الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

طيب.. والعمل؟!

طيب.. والعمل؟!
طيب.. والعمل؟!




وليد طوغان  يكتب:

حضر كاتب السطور الواقعة التالية. قام أحد طلبة تمهيدى الماجستير فى معهد الدراسات الإسلامية عام 98 من مكانه، وقرأ ما قال إنه حديث نبوى ينذر مصافح النساء بالنار.
المحاضر كان الدكتور أحمد عمر هاشم، الذى قال إنه لم يسمع الحديث من قبل. رفض الطالب تشكيك أحد فى ما قاله النبى (صلى الله عليه وسلم)، حتى ولو كان الدكتور عمر هاشم نفسه!
اعتبر الطالب التشكيك فى الحديث النبوى شك فى السنة، والشك فى السنة، شك فى رسول الله!!
رد الدكتور عمر هاشم أن للجاهل ثقة، فإذا اقترنت بالإيمان عن غيب، بارت العقائد، وتهاوت.
فى كتب علم الحديث أن 80 من رجال أسانيد صحيح البخارى ضعاف الحديث، وأن 120 من رجال صحيح مسلم ضعاف ايضا.
ضعف 80 رجلا فى أسانيد البخارى، لا يعنى فقط ضعف 80 حديثا منسوبا للنبى، إنما يعنى عدم الثقة فى كل حديث يدخل فى إسناده أى من هؤلاء الرجال أصحاب الأسانيد الضعيفة.
الإسناد هو الطريق المؤدى إلى المتن، وهم الرجال الذين رووا الحديث عن بعضهم حتى وصل إلى الإمام البخارى ثم وصل من الإمام البخارى إلينا.
مفترض انه لو فسدت رواية واحد من رجال الإسناد، انقطع السند، يعنى فقد احد رواته الثقة، فانقطعت السلسلة، ليسقط الاعتداد بصحة الحديث.
كثرة المشكوك فيه فى كتب الحديث كان سببا فى خروج جماعات القرآنيين، وتناميهم السنوات الاخيرة. البعض يرى ظاهرة جماعات القرآنيين سياسية، لكن لا شك أنه فى أحد جناحيها عقيدة أيضا.
بدءا من القرن السادس الهجرى، ظهر «قصاصو السيرة النبوية» فى المغرب ومصر والسودان واليمن والشام، وكانوا سببا اساسيا فى تحويل كتاب البخارى الى مرادف لـ«السنة» النبوية نفسها، وأكسبوه من القداسة، نفس ما لها من تقديس عند المسلمين وقتها.
روى القصاصون السيرة النبوية بحسن نية، دون محاولة تنقية ما ركب على التراث من «تهويمات» غير حقيقية، ووقائع غير صحيحة لحقت بشخص النبى نفسه (صلى الله عليه وسلم).
بحسن نية، رسم القصاصون صورة للنبى بعيدة عن الصورة التى رسمها له القرآن، فأضيفت لمسات من «القداسة» على شخصه، ثم طالت القداسة الصحابة والتابعين و«السلف الصالح» فيما بعد.
لما دخل القرن الـ8 الهجرى، كان القصاصون قد صنعوا «سيرة نبوية شعبية»، حكوها بالغناء فى مصر واليمن والمغرب بنفس الطريقة التى حكوا بها سير أبوزيد الهلالى والزناتى خليفة فى القرى والنجوع المصرية فيما بعد.
تحولت «السيرة النبوية الشعبية»، إلى «سنن مؤكدة» بتسليم كامل، والسبب كان قصاصون حذر منهم الامام السيوطى فى كتابه «تحذير الخواص من أكاذيب القصاص».
قدس عوام المسلمين «أخبار القصاصين»، كما قدس المصريون صحيح البخارى باعتباره مصدر «السنة النبوية»، لا مجرد كتابا يحوى «بعض ما قيل إن النبى (صلى الله عليه وسلم) قاله».
لعب «القصاصون» بالسيرة، ولعبت السياسة بالحديث النبوى هى الأخرى.
فى «اختصار علوم الحديث» كتب الحافظ أن مسلمين على المذاهب المختلفة استخدموا ما اعتقدوا أنه «حديث نبوى» للطعن فى الفرق الإسلامية الأخرى. وصل الأمر أحيانا للتكفير، بأحاديث موضوعة!!
كانت السنة النبوية قد تغيرت، ودخل عليها ما لا يجب أن يدخل، وانتشرت أحاديثا وأقوال اشتهرت عن النبى (صلى الله عليه وسلم) لم يقلها.
مثلا، قال حماد بن زيد «وضعت الزنادقة على رسول الله 14 ألف حديث»، وقال ابن أبى العوجاء قبل أن يقتله أمير البصرة «وضعت فيكم 4 آلاف حديث أحل فيها الحرام وأحرم فيها الحلال».
ابن سمعان الهندى، قتله خالد بن عبدالله القسرى لاكتشافه وضع الأحاديث على الرسول، وحكى حماد ابن سلمة: «أخبرنى شيخ من الرافضة أنهم كانوا يجتمعون على وضع أحاديث لم يقلها الرسول (صلى الله عليه وسلم)».
طيب.. والعمل ؟؟