الجمعة 5 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الحنين إلى «روزاليوسف»

الحنين إلى «روزاليوسف»






سعدت كثيرا بدعوة الصديق العزيز الأستاذ أحمد باشا رئيس تحرير جريدة «روزاليوسف» لى بمعاودة الكتابة بالجريدة الغراء، وذلك فى لقاء جمعنى به مؤخرًا بمكتب الصديق المهندس عبدالصادق الشوربجى رئيس مجلس إدارة المؤسسة، بعد سنوات طويلة من البعاد، نتيجة تزايد أعباء والتزامات العمل، وأحسستُ حينها بمشاعر دافقة، عكست ما يتخالج فى وجدانى من الحنين إلى «روز اليوسف»، كواحدة من أهم نوافذ التنوير للعقل والفكر المصرى والعربى منذ ما يقارب مائة عام «حيث تأسست فى أكتوبر 1925، ومن ثم لم أتردد لحظة فى الموافقة الفورية على هذه الدعوة الكريمة، لأعود كاتبًا لمقال أسبوعى فى هذه الجريدة الحبيبة إلى نفسى، والتى شهدتُ مولدها عام 2005 برئاسة تحرير صديقى الصحفى المغفور له الأستاذ عبد الله كمال، وتشرفتُ بكتابة مقال أسبوعى بها حتى أواخر عام 2008، ومن بعدها تسارعت الأحداث، وتوالت حتى كان هذا اللقاء الذى أعتبره بداية جيدة للتواصل مع قراء «روزاليوسف».
والواقع أن هذا الحنين إلى “روز اليوسف” له ما يبرره على المستويين الموضوعى والشخصى، ذلك أن “روز اليوسف” كمؤسسة صحفية لها أصولها وسمتها الخاص فكرا وثقافة ومنهجًا وأداءً جعل منها بوتقة لصناعة أجيال متميزة من رموز الإعلام والصحافة والأدب والنقد عبر مسيرتها الممتدة عشرات السنوات من لدن مؤسستها اللبنانية - المصرية السيدة الفاضلة روز اليوسف، والتى حفرت اسمها بحروف من النضال والثبات فى ذاكرة وحاضر الصحافة المصرية، ومرورا برجال ونساء من المصريين المخلصين لمبادئهم وقيمهم، وقد صنعوا مجدها بمواقفهم الوطنية وأقلامهم المهنية، وكان لكل إصدار من هذه المؤسسة نكهة خاصة، سواء “روز اليوسف”، المجلة  أو الجريدة، ومجلة صباح الخير، والكتاب الذهبى، ومؤخرا البوابة الإلكترونية، مما رسخ فى وجدان القراء مصداقية هذه المؤسسة وتميز صحفييها ومحرريها وكتابها، وكذلك بنخبة من الفنانين والرسامين الذين كانت لهم بصماتهم الواضحة فى مسيرة المؤسسة الصحفية.  
أما عن المستوى الشخصى، فالحنين إلى “روز اليوسف” يُعزى لنشأة علاقاتى بها منذ ما ينيف على عشرين عامًا، وأذكر بكل الاعتزاز والفخر أسماء مرموقة وأحداثا متنوعة، شكلت حالة فريدة داخلى، جعلت من “روز اليوسف” «المبنى والمعنى» علامة بارزة فى ذاكرتى الإيجابية، وقد ربطتنى بهم صداقات حقيقية ومناقشات فكرية ووطنية فاعلة من أجل مصرنا الغالية كنانة الله فى أرضه، وأذكر تلك الأيام التى قضيتُها فى ردهات المؤسسة لتنفيذ مجلة التشريع التى كانت تصدر عن وزارة العدل والتى كنتُ مديرًا لتحريرها، وكتابين صدرا لى عن «الكتاب الذهبى» ومدى الكفاءة الفنية والمتابعة الدقيقة لمراحل التجهيزات والطباعة.
فإلى قارئى «روز اليوسف» - الذين أعتز به - أعود اليوم بمقالى الأسبوعى وقد اخترتُ له «الوعى بالقانون»، وهذا العنوان هو ديدنى طيلة مسيرتى القانونية التى بدأت منذ أكثر من ثلاثين عامًا، وأوضح بداية أن ذلك الوعى بالقانون ليس مجرد معرفة التشريعات والنصوص القانونية، كما أنه لا يعنى تلك المناقشات النظرية والندوات القانونية التى تدور بين أوساط رجال القانون المتخصصين، من أساتذة وفقهاء وقضاة وبرلمانيين وغيرهم من المعنيين، والتى كثيرًا ما تبدو خارج الاهتمامات المباشرة للمواطن.. بل هو صورة متمازجة وشاملة لكل أنواع الثقافة العامة فى المجتمع وفى مقدمتها الوعى الاجتماعى، وهذا يعنى استيعاب المواطن لكل ما يدور حوله من علاقات ومفاهيم وأهداف من خلال تصورات قانونية سليمة.. بأن يتبنى هو القانون بذاته، وأن يعتبره قيمة من القِيَم التى يحترمها، وأن يتعامل مع واجباته بوصفها شيئًا وُجِد لمصلحته، حاضرًا له، ومستقبلا لأبنائه، وهو أمر لا يتأتى إلا من خلال وعيه بضرورة وجود القانون فى حياته، وبفائدته، وبأنه جزء لا يتجزأ من مسئوليته الشخصية، وهو واجب وطنى وأخلاقى لا مِراء فيه.. وكذلك تعميق إدراكه بأن هناك ناظمًا موضوعيًا يحكم علاقاته، وهو القانون..
وبالقانون .. تحيا مصر،0