الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
هل يعتذر وزير الزراعة؟

هل يعتذر وزير الزراعة؟






أذن، نجحت الحملة الصحفية التى قادتها جريدة روزاليوسف، وألغَى وزير الزراعة قراره رقم 1117الذى يسمح فيه باستيراد قمح مصاب بفطر «الإرجوت» غير الموجود فى مصر، بعد أن أثبتت الآراء العلمية لخبراء وعلماء مركز البحوث الزراعية وجامعتى القاهرة وعين شمس والمنوفية، صحتها وجديتها، وكل الذين اصطفوا لتبصير وتنوير الوزير الهُمام بفعلته الشنعاء فى حق مصر، فهل يفعلها وزير الزراعة ويعتذر لكل هؤلاء؟
شجاعة الاعتراف بالخطأ والاعتذار، ثقافة يتحلَّى بها الرجال الأحرار، ممن يؤمنون بحق المواطن المصرى فى الحفاظ على صحته، وعلى ثرواته الزراعية.
ثقافة الاعتذار يجيدها مَن يعرفون طريق الصواب والحق، ولا يخشون سوى الله، فلا يهابون وزيرا -أيا كان قُربه من دوائر صناعة القرار فى رئاسة الجمهورية، أو مجلس الوزراء - ولا يرضخون لأصحاب المصالح والسماسرة والمتاجرين بأقوات الغلابة.
هل يعتذر وزير الزراعة لكل من شكك «حواريوه وبعض مسئوليه» فى وطنيتهم، بالغمز واللمز تارة، وبالتلميح والتصريح أخرى، وبالمديح والذم ثالثة، وهم قابعون خلف الأبواب المُوصدة، والتكييفات المحكمة، يتربّصون بهذا، ويَحيكون مؤامرة لذاك، ويدسّون السُّم فى العسل لهؤلاء.
متى يعترف الدكتور «فايد» بأنَّ مصالح الوطن لا يحتكرها شخصه، ولا تتمثل فى ذاته، ولم يحصل على صَكّها من بنك الوطنية بمفرده، بينما الآخرون مدفوعون من هذا وذاك لمآرب فى أنفسهم، بحسب ما يصله من سُموم يصبّها فى أذنه ذلك «القرموطي» السابح فى الديوان العام!
اخطأ الوزير حين أصدر القرار، وأصاب حين قرر إلغاءه، ولكن إلى متى ستظل سياسة «الارتباك والتردد والأيدى المرتعشة»، تَحكم المشهد الواقعي، وتدفع الوزير للتوقيع على هذا القرار أو ذاك دون دراسة علمية مستوفاة، بعيدا عن رأى الوزير الفلاني، أو حتى رئيس الوزراء نفسه، فى الوقت الذى يردد الوزير -بحسب ما أعلم - أنه رجل يؤمن بالعلم!
هل يعتذر الوزير لهؤلاء الذين تم ترهيبهم، واستبعادهم، من القيام بمهامهم العلمية لصالح أولئك الذين ينفذون المقولة المصرية الشهيرة «ادبح يا زكى قدرة.. يدبح زكى قدرة» ضاربين بكل القرارات والقوانين والأعراف العلمية عُرضَ الحائط؛ لإرضاء معاليه، حتى يتمكن من الاستمرار فى منصبه أطول فترة ممكنة، متناسيا أن التاريخ يسجل كل ما يفعل هو ومسئولوه، ولنا فى السابقين عبرة وعظة، لمن شاء أن يتعظ.
لا أظن أن الوزير سيمسك يوما بهاتفه المحمول ليطلب كل الخبراء والعلماء الذين اعترضوا ونكّل بهم –زكى قدرة والقرموطى وتابعوه– ويعتذر لكل من تمّت إحالته للشئون القانونية للتحقيق، لرغبته فى الإدلاء برأيه العلمي، فى أزمة قمح «الإرجوت»، ليقول لهم «كنتم على صواب، وأخطأتُ»، ألم يعتذر أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- حين قال «أصابت امرأة وأخطأ عمر»؟
سيظل قَدَرُ الصحافة أن تسلك طريق الأذى، وتحمل مشاعل التنوير، وتكشف خطايا المسئولين، وتكافح سرطان الفساد، أيا كان مكانه وموقعه، هذا قَدَرُها، ولا سبيل للفرار منه، وربما لا يفهم هذا المسئول أو ذاك أهمية تلك المهنة، ورسالتها، ولكنه ربما يدرك يوما ما بعد خروجه من منصبه أو حتى وهو فى منصبه، أننا لا نبغى سوى مصلحة مصر؛ لأنها هى الباقية، وكلنا «فانون».