الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هل نحن فى حالة حرب؟

هل نحن فى حالة حرب؟
هل نحن فى حالة حرب؟




د. محمد محيى الدين يكتب:
فى مصر نحن مغرمون بالوقوف فى المنطقة الرمادية ونذهب فى تأويلاتنا إلى أننا أمة وسطا والنتيجة أننا أتعبنا المخططين فلا نحن فى ناحية اليمين وندعى أننا لسنا فى ناحية اليسار ولكننا كما يقول المثل “نرقص على السلم” ولم نحدد طريقا واضحا نسير فيه او استراتيجية أو حتى رؤية محددة نسعى للوصول إلى أهدافها وظللنا خلال العقود الاخيرة نراوح بين الايديولوجيات والنظم السياسية والاقتصادية المختلفة حينا ننحو نحو الرأسمالية وتارة أخرى نحو الاشتراكية وفى كلا الوضعين لم نتخلى عن الأخرى لنعيش فى ظل نظام مختلط، وقمنا بعمل مزيج محير أسميناه فى فترة من الفترات «الاشتراكية العربية» ثم تحولنا إلى ما اسميناه بالانفتاح الاقتصادى، أما فى السياسة فقد اتجهنا شرقا أيام عبد الناصر ثم قررنا أن نقع فى أحضان الغرب وبشكل كبير الولايات المتحدة وفقا لرؤية السادات وحتى بعد نكسة 1967 دخلنا حالة اللا سلم واللا حرب والغريب أننا استمرأنا تلك الحالة ومازلنا متمسكين بها ونراوح فى مكاننا فلا نحن توصلنا إلى قرار استراتيجى يحدد لأى الجهتين نسير فيه ولم نطور طريقا مغايرا يتناسب مع ظروفنا وثقافتنا.
منذ ما يزيد على العامين نتكلم يوميا عن «الحرب ضد الإرهاب» وهى بالمناسبة حرب حقيقية عدونا فيها خبيث وخفى وغير محدد المعالم تسانده قوى خارجية تمده بالسلاح وتغدق عليه بالأموال وتعمل فى نفس الوقت لخنق مصر اقتصاديا وغزوها اجتماعيا بل ومحاولة تعطيشها مائيا، وصحيح أننا خرجنا بالملايين فى3/7/2013 لنفوض القيادة فى خوض تلك الحرب ثم تركنا ساحة المعركة لقوات الشرطة والجيش وفضلنا أن نجلس على المقاهى وأمام وخلف شاشات التليفزيون نثرثر ونقوم بالتنظير ونتبادل الاتهامات ونمارس الانقسامات حول موضوعات تافهة وفتنة طائفية مفتعلة، ولعل من يجوس فى مدننا لا يلاحظ أى علامة من العلامات التى تشى بأننا فى حرب ضد الارهاب اللهم إلا من بعض الجنازات الشعبية نودع فيها شهدائنا.
وربما يتساءل البعض كيف نكون فى حالة حرب وليس لدينا التعبئة الشعبية اللازمة لخوض تلك الحرب؟ فما زال شبابنا يقضى الساعات على المقاهى يعانى من الاحباط ومستسلم لليأس ويقع فريسة لغزو شيطانى تبرر له ذلك الاحباط وتؤكد له أنه لا فائدة، وأين هو اقتصاد الحرب الذى يمكننا من النصر مع حكومة تحاول ارضاء الجميع وتخشى الجميع ومع ذلك فإن الكثير غاضبون منها نتيجة اختفاء بعض أنواع المنتجات المستوردة والسلع المستفزة وتذبذب سعر الدولار ويكيلون الاتهامات لها بالتقصير، فاذا هى توسعت فى إصلاح ودعم البنية التحتية فهى لا تعرف أولويات الشعب كل ذلك فى غياب اعلام كان عليه ان يتصدى للحملات المحمومة ضدنا وليته غاب عن المشهد فقط ولكنه ساهم بحسن أو بسوء نية من البعض بترديد الاشاعات والافكار الهدامة وخلط السم بالعسل تحت دعاوى حرية الفكر والابداع.
الحرب التى نخوضها رغم انحسار الارهاب بشكل ملحوظ الا أنها دخلت فى طور متقدم لا يحتمل اوضاع الاسترخاء التى يعيشها مجتمعنا ولا يحتمل سفسطة النخبة ونكوص الاعلام كما أن حالة اللا سلم واللا حرب، لم تعد مناسبة لحالتنا ومن ثم على القيادة أن تكثف الجهود لحشد وتعبئة كل الموارد البشرية والاقتصادية وزيادة الانتاج ومحاولة الاكتفاء الذاتى على الأقل من حاجياتنا الاساسية ومصارحة الشعب بكل الحقائق ولا ننسى ان هذا الشعب له باع طويل فى مقاومة كل الضغوط التى فرضت عليه، وبفضله لم يستطع الحصار الاقتصادى أو حتى احتلال العسكرى لجزء عزيز (وهو سيناء) من ان يفت فى عضده ولعل اول خطوات النصر فى الحرب التى نخوضها الآن هى كتابة التوجيه الاستراتيجى للمعركة كما فعلنا فى 1973 نحدد فيه اهدافنا واستراتيجيتنا ونوزع الأدوار بدقة قبل أن يدهمنا الوقت.