الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الفرصة الأخيرة لشعب بدون كتالوج

الفرصة الأخيرة لشعب بدون كتالوج
الفرصة الأخيرة لشعب بدون كتالوج




محمد محيى الدين  يكتب:

لقد حار المراقبون من الشرق والغرب فى الوقوف على طبيعة الشعب  المصرى والذى لم تستطع  الديانة أو المكان أو حتى لون البشرة أن تكون سببا فى فرقته أو تغيير هويته وتظل وحدته الوطنية فى ظل كل الظروف تفاجئ العالم حتى وصل للبعض أن هذا الشعب بدون كتالوج يشرح طبيعته ويساعد على التنبؤ بحركته ولا أعرف بدقة متى نشأ المجتمع المصرى بحدوده الجغرافية المعروفة والتى لم تتغير لآلاف السنين وكل ما نعرفه أن الشعب المصرى وجد على ضفاف النيل وارتبط بأرضه ارتباطا لا فكاك منه وقد يختلف فى المشارب والمعتقدات ولكنه لم يغادر تلك الأرض وتعرض لغزوات من مختلف أرجاء المعمورة ومع ذلك حافظ على وحدته بل وانصهر الغزاة فيه وغادر المحتل الذى ظن أنه قادر على هذا الشعب.
ولعلنا نذكر كيف تحول المصريون شيبا وشبابا الى لجان شعبية قررت ان تحمى ممتلكاتها وأسرها عندما سقطت الشرطة فى أعقاب 25 يناير 2011 ونسى الجميع خلافاتهم الطبقية والطائفية وانصهر الكل فى واحد وما هى الأيام قليلة حتى ظهرت جماعات من أقصى اليمين واليسار تصورت انها قادرة على  تقسيم المجتمع وتفتيت وحدته ونشر الفوضى فيه ووظفت الشعارات الدينية واليسارية وما كان من الشعب إلا أن صبر عليهم حتى وصل اليهم الإحساس بأنهم قاب قوسين أو أدنى بأنهم قادرون على السيطرة عليه وتغيير هويته فاذا به ينتفض فى 30 يونيو 2013 لاسقاطهم ويعود الى وحدته مرة أخرى وتتحول تلك الفترة الى سطر فى كتب التاريخ يشهد على قدرة هذا الشعب فى الحفاظ على هويته وكيانه.
وأخشى ما أخشاه أن تكون قوى الشر الخارجية والداخلية قد توصلت الى حل للشفرة التى تربط مكونات هذا الشعب وتساعده على البقاء متماسكا امام مختلف التحديات والذى نراه أنها على الأقل قد توصلت الى عدد من مفاتيح تلك الشفرة كما تشير الى ذلك الحرب المعلنة والخفية ضده ولعل أول تلك المفاتيح هو تلك العلاقة القوية بين القائد والشعب وهى علاقة تنمو وتقوى بالثقة فإذا ما وثق المصريون فى القائد احتشد خلفه يقاتل ويتحمل الصعاب ويصنع المعجزات ولا يقول كما قال البعض اذهب انت وربك فقاتلا فنحن هنا قاعدون لقد وثق المصريون فى محمد على فوصل بهم إلى حدود الاستانة ووثقوا فى عبدالناصر فتحدى بهم  العدوان الثلاثى ولم يتخلوا عنه بعد ان تكالبت عليه قوى الشر فى1967 ووثق المصريون فى السادات فى 1973 وخاضوا معه معركة توقع الخبراء خسارة مؤكدة لقواته المسلحة وسقط مبارك عندما فقد تلك الثقة والمراقب لما يجرى حاليا يجد أن قوى الشر الآن تحاول ضرب حالة الثقة القوية بالرئيس وتحميله المسئولية عن كل صغيرة أو كبيرة حتى ولو نتجت عن اهمال موظف صغير فالمهم هو اهتزاز الثقة والنيل منه شخصيا ومن ثم فك الارتباط به والنفاذ من تلك الثغرة لضرب الوحدة الوطنية.
وفى نفس الوقت فإن قوى الشر المدعومة بعلوم الحرب النفسية وتكنولوجياتها الحديثة تستهدف غزو هذا الشعب من الداخل بأيدى قلة من أبنائه من محترفى الإعلام المضلل وراغبى الكسب الحرام يبثون سمومهم فى جسد الشعب حتى تضعف مناعته وقدرته على المقاومة ومن ثم الاستسلام لإرادة تلك القوى ولعل سهامهم المسمومة والمغلفة بشعارات الحداثة والحريات قد بدأت من صبيحة يوم ما بعد 30 يونيو تتجه إلى عقول شباب مصر لفصله عن مجتمعه وإبعاده عن الاصطفاف مع أبناء وطنه بدواعى الإحباط واليأس لتترك اتمام باقى المهمة لبرامج التواصل الاجتماعى ولا مانع من استخدام المال السياسى والمخدرات والسلاح إذا لزم الأمر والصبر عليهم حتى إذا ما سنحت الظروف أصبح أداة طيعة تستخدم فى إسقاط الدولة.
والسؤال الآن هل تنجح تلك القوى فيما فشلت فيه من قبل؟ لا أود أن أكون متشائما ولا أن تهتز ثقتى بالشعب المصرى ولكنها الحرب التى تفرض علينا اليقظة ونحتاج إلى مواجهتها بالعلم والعقلانية والدراسة ولا نركن إلى الاعتماد الكلى على المناعة الطبيعية وقدرة هذا الشعب على مواجهة التحديات فأمامنا فرصة أخيرة لكسب تلك الحرب وقبل أن يفوت الآوان.