الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

غزة التي تحبنا




اندهش عشرات من المعلقين حين شاهدوا هذا الاحتفاء الجماهيري الغزاوي بفوز فريق منتخب مصر في بطولة أفريقيا.. حتي خرجت المظاهرات السعيدة في القطاع كما لو أنها في شبرا.. وتجمهر الفرحون في جميع أحياء الجغرافيا الفلسطينية.. بحيث لا يمكن أن تفرق بينهم وبين من خرجوا في حي الأربعين في السويس.

مفارقة الدهشة لدي هؤلاء هي: كيف يمكن أن تكون مصر قد أخذت موقفًا من أنفاق غزة وحدودها ويتفاعل الناس في القطاع بهذه الصورة مع حدث مصري كما لو أن الفريق الفائز فلسطيني وليس مصريا؟!

هؤلاء يتغاضون عن حقائق عظيمة.. ولا يوجد مبرر للدهشة.. أهل غزة هم من أهلنا.. ونحن من أهلهم.. الكثير من عائلات غزة.. بخلاف مناطق فلسطينية أخري.. لها امتدادات قربي مع عائلات في مصر.. مباشرة أو بالمصاهرة.. وهناك قبائل موزعة علي الجانبين.. بل إن اللهجة الفلسطينية في غزة لا يمكنك أن تفرقها عن لهجة المصريين ببساطة.. والأهم أن شعب غزة الحقيقي يدرك حجم التضحيات التي قدمتها مصر من أجل فلسطين.. ولا يغفل ما لانزال نقوم به من أجله وأجل بقية فلسطين علي مدار الساعة.

إذا ما فرق المندهشون بين غزة وحركة حماس سوف يدركون أنه لا مبرر لدهشتهم.. أهل غزة ليسوا هم حماس.. وهذه المظاهرات الفرحة كما لو أن (جدو) هداف مصر من الشجاعية وليس من حوش عيسي تثبت ـــ بما لا يدع مجالاً للشك ـــ أن هناك فاصلاً رهيبًا بين حركة حماس وأهل غزة وأن كل الدعاية المضادة التي تسوقها الحركة الموالية لسوريا وإيران إنما تخالف قناعات خلصاء فلسطين.

الدعاية الحمساوية السوداء، مهما كانت مكثفة، وتلقي دعما وتعضيدا من مؤسسات ومنابر مختلفة، أصبحت بلا قيمة أو تأثير، حين فرض هذا الموقف العاطفي الصادق نفسه علي شعب غزة.. فريقنا هو تقريبًا فريقهم.. وقد تمازجوا معنا ليس في مباراة النهائي التي تمازج معنا فيها كل العرب.. ولكن انصهروا معنا أيضًا في مباراة الجزائر.. تلك التي يتحدث المزايدون فيها عن أننا لا نساند غزة كما ينبغي بل يقولون إننا نخونها.. هذا الذي حدث هو رد كافٍ علي لوحة حملها بعض مشجعي الجزائر في استاد أم درمان قالوا فيها: إننا نحاصر غزة.. كما أنها رد علي حركة حماس.

أهل غزة الذين أصيب بعضهم في استعراض للدراجات البخارية الفَرِحَة بفوز مصر علي الجزائر.. ليسوا ضمن المافيا التي تستفيد من تجارات الأنفاق المحرمة.. ولهذا هم لم يتضرروا من منعها.. حين اتخذت مصر إجراءاتها ضد عمليات التهريب عبر الأنفاق التي تؤدي إلي فرار الإرهابيين وتهريب الأسلحة والمخدرات.. أهل غزة لا يستفيدون من هذا العمل الشائن الذي يدرجه البعض تحت بند المقاومة بينما هو فعل عصابات إجرامية.. أهل غزة ليس بينهم قاتل الشهيد المصري علي الحدود في يناير الماضي فهو من حركة حماس.

ومرة أخري يثبت مجددًا ـــ بما لا يدع مجالاً للشك ــــ أن الدعاية مهما تكثفت.. ومهما تآمرت المنابر من أجل تسويقها.. فإنها تكون بلا قيمة.. وتضيع آثارها فورًا.. حين تكشف الشعوب عن معادنها.. وبكل صدق وإخلاص وبدونما ترتيب.. ومظاهرات التعاطف مع الفوز المصري في غزة أثبتت ذلك.. ولم يكن ممكنا لحركة حماس أن تمنع هذا أو تطوقه.. رغم أنها يمكنها أن تنظم مظاهرات مرتبة ومأمورة يحمل فيها من قبضوا أجرهم صور الرئيس مبارك ويطلقون الشعارات المسيئة ضده.

الشعوب لديها بوصلة لا يمكن التشويش عليها.. والتاريخ الذي صنعناه من أجل غزة وغيرها من المناطق الفلسطينية لا يمكن تجاوزه ومحوه بجرة قلم.. والفجوات الهائلة بين من يدعون أنهم يتحدثون باسم غزة لا يمكن إخفاؤها في تلك اللحظات المجيدة.. ومن هنا فإنني أحيي أهل غزة.. وأوجه الشكر لهم علي مشاعرهم الصادقة وغير المزيفة والتي لم يرتبها أحد.
الموقع الإليكتروني : www.abkamal.net

البريد الإليكتروني : [email protected]