الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عبدالحليم حافظ عن يوسف شاهين: المجنون جايب لى اتنين شيوعيين يعلمونى الوطنية!

عبدالحليم حافظ عن يوسف شاهين: المجنون جايب لى اتنين شيوعيين يعلمونى الوطنية!
عبدالحليم حافظ عن يوسف شاهين: المجنون جايب لى اتنين شيوعيين يعلمونى الوطنية!




كتب: رشاد كامل
لن ينتهى الجدل والكلام حول وعن «عبدالحليم حافظ»!
كان «عبدالحليم حافظ» يشغل الدنيا بغنائه العاطفى والوطنى فى حياته فأصبح يشغل الدنيا - بعد رحيله سنة 1977- بقصص الحب والغرام والهيام!!
وما أكثر القصص والحكايات التى ظهرت فجأة بعد رحيله، لت وعجن لا نهاية له، حواديت لملء فراغ الصحف والمجلات ثم الفضائيات فيما بعد!!
ورحل «عبدالحليم» فى أواخر مارس 1977، أى منذ 38 سنة - ولا تزال أغانيه العاطفية والوطنية حية طازجة تنبض بأرق المشاعر وأصدقها، بل إن أغانيه الوطنية التى غناها لأمجاد وانتصارات ثورة 23 يوليو 1952 هى نفسها التى احتلت صدارة المشهد فى ثورتى 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013.
ومعنى ذلك ببساطة أن أغانيه لم تكن واجهة نظام ولم يكن ببغاء الثورة كما هاجمه البعض لقد غنى ما اعتقد أنه الصواب ولم يعبأ برضا أهل السياسية عنه وسواء يسار أو يمين!
صحيح أنه غنى للاشتراكية والعدل الاجتماعى والتصنيع التقيل وصورة وخللى السلاح صاحى لكنه فى نفس الوقت كان صديقا مقربا للملوك والحكام بل وغنى لهم كما غنى للبسطاء وجماهير الشعب!!
انحاز «عبدالحليم» للموقف الوطنى وليس لشعارات السياسة وعندما غنى عقب هزيمة يونيو 1967 قائلا: «ولا يهمك يا ريس من الأمريكان يا ريس» فقد كان المقصود هنا أن تقول مصر على لسان رئيسها «لا» لأمريكا!
ولم يكن «عبدالحليم» يحترف السياسة كان محترف غناء ولم يشغل باله أين يقف سياسيا؟!
وهو الذى غنى باعتزاز وفخر: الله يا بلادنا الله.. على جيشك والشعب معاه».. ثم جاءت ملايين الشعب بعد ذلك لتهتف بصدق أيضا:
«الجيش والشعب إيد واحدة أو الشعب والجيش إيد واحدة» والشعار صحيح وصادق فى المرتين والحالتين.
ومن غرائب السياسة التى تستعصى على الفهم أن أغانى عبدالحليم الوطنية ظلت ممنوعة طوال عصر الرئيس السادات و«عبدالحليم حافظ» هو الذى غنى وأنشد لبطل العبور  المجيد «عاش اللى قال الكلمة بحكمة فى الوقت المناسب»!! والأغراب أن الذى سمح بالإفراج عن هذه الأغانى الوطنية هو الرئيس الأسبق «حسنى مبارك» وكان ذلك فى أكتوبر سنة 1982 حسب رواية الأستاذ «مجدى العمروسى» الشريك الثالث فى شركة «صوت الفن» مع «عبدالحليم» والأستاذ «محمد عبدالوهاب».
أما الأغرب من ذلك كله فهو تلك الواقعة التى رواها الدكتور «هشام عيسى» الطبيب الخاص لعبدالحليم فى كتابه «حليم وأنا» وملخص الحكاية أنه فى عام 1972 كتب سيناريست إيطالى كان يعيش فى مصر ومتزوج من سيدة مصرية اسمه «لوسيان لمبير» سيناريو فيلم لعبدالحليم بعنوان «وتمضى الأيام» أعجب حليم بالسيناريو ووجد فيه فرصة ليقدم فيلما شديد الرومانسية تلعب فيه سعاد حسنى دور البطولة معه كانت القصة تمصيرا وتحديثا لقصة غادة الكاميليا وتوقع لها حليم جماهيرية غير مسبوقة!
ويقول د.هشام إنه قرأ القصة وأبدى عليها ملاحظة أعجبت عبدالحليم ويكمل: «أخذ حليم يبحث عن المخرج فاقترح عليه الدكتور «حسام عيسى» «شقيقه والاسم اللامع بعد ثورة 25 يناير» أن يعطيها ليوسف شاهين وكان الدكتور حسام مكلفا وقتها بالإشراف على قطاع السينما ولم يتردد عبدالحليم فى إسناد الفيلم إلى يوسف شاهين وحين حضر يوسف شاهين مساء ذلك اليوم إلى منزل حليم عقب مكالمة تليفونية كان حليم يرقد فى السرير إثر وعكة خفيفة وكان اللقاء جميلا وكانت هذه هى المرة الأولى التى استمع فيها إلى هذا العبقرى وأعتقد أنها أيضا كانت المرة الأولى التى يلتقى فيها بحليم لقاء عمل وقد بهرنا شاهين الذى استمع إلى السيناريو وأخذ يعلق عليه ثم يتكلم فى شتى المواضيع المتعلقة بالسينما والسياسة.
وكعادته أخذ يوسف السيناريو قائلا: إنه يعترض على بعض الأشياء وسوف يقوم بتغييرها كان من الضرورى أن يضع بصمته على أى سيناريو قبل أن يقوم بإخراجه.
وحسب رواية د.هشام فقد وافق حليم على كل شروط يوسف شاهين وطلب منه أن يذهب إلى العجمى حيث الفيللا الخاصة به ليبدأ الكتابة لكن شاهين أجل الموضوع فقد كان مشغولا بإخراج فيلم العصفور!
ومضت شهور قبل أن يرسل يوسف السيناريو المعدل إلى حليم ويقول د.هشام إن الشوق دفعه لقراءة السيناريو ولما انتهيت من قراءته توقعت أن حلم الجمع بينهما قد انتهى إلى الأبد! أضاف السيناريو إلى القصة شخصين هما أصدقاء البطل ولهما عليه أكبر التأثير أحدهما شاعر شعبى اسمه «أحمد فؤاد نجم» والآخر مغن أعمى اسمه «الشيخ إمام»!
ولم يخيب حليم ظنى ما أن بدأ فى قراءة السيناريو حتى لمعت فى عينيه نيران الغضب وانطلق يمزق الصفحات قائلا: «المجنون جايب لى اتنين شيوعيين يعلمونى الوطنية».
انتهى الحلم ولم يخرج فيلم «وتمضى الأيام» إلى الوجود!!
انتهت الحكاية لكن تبقى دلالتها وتمضى الأيام وتبقى أغانى عبدالحليم حافظ لا حكاياته الغرامية ومطاردة الجميلات له.