومنها: أن الأزهر سبب الإرهاب إلى غير ذلك من الكلام الذى لا ينم عن رؤية أو استيعاب الأسباب الحقيقية للإرهاب.
تابع قائلا: بعيدا عن الخوض فى أسباب الإرهاب، لأن الكلام هنا يركز على مناهج الأزهر والتى يمكن لأى عاقل أن ينظر فيها على مدى نصف قرن من الزمان على سبيل المثال، ولنرجع بالذاكرة إلى العقد السابع من القرن المنصرم - القرن العشرين - وظهور الفكر القطبى وكتابات سيد قطب التى كانت وقودا لجماعات التكفير والهجرة، وما حدث فى السبعينيات، وما حدث فى مطلع الثمانينيات من اغتيال رئيس الجمهورية الرئيس أنور السادات رحمه الله، وما حدث أيضا فى التسعينيات من القرن الماضى وظهور جماعات العنف وما أحدثته من ترويع وتدمير هل كان هؤلاء من الأزهر؟؟ وهل كانت مناهج الأزهر سببا فى صنع هؤلاء أو غيرهم آتونى بدليل أو برهان إن كنتم صادقين!
أوضح الأمين العام أنه فيما يتعلق بعملية المراجعات واللقاءات والندوات التى تمت مع أعضاء تلك الجماعات فى السجون فى فترة الثمانينيات، فمن الذى كان يناقش فكر هؤلاء ويفند شبهاتهم ويرد عليهم ويحاورهم، وهل لو كان الأزهر يتبنى فكر هؤلاء ويدعمه ويدرسه لطلابه، كان علماؤه سيذهبون لنقض هذا الفكر والرد عليه وتفنيده وبيان سماحة الإسلام ومقاصد الشريعة فى الحفاظ على الأرواح والأموال والأعراض والنسل.
وأكد عفيفى أن ما حدث لشريحة قليلة من طلاب الأزهر لا تمثل أى نسبة بالنسبة لبقية الطلاب بالجامعة؛ حيث تم استغلال ظروف هؤلاء الطلاب وقُدم لهم الدعم المالى والاجتماعى لإغرائهم والتأثير عليهم؛ حيث كان الفقر من أبرز أسباب استغلال هذه الفئة؛ وهذا ما يؤكد أنه لا علاقة بين ما يُدرس للطلاب من مناهج وبين توجهاتهم بدليل أن جامعة الأزهر يدرس فيها حوالى 400 ألف طالب وطالبة فلماذا لم يتحول هؤلاء إلى إرهابيين وتكفيريين وتفجيريين؟
وقال الأمين العام إن من يتصور أن بإمكانه نسف الأزهر أو الدور الذى يقوم به فهو واهم واهن، لأن الأزهر ليس مبانى ولا أشخاصا، فالأزهر: عطاء فى كل الميادين العلمية والاجتماعية والأخلاقية، والأزهر هو الذراع المصرية القوية وله رصيد عظيم فى كل قلوب المصريين عوامهم وخواصهم، وله رصيد هائل فى قلوب غير المصريين أيضا فى جميع البلاد التى تعلم أبناؤها وبناتها فى رحاب كلياته.
وتابع: اسألوا التاريخ.. وهذا ما جعل الحرب مستمرة على الأزهر لمحاولة إسقاطه أو نسف رصيده أو القفز على دوره أو اختراقه من هنا وهناك، ولاشك أن ذلك يفرض تحديات كبيرة على تلك المؤسسة العريقة ويؤكد أهمية اليقظة والشعور بالمسئولية لدى كل أزهرى ويؤكد أهمية التطوير والتجديد، لأن ذلك من أهم ضمانات الاستمرار والصمود فى مواجهة التحديات والقيام بالتبعات الضخمة للأزهر الشريف فما ينتظره الناس من الأزهر كثيرا جدا نظرا لعالميته.
فيما أوضح الدكتور شوقى علام - مفتى الجمهورية - أن الأزهر الشريف هو المرجعية الأولى للمسلمين فى مصر والعالم مشددًا على أن الأزهر هو الحامى من التيارات المتشددة والأفكار الشاذة التى يحملها الموتورون، مؤكدا أن الأزهر الشريف كان ومازال حائط الصد المنيع أمام كل محاولات النيل من مصر وشعبها ودورها الإقليمى والعالمى.
وأوضح مفتى الجمهورية أن الأزهر الشريف كان ولايزال بحمد الله حاميًا للدين وحارسًا أمينا على الأمة ومصالحها دون تحزب، وظل دومًا منارة العلم الشرعى الصحيح والوسطى البعيد عن تيارات التشدد والمغالاة.
وأكد أن دور الأزهر لا يمكن أن يزايد عليه أحد، مضيفا أن المصريين يدركون طبيعة الدور التاريخى الذى جعل من الأزهر ملاذًا ومرجعية يأوى إليها كل المصريين على اختلاف توجهاتهم، مما أهله لأن يكون إحدى الضمانات الأساسية لوحدتهم على مر التاريخ، مطالبًا كافة المصريين بالالتفاف حول الأزهر الشريف وشيخه الجليل.
وشدد مفتى الجمهورية على أن الأزهر الشريف مستمر فى القيام بدوره الوطنى، وتحقيق آمال وتطلعات الشعب المصرى ونشر الفكر الأزهرى الوسطى المستنير، ليظل دومًا رأس القوة الناعمة للإسلام والمسلمين حول العالم.
بينما لفت د. عباس شومان وكيل الأزهر أنه لو كانت مناهج الأزهر تعلم الإرهاب فلماذا لم يضرب الإرهاب أكثر من ١٠٠ دولة يتخرج الآلاف من أبنائها فى كل عام فى جامعة الأزهر، ولماذا لم تستقبل الجهات المسئولة فى مصر أو مشيخة الأزهر كل يوم آلاف الشكاوى أو حتى شكوى واحدة من هذه الدول من سلوك خريجى الأزهر حين يعودون خلال تلك العقود الطويلة التى تخرج الأجيال فى هذه الدول تجاوزت عشرات الآلاف فى اندونيسيا وماليزيا مثلا، ولماذا احتل أبناء الأزهر هناك أعلى المناصب فى الدولة ومنها رياسة الدولة ومن بينهم الرئيس العراقى الذى يزور مصر الآن وكامل حكومة سلطنة بروناى من سلطانها إلى وزير داخليتها وغير ذلك كثير؟
وأوضح شومان إنه إذا كانت مناهج الأزهر سببا فى الإرهاب فلماذا قال رئيس إندونيسيا لشيخ الأزهر: إن خريجى الأزهر من أبناء إندونيسيا أسهموا بشكل كبير فى نهضتها، ولماذا يتردد مثل هذا القول على مسامع شيخ الأزهر من أمير الكويت وحكام الإمارات، وكل بلد حل به شيخ الأزهر أو زار قادته مشيخة الأزهر وتشرفوا بمقابلة الإمام الأكبر؟، ولعل العالم تابع زيارة أسطورية لشيخ الأزهر إلى إندونيسيا، ولعل العالم يتذكر الصورة الشهيرة لعبدالله بن زايد وهو يقبل رأس شيخ الأزهر ليزداد رفعة وسموا على سموه، ولعل القاصى والدانى تابع انتقال الرئيس الفرنسى إلى حيث يجلس شيخ الأزهر ليحظى بشرف التحدث إليه حين كانا فى عزاء الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، فهل غفل العالم عن حقيقة الأزهر واكتشفها هؤلاء العباقرة عندنا؟
وتساءل شومان: هل فعل أحد ما فعله شيخ الأزهر حين خرج بكل شموخ وبلاتردد من جامعة القاهرة تاركا حفل تنصيب مرسى ليعلن للعالم أجمع أن الأزهر عصى على الإهانة أو التهميش أوالتطويع لغير ما توطن عليه من تاريخ إنشائه قبل ألف عام وستين تقريبا؟. وهل يجهل أحد هذا الصمود الأسطورى لشيخ الأزهر والتصدى لمحاولات اختراق الأزهر من قبل الإخوان من أول يوم إلى يوم سقوطهم، وهل كان يمكن أن نكون كذلك اليوم لولا هذا الموقف التاريخى لشيخ الأزهر مع القوى الوطنية فى الثالث من يوليو؟
وقال شومان: نحن فى حاجة إلى معالجات صحيحة وليس جعجعة فارغة، ولابد من دعم جهود الأزهر التى تعمل جامعته ببركة دعاء الصالحين وانظروا إلى مايخصص للطالب من طلابه والذى لا يتجاوز الجنيه الواحد بينما تبلغ سبعة أضعاف فى جامعة القاهرة أو عين شمس ولاتبلغ ميزانيتها ميزانية جامعة منهما، بينما هى أكبر منهما مجتمعتين، ولذا تتخطف الأيدى الآثمة المحملة بالأموال الطلاب من جامعة الأزهر وغيرها من جامعاتنا بعد توفير سكن نعجز عن توفيره وشراء كتب نعجز عن صرفها لهم بالمجان وتكاليف معيشة ضرورية تعجز أسرهم فى قراهم ومدنهم عن مدهم بها ويلوح بها وأكثر هؤلاء دعاة الشر ليقع هؤلاء الطلاب فى شراكهم ويتعذر عليهم الرجوع إلى أن يجدوا أنفسهم فى هذا المصير.
وكانت هيئة كبار العلماء قد أكدت أن الهجوم على التعليم الدينى بالأزهر الشريف.. والقول إن مصر ستكون أفضل بدون الأزهر، والحط من قيمة خلق «الحياء» وهو شعبة من شعب الإيمان.. إلى غير ذلك من الدعاوى والأباطيل غير المسبوقة فى تاريخ مصر، حتى عندما كانت تحت الاحتلال! دعاوى كاذبة وأباطيل.. محذرا الناس من الالتفات لها.. ويدعو وسائل الإعلام إلى اتقاء الله فيما ينشر على الناس. مُعلِنًا على الدنيا كلها أن الأزهر الشريف ومنهجه العلمى الوسطى هو صمام الأمان لفكر هذه الأمة ولثقافة شبابها، وهو الحصن الحصين من كل فكر وخيالٍ منحرف أو متطرف، ومن كل اختراق مشبوه لحقوق الأمة ومقدساتها.