السبت 11 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مجدى نجيب.. المتفرد «1»

مجدى نجيب.. المتفرد «1»






«اقفلوا الكراريس/ انتهى درس النهاردة/ لكن علشان تحبوا اللى حصل/ افتحوا عيونكم كويس واعرفوا/ إن مطرح كل وردة/ إمبارح/ والنهاردة/ كان فيه شهيد..»
  وهكذا جاءت أشعار مجدى نجيب، محملة بالهم الوطنى والإنسانى، والإحساس بالمسئولية تجاه هذا الشعب الذى ينتمى إليه، فهو أحد فرسان شعر العامية فى جيل الستينيات الأدبى، وحالة فنية متفردة إذ يكتب الشعر والأغنية ويكتب ويرسم للأطفال فى تناغم وانسجام، فلا يمكن أن تصفه شاعرا دون أن يكون فناناً تشكيليا، ولا فنانا تشكيليا دون أن يكون شاعراً، فهو الشاعر الفنان المعجون بنبض البسطاء من أبناء هذا الوطن، ويتجلى هذا من خلال أشعاره التى كتبها مستفيدا من الموروث الشعبى الثرى والمتنوع بتقطيعاته وتيماته الإيقاعية والنغمية.
 كانت بداية مجدى نجيب هى كتابة الشعر الفصيح، ولكن افتتانه وهوسه بأشعار الشاعر العظيم فؤاد حداد كانت سببا فى تحوله إلى شعر العامية، وحينما التقى بالشاعر الكبير صلاح جاهين عام 1962م يومها قرأ عليه بعض أشعاره التى كانت مليئة بالاكتئاب والحيرة، فنصحه جاهين بالسير على كوبرى عباس وشراء كوز درة مشوى والفرجة على العشاق، فاستجاب لنصحه، وكان مولد إحدى قصائده المسماة «الكوبرى» ولكنها جاءت هى أيضا حزينة ولم تفلح معها دعوة الابتهاج التى نصحه بها صلاح جاهين.
 ظل مجدى نجيب يكتب أشعاره وينشرها إلى أن أصدر عدة دواوين متميزة فى مسيرة شعر العامية المصرية وهى: «صهد الشتاء»، «الحب فى زمن الجب»، «ليالى الزمن المنسي»، «مقاطع من أغنية الرصاص»، «ممكن»، وقد أختار منذ البداية أن يكون مختلفا عن السائد والمألوف، خاصة وأنه يمتلك مخزونا فنيا كبيرا ويعرف أسرار اللون والظل والنور، فكتب القصيدة وكأنه يرسم لوحة تشكيلية، فتأتى صور قصائده ملونة بجميع الألوان الجملية، ومن هنا جاء تميزه واختلافه عن بقية شعراء جيله.
  ويقول عنه الناقد «على شلش» فى مقدمة ديوانه «مقاطع من أغنية الرصاص»: ظهر مجدى نجيب فى غمار حرب، ونضج فى غمار حرب ثانية، وتألق فى غمار حرب ثالثة.. ففى عام 1956 كانت البدايات الحقيقة لأشعار مجدى نجيب، وفى عام 1967 تقدمت هذه البدايات، وفى عام 1973 تألقت الأشعار فى يديه، وبدت أكثر نضجا وحكمة، وكانت كل حرب من هذه الحروب الثلاث تشحذ عصبا معينا فى تكوين مجدى نجيب الشعرى، وكذلك تصنع لشعره مصفاة تنساب منها همومه الذاتية، ولا يترسب فيها سوى مصر – الوطن والحب معا – وليس من الغريب إذا أن يصير شعره فى النهاية أو قل الجسم الرئيسى فى شعره أغنية حب وحرب فى وقت واحد، حب لهذه الأرض، وحرب على أى عدوان عليها، وأعتقد أن «الحب/ الحرب» هو المفتاح السليم لعالم مجدى نجيب الشعري.
  وحينما كتب مجدى نجيب الأغنية، تفوق فيها وصار من فرسانها الأوائل، إذ أبدع أغنية مختلفة فى الشكل والتناول حيث اتخذ التيمة الشعبية منطلقا له، وحرص على أن يقدم من خلالها معانى إيجابية جديدة تجمل الحياة، وتعمل على جعلها أفضل وأرقي، وأول هذه المعانى التى حرص عليها فى أغنياته أن يجعل الحب نظيفا وعفيفا وليس مبتذلا، لأن الحب فى أغنياته يعيش فى النور والعلانية ويطالب بحقه فى الوجود ويدافع عن نفسه فهو ليس سلبيا هذا بالإضافة إلى حرصه على بث روح التفاؤل وعدم اليأس فى النفوس.