السبت 5 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عندما يتحدث الغرب باسم الإسلام

عندما يتحدث الغرب باسم الإسلام






كنت أتساءل كثيرا لماذا نفشل فى إقناع الغرب بما نريد بينما ينجح أهل الغرب بإقناعنا بما يريدون؟، وظل السؤال بلا إجابة مقنعة، حتى وجدت الإجابة أثناء حضورى محاضرة أيرينا بوكوفا المدير العام لمنظمة اليونسكو بمركز مؤتمرات الأزهر.. فهى لم تتحدث بما تعتقده وإنما بما نستطيع نحن فهمه لما تريد.
بوكوفا استطاعت فى كلمتها أن تجذب انتباه الحاضرين عندما بدأت كلمتها بإلقاء تحية السلام « السلام عليكم» وهى لا تجيد بالطبع اللغة العربية، فتحدثت بلغة الإسلام فى بداية خطابها حتى تقول اننا نريد منكم ما أراده الإسلام وهو السلام.. وفى دقة بالغة انتقلت لما تريده وتطلبه من المسلمين عامة والأزهر خاصة لمواجهة جماعات التطرف الدينى باسم الإسلام لكنها لم تورد الأمر على لسانها بل استشهدت بكلمات الرئيس عبد الفتاح السيسى حول أهمية الخطاب الدينى الذى يتماشى مع أوقاته وأعربت عن اعجابها بمقولته: «نحن المسلمين بحاجة إلى ثورة فى ديننا».. الأمر مثل لى فهما حقيقيا لقدرة الغرب على اقناعنا بما يريده حيث يستخدم لغتنا ولغة ديننا فلا نملك أمام ذلك سوى الاستماع والإنصات خاصة إذا كان العقل والقلب لا يرفضان القول، وترسخ ذلك فى نفسى حينما انتقلت للحديث عن العيش المشترك والتسامح وقالت: «إن الإسلام هو مصدر الالهام للعالم اجمع فى هذا الأمر واستدلت بإحدى الآيات دون ان تخالف عقيدتها فلم تقل قال الله تعالى ولكنها قالت يقول القرآن الكريم: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا».. هنا بدأت افهم أن ممثل الغرب بهيئاته يتمسك بعقائده لكنها لا يتوانى أن يذكر ما فى عقيدة المسلمين ليقربهم ويوصل لهم ما يريده. . كما حملت كلمة مديرة اليونسكو كلمة إنصاف للأزهر حين ذكرت أن الأزهر منارة المعرفةوأن تأثيره وقيادته لا مثيل له فى مصر وخارجها»..ولم تنس أن تذكر الاستخدام السيئ للإسلام فأشارت إلى أن الفهم الصحيح للإسلام يعد أمرًا أساسيًا لتقوية الروابط الإنسانية المشتركة، خاصةأننا نشهد تصاعد تيار العنف، حيث نشهد صراعات تمزق المجتمعات، ونرى تطهيرا ثقافيا يحدث فى العراق وسوريا، حيث إن المتطرفين يستهدفون التراث الثقافى لضرب المجتمعات فى جوهرها ... واختتمت كلمتها بقول الله تعالى : «يا أيها الذين آمنوا أتقوا الله وقولوا قولاً سديدًا»..فكان لسان حال مديرة اليونسكو التى تمثل الغرب بفكره ومفاهيمه تعبيرًا صادقًا عما جاء فى الإسلام وصورة حية للغة الإسلام عندما يتحدث بها الغرب.. لكن يبقى أمامنا أن نتعلم أمرا مهمًا وهو كيف نثبت للغرب اننا نجسد الإسلام لا نتحدث به فقط وإلا أصبحنا أقل من الغرب الذى استطاع أن يتحدث معنا بلغة الإسلام.
إننا أمام تحد حقيقى لتطبيق الإسلام عمليا فى حياتنا والأمر يشمل ثورة حقيقية لديننا لا على ديننا كما يتوهم البعض.. ثورة تحقق لنا العودة الرشيدة لتعاليم الإسلام بلا إفراط أو تفريض.. عودة الأسرة لدورها فى تربية الأجيال على الدين وأخلاقه.. عودة لكل إنسان فى المجتمع لضميره فى عمله وما يقدمه لغيره.. ثورة تحقق لنا بناء ثقافة ان الضرر إن لحق فى الدين لفرد أو جماعة فإنه بالضرورة سيلحق الجميع لأن فساد الدين فى النفوس مرض قد يتحول لوباء مالم نواجهه ونصلح من أنفسنا.