الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قصور الثقافة.. سيرة ومسيرة (1)

قصور الثقافة.. سيرة ومسيرة (1)






لم أكن أتخيل فى يوم من الأيام أن تجهض أحلام وطموحات الأدباء والمبدعين داخل أروقة هيئة قصور الثقافة، ويتحول الأمر بالنسبة لهم إلى كابوس مخيف، بهذه الصورة المزرية التى باتت محل علامة استفهام كبيرة وغامضة، فلصالح من يتم إقصاؤهم والتنكيل بهم، وإبعادهم على الوظائف الحيوية ومراكز إصدار القرار، رغم كفاءاتهم الإدارية والثقافية التى لا تخفى على أحد، بعدما كان ينتظرهم مستقبل باهر، فقد كان يحدوهم أمل كبير فى النهوض بهذا الجهاز الأكثر أهمية فى قطاعات وزارة الثقافة، والأكثر تأثيرا فى الناس فى كل ربوع مصر، لما يمتلك من مكتبات وبيوت وقصور للثقافة، تنتشر فى القرى والنجوع البعيدة والمحرومة من الخدمة الثقافية، فمنذ أن التحقنا بالجهاز فى أوائل التسعينيات، كانت الأجواء صحية، والكل يعمل بحب وإخلاص ومنافسة شريفة لصالح العمل والوصول به إلى أفضل صوره، ورغم أن حسين مهران رئيس الهيئة الأسبق - رحمه الله - كان موظفا إلا أنه كان محبا للأدب والأدباء وللثقافة بوجه عام، فرحب بكل جديد يخدم فكر وسياسة الهيئة وينهض بها، ولأنه كان ماهرا فى الإدارة فطنا ذكيا، استطاع أن يختار قيادات حقيقية من العيار الثقيل - إن جاز أن نسميها - كى تعاونه فى إدارة الهيئة، من الأدباء والفنانين، وهم: على أبو شادى، محمد خليل - رحمه الله - عبد الرحمن الشافعى، عمر البرعى، محمد السيد عيد، فؤاد قنديل - رحمه الله - فاطمة المعدول، سيد عواد، محمد كشيك، وأبو العلا السلامونى، أحمد الحوتى - رحمه الله - أحمد زرزور - رحمه الله - أحمد عبد الرازق أبو العلا، محمد عيد إبرهيم، وغيرهم وأخشى ألا أكون قد خانتنى الذاكرة، وأنشأ الأقاليم الثقافية واختار لها قيادات إدارية لا تقل أهمية عن هؤلاء أذكر منهم على سبيل المثال: صلاح شريط فى أسيوط، ومحمد سويلم فى المنصورة، فمن يستطع أن يغفل دور هؤلاء الكبار فى النهوض بالهيئة، فى شتى مجالاتها الثقافية والفنية، ورغم أن النشر كان وليدا ويصدر من إدارة فرعية، إلا أنه كان أكثر أهمية مما سمى الآن بتطوير النشر، وما هو إلا تقويض للنشر وعرقلته وتفريغه من مضمونه، واستطاعت هذه الإدارة الفرعية للنشر أن تحدث دويا فى مصر والعالم العربى لما تصدره من كتب مهمه، ولا ننسى أزمة «وليمة لأعشاب البحر» ثم أعقبها أزمة «الروايات الثلاث» وما دار من لغط حولهما وضجيج على المستوى العربى، مما جعل الأنظار تلتفت بقوة إلى كتب الهيئة واقتنائها، لدرجة اختطافها من الأسواق اختطافا، وقس على ذلك نهضة فنية لا تقل أهمية بحال من الأحوال عن النهضة الثقافية، شملت فرق المسرح، والموسيقى العربية، والفنون الشعبية، التى كانت تشارك فى المهرجانات الدولية، مثل فرقتى الشرقية وسوهاج للفنون الشعبية، ومهرجان الاسماعيلية للفنون الشعبية الذى كان يتطور عاما بعد عام، وكذلك النهوض بمسرح وفنون الطفل، وتطوير مؤتمر أدباء مصر فى الأقاليم يوما بعد يوم إلى أن صار برلمانا ثقافيا، وسط هذه القيادات الكبيرة، وهذه الأجواء الثقافية والفنية الصاخبة تربينا، وتعلمنا الالتزام والانضباط فى العمل، وكيفية التعامل مع الأزمات الإدارية والثقافية، فارتبطنا بالهيئة ارتباطا وثيقا، فهو بيتنا الثانى الذى ننتمى إليه نفسيا وثقافيا، والجميل فى الأمر أن هذه القيادات كانوا يعدوننا إعدادا كى نكمل المسيرة الناهضة من بعدهم، وسرنا على الدرب سنوات، وأعتقد أننا نجحنا فى كل الأعمال التى أوكلت إلينا ثقافية كانت أو إدارية.. وللحديث بقية.