الأربعاء 9 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«ليالى أوجينى».. قصص الحب المنسية!

«ليالى أوجينى».. قصص الحب المنسية!






تغافلت أو تجاهلت الدراما التليفزيونية على مدار سنوات طوال عن تقديم دراما رومانسية واكتفت بتصدير هموم ومشاكل المجتمع، أو بتناول علاقات اجتماعية معقدة أو أعمال الأكشن والجريمة حتى أصبحت سمة أساسية سواء خارج أو أثناء شهر رمضان الموسم الدرامى الأكبر، وبالتالى كان بديهيا أن تسحب منها الدراما التركية الريادة فى هذا المجال، حتى وإن كانت مملة أو بطيئة الإيقاع، وحدثت حالة من الشوق أو ربما الجفاف والتصحر للمشاهد المصرى لقصص الحب التى أصبحت منسية من قبل كتاب الدراما المصرية.
«ليالى أوجيني» حاول أن يعالج هذا التصحر والغياب الرومانسى الطويل بعمل يحاكى الدراما التركية شكلًا وإيقاعًا حتى وإن كان مأخوذا عن عمل فنى إسبانى «أكاسيس 36»،  لم يخرج المخرج هانى خليفة فى صناعة المشاهد الرومانسية بين كريمة أو كريمان وفريد عن الشكل التركى الذى أحبه المشاهد أو المشاهدات المصريات وألفوا متابعته، بدلا من أن نقدم قصة حب مصرية حقيقية وليست تركية مفتعلة ويعد هذا العيب الأوضح بالمسلسل،  الذى احتوى على بعض الأشياء المصنوعة بجودة فنية عالية، وأخرى تغافل عنها صناع العمل، فانقسم المسلسل إلى عدة مستويات أو أقسام القسم الأول بالتياترو الذى صنعت مشاهده بحرفة فنية عالية ضمنت للمشاهد المعايشة داخله ثم علاقة عزيز بوالدته وشخصيته التى رسمت بإتقان شديد، والذى بدا طفلا صغيرا فى هيئة رجل كبير يعشق أمه وحبيبته لكنه حائر فى اتخاذ قرار نهائى بينهما، دعم بزوغ وظهور هذه الشخصية أداء مراد مكرم الممتع والذى وضع قدمه على سلم النجومية بهذا العمل على وجه التحديد، وكذلك كان أداء والدته ليلى عز العرب، ثم عودة نادين راقصة البالية كممثلة أثبتت وجودها بمهاراتها فى أداء دور لولا نجمة التايترو، وأسماء أبو اليزيد التى أصبحت نجمة لا يشق لها غبار والتى بدت طوال العمل يقظة المشاعر والحواس فى أداء دور جليلة الطموحة والشغوفة بتحقيق حلمها حتى ولو قاطعت الجميع من أجله, وكذلك بطرس غالى صاحب الخبرة الأعمق والأكبر والذى بدا بأدائه فى شخصية صدقى بك شديد الحكمة والبساطة والعذوبة وهكذا أيضا كانت انتصار زوجته فى دور نعمات، وخالد كمال الذى تفوق على بطلى المسلسل فى مشاهده معهما، وإنجى المقدم التى كتبت شهادة ميلادها كممثلة بدور صوفيا.
لكن هل حقق المسلسل إجمالا الهدف من وراء صناعة دراما رومانسية مختلفة جيدة الصنع ؟! الإجابة للأسف لا،  لم تتوقف الأزمة فقط عند الأداء الضعيف والهزيل لبطلى العمل ظافر العابدين وأمينة خليل باعتبارهما بطلى الحكاية بينما تكمن الأزمة وبشكل واضح فى سيطرة الشكل التركى فى تناول قصة الحب سواء من خلال أسلوب التصوير الذى اعتمد على تقنية ال «slow motion» فى مشاهد عديدة وكذلك فى طريقة عرض مشاهد الحب وإيقاع الحوار والسكتات بين الكلام فى أغلب الأحيان وضاعف من الشعور بذلك زوجته اللبنانية وهى اللهجة الأشهر فى الدراما التركية، ثم ضعف المواقف والأحداث التى بنيت على أساسها قصة الحب بينهما، واعتماد كاتبتى العمل على استخدام جمل حوارية رنانة أغلب الوقت وكأنهما عن عمد أو غير عمد كتبا حوارا مفتعلا شغلهما التنازع على الريادة فى اقتباس عبارات عنهما أكثر من كتابة حوار ممتع ومحكم لقصة حب بدت ضعيفة إلى حد كبير سواء فى رسم الشخصيات أو أداء بطليها، فشخصية كريمة تدعو إلى الاستفزاز أكثر من الشفقة، كما حاولا أن يصنعا منها شهيدة أو ضحية الظروف بل على العكس هى شخصية تسعى إلى تحقيق مصلحتها وسعادتها على حساب الجميع تركت خطيبها الأول من أجل رجل أحبها لكنها لم تحبه بل أحبت أمواله، فلماذا سعى المسلسل إلى الضغط على المشاهد للتعاطف مع شخصية خائنة مرتين وكاذبة فى معظم الأوقات،  حتى على حبيبها الذى أحبته كما تزعم من أعماق قلبها، هى فى النهاية شخصية عملية تحاول أن تطوع الظروف وكل شىء حولها لخدمة مصلحتها الشخصية مثل زوجته عايدة مع اختلاف ظرفيهما، فهى خانت خطيبها، ثم خانت زوجها وأوهمته بالعودة إليه فقط كى تعيد ابنتها برغم حبه الشديد لها وفى النهاية ينتحر من أجلها..!
هناك خلل واضح فى رسم هذه الشخصية التى بدت ميلودرامية بلا هدف أو مبرر، برغم أنها ليست ضحية بل هى من ضحت بنفسها من أجل نفسها، ثم شخصية الدكتور فريد الذى يعيش مع زوجته تأدية واجب، وهو شخصية كتومة تعمتد على مشاعرها الداخلية أكثر من البوح،  لم يوفق ظافر العابدين على الإطلاق فى أداء هذه الشخصية وكان الاختيار الأسوء بالعمل!! لكن فى المقابل كان هناك مستوى آخر وشكل مختلف من قصص الحب أو إفشاء مشاعر الحب بشكل عام بين الجميع مثل شخصية صوفيا التى تحب الجميع بلا مقابل وكذلك نعمات والحب الذى نشأ بين جليلة وكريمان وحب عزيز لصوفيا الذى لا ينتهى هذا الشكل من العلاقات الإنسانية وفق فيه المسلسل بشكل كبير أكثر من قصة حبه الرئيسية،  التى اعتمدت عليها الحدوتة بالكامل وفى النهاية جزء كبير من نجاح العمل يعود إلى تعطش المشاهد وتصحر الدراما من هذه العلاقات الإنسانية العذبة التى اعتمدت على الصفاء النفسى لأصحابها، وكذلك مهارة المخرج هانى خليفة فى اختيار الديكورات والأزياء ومواقع التصوير، لكن كان يمكن أن يكون لـ«ليالى أوجيني» شأن أعظم فى قصص الحب المنسية!