الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

فرج مجاهد: الأدب الجيد يولد من رحم المعاناة... والشللية«سوس» ينخر فى الحياة الثقافية







 
 
 
فى حياتنا الثقافية الكثير من المبدعين الموهوبين الذين لا يجيدون تسويق إنتاجهم الثقافى والمعرفى، فلا يطبع لهم كتاب إلا بعد عناء ولا ينشرون نصًا أدبيًا أو قصيدة لأنهم يفتقدون الشللية ويتميز هؤلاء بعفة النفس وعدم الرغبة بالمتاجرة بالإبداع ولا يحبون الظهور أحيانًا أو لأن النوافذ مغلقة فى وجوههم ، هذه المواهب التى تظل دفينة دهرًا طويلًا ثم يقيض الله لها من يخرجها من ظلمات الغفلة والإهمال إلى الكينونة الفاعلة لترسيخ هويتها وبنيانها الشامخ وأصدائها المدوية فى دنيا الأدب.
روزاليوسف،، قررت تقديم هذه المواهب القابعة فى الظلال لكى يعود الحق إلى أهله..
 
■ لماذا اخترت القصة القصيرة فضاء لإبداعك؟
- كانت لى تجارب فى كتابة الشعر، نشر بعضها فى الصحف قبل أن أستقر على شاطئ القصة..
القصة القصيرة فن جذاب مراوغ كيف يمكن أن تقول ماتريد فى أقل  سطور أو صفحات ممكنة، يحتاج التكثيف والوضوح فى نفس الوقت فالقصة كما يعرفها بعض النقاد عبارة عن  سرد قصصى قصير نسبيًا يهدف إلى إحداث تأثيرمفرد مهيمن ويمتلك عناصر الدراما تركز القصة القصيرة على شخصية واحدة فى موقف واحد فى لحظة واحدة  وحتى إذا لم تتحقق  هذه الشروط فلا بد أن تكون الوحدة هى المبدأ الموجه لها. والكثيرمن القصص القصيرة يتكون من شخصية أو مجموعة من الشخصيات تقدم فى مواجهة خلفية أو وضع، وتنغمس خلال الفعل الذهنى فى موقف ما وهذا الصراع الدرامى أى اصطدام قوى متضادة ماثلة فى قلب الكثير من القصص القصيرة الممتازة، فالتوتر من العناصر البنائية للقصة القصيرة  كما أن تكامل الانطباع من سمات تلقيها، بالاضافة الى أنها كثير ما تعبر عن صوت منفرد لجماعة مغمورة.. هذا كله بالإضافة الى ماكانت تحكيه لنا أمى ونحن صغار على الرغم من أنها لم تأخذ قدرا كافيا من التعليم وتزوجت فى سن مبكر، مع القراءات التى أشرت إليها من قبل.
 
■ يسيطر القلق والقسوة على أبطال قصصك .. لماذا ؟   
- والدى مات وأنا فى السادسة من عمرى وكنت أكبر أخوتى الثلاثة وتخلى عنا كثير من الأهل فعملت فى أكثر من عمل «صبى فران»، عامل فى ورشة، عامل زراعى لتنقية دودة القطن، صبى نجار.. وغيرها، فكان هناك دائما عقدة الخوف من الغد، ربما لانقدر على دفع مصاريف الدراسة، أو لانأكل سوى وجبة واحدة فى اليوم وخرجت أمى للعمل فى سوق الخضار فى مدينة بائسة المتنزة الوحيد فيها هو الجلوس على النيل فى الصيف والانكماش فى البيوت فى الشتاء للتدفئة حول وابور الجاز ثم تزوجت من رجل آخر  وكنا نعيش فى حجرة واحدة  حياة صعبة متشظية حتى فى العمل أعمل فى صيانة ماكينات حليج القطن فأغمس يدى فى الزيوت والشحومات صباحا وأتعرض للجروح وبعد الظهر أشارك فى النشاط الأدبى وأقرأ الأعمال الأدبية التى سأناقشها وأكتب أعمالى الصحفية أو الأدبية أقابل وجوها كئيبة فى الصباح ثم أقابل وجوها أخرى تحض على البهجة والتفاؤل، فكيف لايسيطر على أبطالى القلق والقسوة  والبؤس.  
 
■ هل هناك أزمة يعيشها المثقف مع مجتمعه؟
- بالطبع فالإنسان المثقف من أكثر فئات المجتمع  تأثرا بالواقع الذى يعيش فيه والانسان المثقف تختلف قماشته عن أى انسان آخر فى المجتمع انه عين لاقطة وأذن مرهفة وجسم حساس لأى حدث أوتغيير ونحن فى مجتمع يحمل النخبة فوق طاقتها ولا يتعامل معها نصف دول أوروبا مثلا التى تدلل الأدب والأدباء فقسوة المجتمع تجعل الأدباء يعيشون فى جزر منعزلة أو ينهشون فى بعضهم من أجل مغانم صغيرة.
 
■ ما ابرز المشكلات التى تواجه أدباء الاقاليم؟
- أهم مشكلة فى نظرى هى النشر، ثم نظرة الإستعلاء التى تواجههم من بعض أدباء العاصمة الذين جاءوا فى الأساس من قرى ومدن فى الأقاليم وإذا جاء أحد من الأقاليم الى القاهرة فلابد أن يختار شلة ينضم اليها لينشر أو تلقى أعماله الاهتمام اللازم الذى تستحقه . ثم أنا ضد هذا المصطلح الذى يفرق بين الأدباء وكأن هؤلاء الأدباء أولاد البطة السوداء المهم العمل الأدبى ولا تنس أن العقاد وطه حسين وعبد الرحمن بدوى والرافعى والزيات وسعد وهبة ويوسف ادريس وغيرهم من أدباء الأقاليم من الأفضل أن نقول أدباء مصر فى الأقاليم. إننا إذا قارنا الآن اديب مثل فؤاد حجازى الذى يقيم فى المنصورة أو محمد الراوى فى السويس أو سمير الفيل فى دمياط أوالشاعر محمد سليم الدسوقى فى ديرب نجم او ناقد مثل أحمد رشاد حسانين فى بور سعيد بأدباء فى العاصمة فإنه يتفوق على عشرات  منهم . ان الشللية فى القاهرة سوس ينخر فى الحياة الأدبية.
 
■ كيف تفاعلت إبداعيا مع ثورة 25 يناير؟
-هذه الثورة العظيمة كان لها ارهاصات كثيرة فى الأدب والفن والحياة السياسية الاجتماعية فالاديب ثائر بطبعه على الواقع السيئ ولكن الكتابة عن الثورة تحتاج لبعض الوقت انظر مثلا متى كتب نجيب محفوظ عن ثورة 19 مايكتب الآن مجرد خواطر أو أعمال تسجيلية  أو انفعال وقتى اما كفن  ابداعى فينقصه الكثير. وكما تعلم اننى ثائر على الأوضاع منذ سنوات وفى عام 2006 حدث ماحدث لابنتى آلاء حينما كتبت ما كتبت  نتيجة ما تسمعه منى أو تراه فى الواقع السيئ الذى نعيشه فقد شاركت الأسرة فى الثورة كل فى موقعه وكان ولدى محمد يعود آخر الليل وفى يده قنبلة مسيلة من التى كان الأمن يلقيها عليهم فى الميدان عند المحافظة وكانت آلاء عند الجامعة ،والام عند الادارة التعليمية تهتف ضد الفساد.. وأقول أن الثورة مازالت مستمرة حتى يتم تحقيق كل الأهداف مازال أمامنا الكثير. 
 
■ أنت والد الطالبة آلاء فرج مجاهد التى كتبت موضوع تعبير تنتقد فيه النظام السابق .. كيف تتأمل هذه التجربة ؟
- آلاء فتاة من هذا الوطن تثور لأى فساد تراه كأى مصرية أو مصرى يحب بلده ويتمنى أن يراه فى مقدمة الشعوب لا يتسول معونة من هنا أو هناك. وتجربة آلاء يجب أن ننظر لها من منظارين الأول أن لدينا شباب واعى يدرك حجم مصر وحجم الفساد المستشرى فيه ، كنا نقول عنه بسخرية جيل الفيس بوك الآن أصبحت هذه الكلمة شهادة له والثانى هو مأساة الذين يحكمون مصر من منطلق ذاتى وكأنها عزبة خاصة ورثوها عن جدودهم ولا يقدرون قيمة وحجم هذا الشعب .