الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الهم !

الهم !






حاول بعض الحكماء معرفة ما هو أقوى شىء على الكرة الأرضية فقالوا الجبال ثم وجدوا بعض الناس يحملون عدد من الفؤوس المصنوعة من الحديد ويكسرون فى الجبال.. فقالوا إذن الحديد أقوى من الجبال.. ثم جاءوا بالنار ووضعوا الحديد بها فانصهر الحديد.. فقالوا إذن النار أقوى من الحديد .. ثم وجدوا الماء تنزل من السحاب لتطفئ النار.. فقالوا إذن الماء أقوى من النار.. ثم فكروا قليلا وقالوا إن السحاب الذى ينزل منه الماء تحركه الرياح.. إذن فالرياح أقوى من السحاب والماء.. ثم وجدوا ان الإنسان يستطيع بناء حائط من الطوب أو الخشب يستطيع به صد الرياح أو توجيهها على الأقل.
 إذن فالإنسان أقوى من الرياح.. ثم وجدوا أن النوم والموت يستطيعان أن ينتصرا على الإنسان.. وتساءلوا ما الشئ الذى يكون أقوى من الإنسان وهو فى حالة اليقظة وليس النوم أو الموت.. فقالوا إنه الهم !.. نعم إنه الهم.. الهم عندما تتمنى شيئًا وأنت عاجز عن تحقيقه.. عندما يكون لديك شخص عزيز عليك مريض وعجز العلم والأطباء عن علاجه وشفائه.
 عندما يرحل عنك شخص ولا تستطيع أن تعيده .. عندما يطلب منك ابنك شيئًا ولا تستطيع تنفيذه.. عندما يكون لديك طموح ولا تستطيع تحقيقه.. ومن ثم لم ينطق عن الهوى محمدًا عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام عندما قال: «أعوذ بالله من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال « صدق رسول الله .. ويقول المولى سبحانه وتعالى فى سورة البلد «لقد خلقنا الإنسان فى كبد «أى أن الانسان يكابد ويكافح منذ مولده وحتى مماته من «المهد للحد» .. فالطفل يتعلم المشى ثم الكلام ويدخل بعدها المدرسة والتى يظل بها يكافح حتى يتخرج من الجامعة باحثًا عن ذاته.. ثم يبدأ مرحلة العمل وفترة أخرى من البحث عن الذات وشراء أعباء الزواج ثم يرزق بالأولاد ليكمل معهم المسيرة التى بدأها معه والديه حتى ينتهى المشوار.
 هذه الدورة يمر بها كل إنسان.
 والمشكلة أن الإنسان طلباته لا تنتهى فإذا اشترى الشقة اراد أن يكملها بالسيارة, وإذا حاله تيسر فلماذا لا تكون له فيلا؟ ويغير السيارة ويشترى سيارة أخرى لزوجته وأولاده.. طلبات لا تنتهى.. فهو لا يقنع أبدًا ويظن أن السعادة فى المال والجاه والسلطة والنفوذ.. فهو فى حالة لهث وراء طلبات الحياة وهو لا يعلم أنها رحلة مؤقتة لا طائل منها فلن يأخذ معه شيئًا. برغم أن المولى عز وجل يوزع الأرزاق بحساب, فكثيرًا ما تجد مليارديرًا أو مليونيرًا ولكنه عقيم أو مصابًا بمرض لا علاج منه, فامواله لم تنفعه لا بالذرية ولا بالشفاء.. وتجد كثيرًا من الرجال لديه أولاد وصحته جيدة لكن لا يملك المال.
 لكن كيف تواجه الهم والعجز يقول المولى عز وجل فى سورة سبأ الآية 13 « وقليل من عبادى الشكور» الشكر والرضا بما قسمه الله لك» لئن شكرتم لأزيدنكم « والإيمان بما قدره الله لك.. وكل إنسان سيحصل على ما كتبه الله له فى الوقت الذى حدده المولى عز وجل وليس فى الوقت الذى تحدده أنت..