الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«غنايم» وحواديت وحكاوى.. أحمد شوقى..!!

«غنايم» وحواديت وحكاوى.. أحمد شوقى..!!






حينما كتب أمير الشعراء أحمد شوقى حكاياته الشعرية للأطفال، كانت هذه الحكايات وقتها فنا جديدا على الساحة الأدبية العربية، فقد أراد شوقى أن يكتب أدبا لأطفالنا الصغار يقدم من خلاله القيمة والمثل، ويحبب أطفالنا فى الشعر، كتب حكاياته متأثرا بالشاعر الفرنسى «لافونتين»، حيث جاءت على لسان الحيوانات والطير فى معظمها، بجانب بعض الأناشيد والقصائد متعددة الأغراض، وقد دعا «شوقى» رفاقه من الشعراء والأدباء أن يكتبوا شعرا للطفل والأسرة، ولم تلق دعوة «شوقى» وقتها صدى لدى أصدقائه من الشعراء، ومن المعروف أن الحيوانات والطير هى الأقرب إلى عقل ووجدان الأطفال.
ومثلما جاءت حكايات «إيسوب» و«كليلة ودمنة» على لسان الحيوانات والطير، جاءت حكايات شوقى.. ورغم أن «لافونتين» قد اعترف أنه استفاد من كتاب «كليلة ودمنة» فى كتابة أشعاره للأطفال، إلا أن «أحمد شوقى» لم يذكر فى مقدمة الشوقيات أنه قرأ «كليلة ودمنة»، مثلما أنكر فضل الأسبقية للشاعر المصرى «محمد عثمان جلال» الذى سبق شوقى بسنوات طويلة، وكتب حكايات شعرية للأطفال، بعنوان «العيون اليواقظ فى الأمثال والمواعظ» متأثرا أيضا بـ«لافونتين»، وفى هذا غبن لعثمان جلال الذى لابد وأن قرأه شوقى ولو مرة واحدة، ولكن دعنا نعترف أن شوقى أحدث نقلة نوعية وتطويرا كبيرا فى تقنية الكتابة الشعرية عن كتابة عثمان جلال، لكن لا ننكر دوره فى الريادة مثلما لا ننكر دور «شوقى» المؤثر والرائد.
أراد الكاتب «مصطفى غنايم» أن يعيد صياغة حكايات «شوقى» الشعرية للأطفال، فى قصص نثرية، ظنا منه أن أطفال هذا العصر غير قادرين على فهم قصائد شوقى، وهو هدف سام فى جوهره، وشجاعة من «غنايم» أن يقدم على عمل لشاعر بحجم «شوقى» وينثره، وكنت أظنها المحاولة الأولى من نوعها، ولكننى فوجئت خلال الندوة التى أقيمت فى المجلس الأعلى للثقافة لمناقشة العمل، ومن خلال «غنايم» نفسه، أن هناك محاولة سابقة على محاولته، فقد قدم الكاتب الراحل «عبدالتواب يوسف» بعض حكايات «شوقى» بشكل قصصى، فى كتاب صدر عن هيئة الكتاب، عام 1982، ولأنها كانت مغامرة –فى وقتها- محفوفة بالمخاطر، كتب على غلاف الكتاب فكرة دكتور «عزالدين إسماعيل»، وكان يعمل رئيسا للهيئة المصرية العامة للكتاب فى ذاك الوقت، وهو أحد نقاد العربية الكبار.
اختار «غنايم» عشر حكايات شعرية وحولها إلى قصص للأطفال، صدرت فى ثلاثة أجزاء عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، برسوم للفنانة: صفاء عبدالظاهر، الجزء الأولى شمل خمس قصص، والثانى قصتين، والثالث ثلاث قصص. وقد أهدى الكاتب كتابه إلى: «أمير الشعراء الذى علم، وأبدع.. وأفاد، وأمتع، بحكايات شعرية لأطفالنا.. وما أروع»، وقدم الثلاثة أجزاء بمقدمة واحدة عرف فيها قارئ الكتاب باختصار على أمير الشعراء أحمد شوقى  ومسيرته الإبداعية خاصة للأطفال.
حافظ الكاتب على أسماء الحكايات كما وردت فى ديوان شوقى، ولم يغيّر فيها علاوة على أنه حافظ على أصل الحكاية كما هى، إلا أنه حاول صياغتها بشكل نثرى وبلغة عربية سليمة وبسيطة، إلا أنه وقع فى ارتباك فى صياغة بعض الجمل، وكان يجب عليه أن يتأنى فى صياغتها بما يليق بقيمة «شوقى» ووجه كتابه لأطفال المرحلة العمرية من سن 8: 14 سنة.
الجميل فى الأمر أن «غنايم» حاول قدر الطاقة المحافظة على شاعرية القصص، بأن استخدم تقنية «السجع»، «الجناس» الذين أحدثا جرسا موسيقيا محببا فى طريقة قراءة القصص، مما جعلها قريبة من روح كتابتها الشعرية كما وردت فى الأصل.
فطن «الكاتب» إلى أهمية تصويب الكلمات الصعبة فى نهاية كل قصة كى يسهل على أطفال تلك المرحلة فهم القصص، وقد أصرف فى ذلك وأورد نفس قاموس شوقى فى حكاياته الشعرية، وفى رأيى أنه لو قام بتبسيط المفردات لكان أفضل بكثير مما فعل، خاصة أنه لم يقدم جديدا من خلال ما كتب، غير أنه نثر ما قاله «شوقى» شعرا، ولم يضف إليه من عندياته، لتجعلنا تنساءل لماذا قمت بتقديم هذا العمل على هذا النحو؟، وكان بإمكانك أن تضيف إليه ليصبح جديدا، على كل حال يحسب «لغنايم» شجاعته على تقديم هذه الحكايات، وأن يتحرى الدقة فى الطباعات القادمة وتصويب ما جاء من ملاحظات لا تقلل بحال من قيمة هذا العمل الجيد.