الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خلاف الأشقاء يشعل السباق النووى





كتبت - وسام النحراوى

ليس الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا هو النموذج الوحيد للحرب الباردة فهناك نماذج أخرى منها نموذج الصراع القائم فى شبه الجزيرة الكورية كنموذج مصغر، ولو أنها ليست باردة تماماً إذ أحيانا  ما تزداد سخونة حتى الانفجار، ربما كانت كوريا أقل المناطق تأثرا - حتى الآن- بالتغييرات التى أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتى والمعسكر الاشتراكي. إذ ما زال الوضع فيها على حالة من انقسام بين دولة اشتراكية يحكمها حزب شيوعى «الشمال» ودولة رأسمالية موالية للغرب «الجنوب».
إلا أن التطورات الأخيرة التى أعقبت المناورات الأمريكية الكورية الجنوبية الواسعة النطاق، والذى أعقبها انسحاب كوريا الشمالية من معاهدة «الحد من انتشار الأسلحة النووية» عام 2033، كان أول تحدٍ رئيسى «للنظام العالمى الجديد».
والوضع فى كوريا ما يلبث أن يهدأ إلا وسرعان ما يتوتر بدرجة تقترب الى الاشتعال من جديد، وقالت رئيسة كوريا الجنوبية «باك كون هييه» فى كلمة سابقة لها إن شبه الجزيرة الكورية تعيش على مدى السنوات الـ60 الأخيرة سلاماً هشاً فى ظل أطول اتفاقية لوقف إطلاق النار. تمتد جذور الصراع بين الكوريتين إلى نهايات القرن التاسع عشر، حين هزمت اليابان الصين فى حربهما الأولى عام 1895، واحتلت شبه الجزيرة الكورية، لأكثر من 10 سنوات، كما هزمت روسيا عام 1905، لتمتد سيطرتها على جميع أجزاء شبه الجزيرة الكورية لتضمها كمستعمرة تابعة لأمبراطورية اليابان.
ثم وقعت شبه الجزيرة الكورية فى أيدى الاتحاد السوفيتى بعد إعلانه الحرب على اليابان فى 1945 إثر الحرب العالمية الثانية، وتمركزت مع جيوشها فى كوريا الشمالية، وتوقف الزحف بعد استسلام اليابان عام 1945 بعد إلقاء الولايات المتحدة قنبلتين نوويتين على كل من «هيروشيما» و«ناجازاكي» معلنة نهاية الحرب العالمية الثانية، ولتقوم بالسيطرة على القسم الجنوبى من كوريا ووقف الزحف الروسى عليها بإحكامها السيطرة عليها وعلى اليابان والجزر المحيطة بها.
وبعدها اقتسمت آسيا وأوروبا بين الحلفاء المنتصرين كل من ألمانيا واليابان، الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من جهة، وروسيا وحلفائها من جهة أخرى، وذلك قبل اشتعال الحرب الأهلية بين الكوريتين الشمالية والجنوبية، فى يوليو 1950، نشبت بين الكوريتين حرب، إذ بدأ أهالى الشمال بالتعدى على الجنوب للتنافس على الحكم بين «ربى» فى كوريا الجنوبية و«كيم إيل سونج» فى كوريا الشمالية من أجل توحيد شبه الجزيرة الكورية لمصلحة كل منهما، إلا أن الجارة الجنوبية خسرت التنافس لانجرافها نحو الحرب الأهلية، وأيضا بسبب دعم السوفييت للجارة الشمالية، وبذلك تم الاستيلاء على «سيول» العاصمة الجنوبية، بعدها تدخلت الولايات المتحدة عبر الأمم المتحدة وبالتصويت عبر مجلس الأمن للتدخل العسكرى لحماية كوريا الجنوبية، وساعدت غالبية الدول فى التدخل العسكرى لمساعدة سيول، ودخلوا فى حرب كبرى جعلت شبة الجزيرة تنقسم إلى معسكرين، الأول كوريا الشمالية وحليفتها موسكو، وكوريا الجنوبية تحالفت مع الولايات المتحدة.
وجرت معارك طاحنة، استطاع الغرب على أثرها استرداد «سيول» والتوغل إلى «بيونج يانج» العاصمة الشمالية، محاولين الوصول للحدود الصينية، رغم تحذيرات الأمم المتحدة ومجلس الأمن من التمادى فى الحرب، خوفا من دخول الصين كحليف لكوريا الشمالية فى نزاع المعسكرين الروسى والأمريكى، ورغم هذه التحذيرات، استمرت القوات الأمريكية فى الزحف نحو الصين، التى تأهبت خوفا من غزوها معلنة الحرب على أمريكا فى عام 1951 بزحف أسطورى تقهقرت له الجيوش الأمريكية إلى ما بعد سيول، حتى انتهى الصراع بين هجوم وانسحاب من الطرفين الأمريكى من جانب والروسى - الصينى، بمعارك عديدة حتى وصلت إلى المنطقة المنزوعة السلاح الحالية بخسائر تجاوزت الاحتمالات، تنتهى الحرب باتفاق لوقف إطلاق النار فى 27 يوليو 1953، وتم تقسيم شبة الجزيرة الكورية على أثرها إلى الكوريتين، الشمالية وعلى رأسها «كيم إيل سونج» والتى تدعمها الصين والاتحاد السوفيتى، والجنوبية التى دعمتها قوات الأمم المتحدة والولايات المتحدة بكامل العسكرية.