حرب الدقائق الست

مع قدوم شهر أكتوبر كل عام نستقبل شحنات رائعة من الإحساس بالعزة والكرامة والنصر.. نتذكر خطاب السيد الرئيس محمد أنور السادات فى مجلس الشعب (النواب حاليا).
من حرب البسوس فى الجزيرة العربية قبل الإسلام والتى استمرت أربعين عاما.. إلى حرب المائة عام بين فرنسا وإنجلترا (استمرت 116 عاما).. إلى حرب الأيام الستة ثم حرب أكتوبر المجيدة والخطاب التاريخى للسيد الرئيس السادات الذى ذكر فيه جملته الخالدة: «إن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلا بالفحص والدرس أمام عملية يوم السادس من أكتوبر سنة 73 حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب واجتياح خط بارليف المنيع وإقامة رءوس جسور لها على الضفة الشرقية من القناة بعد أن أفقدت العدو توازنه كما قلت.. فى ست ساعات».
«ست ساعات».. استخدمها الرئيس السادات لدلالات كثيرة ومعبرة.. أفقدنا العدو توازنه فى ست ساعات وليس ستة أيام.. بعد ست سنوات تحولت حرب الأيام الستة إلى ست ساعات.. ربما ولكن بصورة عامة فإن قصر زمن الحرب له دلالات عدة.. منها تواضع قوة الطرف الآخر.
أعرف أن البعض سيخطر بباله سؤال عما هى أقصر حرب فى التاريخ وسيلجأ إلى محركات البحث على شبكة الإنترنت للحصول على إجابة.. واختصارا للوقت والمجهود أشير هنا إلى أن نتائج البحث ستتحدث عن حرب حدثت عام 1896 بين إنجلترا وزنجبار حيث تعتبر اقصر حرب فى التاريخ فقد استغرقت 40 دقيقة فقط.
مفهوم الحرب الالكترونية الحالى مختلف عن المفهوم العسكرى القديم والمستقر.. الذى بدأ مرتبطا بالطبع بوسائل الاتصالات.. ربما قبيل الحرب العالمية الأولى وتطور مع الرادارات وأنظمة التحكم والتوجيه الآلية.
المقصود هنا هو حروب الشبكات.. حروب أنظمة المعلومات.. ما يطلق عليه الحروب السيبرانية التى تستهدف الأنظمة الاقتصادية والتجارية بالدولة.. التى تستهدف البنية الأساسية الحرجة والخدمات العامة.. الأسرار الفنية والعسكرية وكلما يندرج تحت الأمن القومى.
إذا قلنا إنها حروب المستقبل فإننا بذلك نؤجل المشكلة إلى جيل قادم.. حقيقة الأمر أنها حروب بدأت بالفعل... الانتباه يجب أن يكون لمدى انتشارها فى المستقبل.. الانتباه مطلوب.. وللحديث بقية.