الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إسرائيل تعترف بالفشل فى غزة.. و«نتانياهو» أمام «الجنائية الدولية» قريبًا

إسرائيل تعترف بالفشل فى غزة.. و«نتانياهو» أمام «الجنائية الدولية» قريبًا
إسرائيل تعترف بالفشل فى غزة.. و«نتانياهو» أمام «الجنائية الدولية» قريبًا




ترجمة ـ أميرة يونس ـ سيد مصطفى
 

اجتاحت حالة من الذعر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتانياهو، بسبب الطلب الفلسطينى للالتحاق بمحكمة العدل الدولية، فى الوقت الذى يمكن لإسرائيل أن تتخذ دور المدافع جيدا، فضلا عن تحرك سياسى وقائى ضد السلطة الفلسطينية فى المحكمة.
ذكر أريئيل كهانا، المحلل الإسرائيلى، أن تلك الحرب لم تبدأ الآن، ولكن بدأت فى عام 2002، والعصر الذى شغل فيه نتانياهو منصب وزير الخارجية، حيث لم تقتصر الحرب على المواجهات العسكرية، وإنما اشترك فيها السياسيون الفلسطينيون ضد مجموعة من الحقوقيين الإسرائيليين واليهود الذين وقفوا أمام إنشاء مؤسسة المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى فى هذا الوقت.

وادعى المحلل أن نظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية كان فى الأساس نتيجة لعمل العديد من الحقوقيين اليهود فى الخمسينيات، حيث بادروا لإنشاء المحكمة الدولية للجرائم ضد الإنسانية، لتجنب حدوث المحرقة مرة أخرى، وحاولوا ألا يجعلوها  فقط لليهود ولكن للبشر جميعاً.
وأكد كهانا أن بيكر، المستشار القانونى لوزارة الخارجية، التى كانت تحت قيادة نتانياهو آنذاك، حاول اللحاق بالرؤية الأخلاقية لتلك المحكمة الجديدة، وبالفعل انضمت إسرائيل إلى المحكمة قبل بضع سنوات، وكان نتانياهو قاب قوسين أو أدنى من التصديق على قوانينها، ولكنه كان متردداً، حيث قرأ الأوراق واستمع إلى بيكر مرة أو مرتين، وفى النهاية رفضها بسبب البند الخاص بنقل السكان المدنيين عن طريق الاحتلال، فى المنطقة المحتلة  سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة يعتبر جريمة حرب.
وأوضح المحلل أنه فى الشهرين المقبلين سيقوم المدعى العام للمحكمة، نسيودا باتو، بنشر قرار ما إذا كان يتم السماح للفلسطينيين بالانضمام إلى المحكمة أم لا، ومن المرجح أن تستجيب المحكمة  للطلب، على الرغم من قيام إسرائيل بسحب السلاسل من وراء الكواليس فى محاولة لإقناع المدعى العام بإسقاط هذه الفكرة.
وتابع: فى الوقت نفسه سجلت السلطة الفلسطينية انتصاراً رمزياً فى وقت سابق من هذا الأسبوع عندما أعلن أحد مراقبى المحكمة، أنه إذا كان رد المدعى العام إيجابيا ستكون المستوطنات الإسرائيلية واحدة من الجرائم التى ستظل معلقة على رقبة تل أبيب، من بين أمور أخرى، مثل اتهام ضباط جيش الدفاع الإسرائيلى والقادة بجرائم الحرب.
وانتقد كهانا الذعر الذى يجتاح الإسرائيليين من التحرك الفلسطيني، حيث لن يكون السلاح النهائى للفلسطينيين، منوها إلى أنه ستكون هناك معركة طويلة بين الفقهاء الدوليين، وينبغى الاستعداد للمعركة بكل قوة، ولكن الخوف لا يوجد ما يبرره.
وعرض المحلل بعض الأدلة لإفلات الجيش الإسرائيلى من تهمة  ارتكاب جرائم حرب، من بينها أن مجرد وجود النظام القانونى الإسرائيلى وقيامه بالتحقيق وفحص ما حدث خلال الحرب، يؤكد حتمية مقاضاة المحكمة له، ثانيا: الإرشادات القانونية الممنوحة لجنود جيش الدفاع الإسرائيلى المرتبط بكل من مدة الحرب وطريقتها، والتى تم تصميمه ليكون سترة واقية من الملاحقة الخارجية، كما أن اعتراف معظم البلدان الغربية بحق إسرائيل فى الدفاع عن النفس تسهم أيضا فى تعزيز القضية، وبذلك يتم التعامل مع الشق  الأول من جرائم الحرب.
وأوضح كهانا أن القضية الأكثر حساسية هى المستوطنات، حيث تعرف الاتفاقية السياسية الدولية الضفة الغربية بالأرض المحتلة، بينما إسرائيل ترفض هذه التسمية وتطلق عليها منطقة السامرة، موضحا أن الاحتلال هو موقف تعززه الأحكام السياسية الصادرة عن المحاكم العليا فى بريطانيا، وفرنسا، والتى يمكن تعيينها بشكل متعمد كمسألة حاسمة بقضية المستوطنات.
واتهم المحلل الإسرائيلى دلى نسيودا المدعى العام للمحكمة بأنه يبيت هذه النية، وذلك بعد الخطوة غير العادية والحكم الذى تم إصداره ضد الجدار العازل، بهذه الطريقة فقط سوف تحصل السلطة الفلسطينية الحق فى فتح تحقيق فى ادعاءات جرائم الحرب، وهو البيان الذى أدلى به أحد مراقبى المحكمة، والتى اعتبرها المحلل أنها إشارة واضحة إلى أن المدعى العام كان متحيزا لصالح الفلسطينيين.
وأشار كهانا إلى أنه حتى لو كانت المستوطنات تسمح للفلسطينيين بسحب إسرائيل إلى لاهاي، سيدفع الفلسطينيون فواتير عالية، لذلك بعشرات الصور القانونية، فإذا كان لدى إسرائيل بعض الثقوب فى الدفاع فيقابله غربال فلسطيني، منوهاً إلى أنه فى هذا الأسبوع فقط تقدمت إحدى المنظمات الإسرائيلية بشكاوى ضد العقيد جبريل الرجوب، ومسئولى منظمة التحرير الفلسطينية، وكلا من ماجد فرج، ورامى حمد الله، على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب وانتهاك حقوق الإنسان فى السلطة الفلسطينية، غير  الدعاوى المعلقة ضد خالد مشعل وأبو مرزوق واللذان سينضمان  إلى هذه الشكاوى.
ومن ناحية أخرى شن نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلى الجنرال يائير نافيه، هجوما شديد اللهجة ضد القيادتين السياسية والأمنية فى إسرائيل على خلفية إدارة العدوان على غزة، معلنا أن إسرائيل لم تنتصر فى هذه الحرب.
ووفقا لصحيفة يسرائيل ديفينس، فإن هذا الإعلان يمثل أول اعتراف رسمى من شخصية عسكرية رفيعة المستوى فى إسرائيل بفشل المخططات الاستراتيجية للجيش الإسرائيلى فى عملية «الجرف الصامد» التى شنتها قوات الاحتلال الإسرائيليى فى يوليو الماضى على قطاع غزة.، لافتة إلى أن «نافيه» عمل كمستشار لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي، وكان مرشحاً لخلافة بينى جانتس فى منصب رئيس الأركان.
وأوضح نافيه خلال مقابلة مع الصحيفة إن إسرائيل لم تعرف ماذا أرادت حماس خلال العدوان، وأنه على الرغم من معرفتها بمكان وجود جميع عناصر الحركة، فهى لم تدرك الخطوط الحمراء التى وضعتها حماس لنفسها، ولا مدى الضربة التى يمكن للحركة أن تتلقاها، وما إذا كانت هذه الضربة ستردع حماس أم لا.
وفيما يتعلق بالأنفاق الهجومية لحماس، يرى نافيه أن إدارة عملية «الجرف الصامد» كانت مخالفة كلياً للخطة التى وضعت قبل شن الحرب، مدعياً أن «قضية الأنفاق وما سببته من تحديات لإسرائيل تكمن فى الأساس فى تعامل القادة العسكريين معها ولا تمت بصلة لمسألة النقص فى المعلومات».
وعلى صعيد آخر انتقد نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلى ظاهرة تسريب المعلومات من جلسات «الكابينيت» المجلس الأمنى المصغر لإسرائيل، معتبراً أن اللحظة التى سرب فيها أعضاء فى الكابينيت أن إسرائيل لا تريد القضاء على حماس وإنما الاكتفاء بردعها، زادت ثقة حماس وتعززت قوتها المعنوية، ما أدى فى نهاية المطاف إلى إطالة مدة العدوان.
وتابع: إن استمرار العدوان خمسين يوماً جاء خلافاً لكل الاستراتيجيات العسكرية الإسرائيلية التى تقوم على أساس «الحرب الخاطفة قصيرة الأمد»، كاشفا أن التقديرات الإسرائيلية شابها الخلل وأن هناك حاجة ملحة إلى الاستعداد الآن لمواجهة تنظيم القاعدة وداعش والسلفيين فى سيناء، والمتغيرات الجارية فى لبنان».
وفيما يخص الصعيد اللبنانى قال نافيه إن البلاد لم تعد ساحة مفتوحة أمام حزب الله فحسب، بل وصل الأمر إلى تدخل قوات تابعة للقاعدة وجبهة النصرة، الأمر الذى من شأنه أن يدفع قسم الأبحاث والدراسات فى الجيش الإسرائيلى إلى عدم الإبقاء على المعلومات التى حصل عليها، بل يجب أن يصبح أكثر مرونة وانفتاحا فى قراءته للخريطة الإقليمية والقوى الفاعلة فيها، مختتما باتهامه للجيش الإسرائيلى باهمال البحث الاستخباراتي.
إلى ذلك كشف وزير الأمن الإسرائيلى السابق ورئيس الحكومة الأسبق، ايهود باراك، عن مداولات أجراها مع رئيس الحكومة، بنيامين نتانياهو، ووزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، خلال ولاية الحكومة السابقة، وتبين منها أن نتانياهو رفض التقدم فى المفاوضات حول السلام مع الفلسطينيين دون موافقة ليبرمان، لكن ربما كانت هذه مجرد ذريعة.
وقال باراك فى مقابلة تنشرها صحيفة هآرتس: «فى بداية ولاية تلك الحكومة السابقة، اعتقدت أن الرغبة لإحداث نقطة زمنية يكون بالإمكان فيها التوصل إلى توافق واسع أو إلى حد أدنى من المعارضة لإمكانية شن عملية عسكرية إسرائيلية مستقلة فى إيران سيؤدى إلى إخضاع كل الأمور الأخرى، أى أنه إذا كان مهاجمة المنشآت النووية فى إيران هو الأمر الأهم فعلا، فإن الامتحان الوحيد للقدرة القيادية هو الاستعداد لإخضاع أمور أخرى من أجل تنفيذ الهجوم».
وأضاف باراك: إنه كان واضحا أن الدخول فى مفاوضات مكثفة مع الفلسطينيين سيزيل بشكل كبير الحواجز، وسيغير الوضع فى أوروبا، وبشكل كامل فى الولايات المتحدة، وهذا لن يجعلهم يصفقون لنا أو يشجعوننا على مهاجمة إيران، لكنه سيعتم على المعارضة.
وأشار باراك إلى أنه كانت هناك معارضة إسرائيلية داخلية لمهاجمة إيران من جانب جهاز الأمن ووزراء ورئيس الدولة فى حينه، شمعون بيريز، الذى عمل من أجل خلق الهلع البالغ لدى الجمهور، معتبرا أن هذا هلع لا أساس له، حيال ما سيحدث هنا إذا هاجمنا.
وتابع: عندما يواجه الناس مخاوفهم مقابل القيادة غير القادرة على جمع قواها النفسية للانشغال بالموضوع الفلسطيني، وهو الأمر المؤلم أكثر ولكنه الأبسط من حيث بنيته ووضوحه، فإنهم يتساءلون ما إذا كانت هذه القيادة قادرة أصلا على التعامل مع الأمر الأكبر؟.
وحول ما إذا كان نتانياهو يتذرع بموقف ليبرمان المعارض للمفاوضات مع الفلسطينيين، قال باراك: «لن تعرف أبدا إذا كان بيبى ليس قادرا أو أنه لا يريد».
وأضاف: «شعرت أكثر من مرة أنه نشأت لدى بيبى الإدراك بأن هذا التقدم بالمفاوضات هو الأمر الصائب من الناحية العقلانية، لكن مشكلته ليست فى مجال الإدراك، فهو يفهم التعقيدات.. وكان يقول لى فى نهاية الأمر: لسنا وحدنا، ولا يمكننا اتخاذ قرار حول هذا الأمرمن دون ليبرمان».
وتوقع باراك أن يمارس العالم ضغوطا على إسرائيل بسبب استمرار الاحتلال، وأن هذه الضغوط ستكون شبيهة بتلك التى مورست على جنوب إفريقيا إبان نظام الأبرتهايد، معترفا بأنه يجرى عمليات بطيئة لنزع الشرعية عن إسرائيل تحت سطح الأرض، حركة BDS للمقاطعة أو سحب استثمارات وفرض عقوبات على إسرائيل، كلها أخذت تتطور، واسمها مستعار من الحركة التى أدت إلى انهيار جنوب إفريقيا، التى كانت اقتصاديا وعسكريا أقوى من كل إفريقيا الواقعة تحت الصحراء الكبرى، ولكنها لم تصمد، لأنها لم تتمكن من الصمود فى العزلة الدولية.
واعترض باراك على طلب نتانياهو من الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية إسرائيل، واعتبر أن الأمر الحاسم لدى نتانياهو هو بقاؤه السياسى، منتقدا نتانياهو بسبب أدائه خلال العدوان على غزة فى الصيف الماضي، لأنه لم تكن خلال هذه الحرب صورة انتصار لإسرائيل، ولأنه ليس واضحا سبب استمرارها لمدة طويلة وربما هذا عزز حماس.
وأضاف باراك: إنه ليس مؤكدا أن الدمار الخطير أحدث شرخا بين حماس والسكان، لأنه ربما لم يشعر السكان بأن ثمة خياراً.. وبيبى قال خلال الجرف الصامد إنه عندما نفعل ذلك فإننا سنقضى على حكم حماس.
ورأى باراك أنه يتزايد عدد الإسرائيليين الذين يدركون أنه لا يوجد حل باستثناء ذاك الحل الذى كان مطروحا على الطاولة فى كامب ديفيد، أو مسار كلينتون أو أنابوليس، كلها ذات الشىء فى إشارة إلى حل الدولتين.
وعقب نتانياهو على صفحته فى موقع «فيس بوك» وحسابه فى «تويتر» على أقوال باراك، واعتبر أنه فى الموضوع السياسي، باراك لم يصح بعد وما زال يطرح مواقف يسارية تفتقر للمسئولية تماما مثل رفاقه فى معسكر اليسار، ليفنى وبوجى هرتسوغ، رغما من انتشار الإسلام المتطرف فى منطقتنا، مثلما رأينا الاعتداء الدموى فى فرنسا، فإن قادة اليسار باراك وليفنى وبوجى ما زالوا يحاولون تسويق حلم الشرق الأوسط الجديد الذى بات كابوسا منذ وقت طويل.
وأضاف نتانياهو: إنه «كرئيس للحكومة سأستمر فى مؤازرة ذلك بدفع القناة الهادئة مع الجهات المعتدلة فى العالم العربي، والتى هى فقط قادرة على إرغام الفلسطينيين على التوصل إلى تسوية سياسية تضمن أمن إسرائيل».