نظرية الشباك المكسور

حدث أن كان مدير محطة القطار الرئيسية فى مدينة نيويورك يمر ليتفقد سير الأمور ليلا .. وجد كسرا فى شباك صغير بالمحطة.. اتصل على الفور بمسئول الوردية ومدير إدارة التركيبات والأمن والمطافئ وفريق الطوارئ.. اجتماع سريع لمدة خمسة دقائق.. أعطاهم توجيهات مشددة.. انتظر حتى تم إصلاح الشباك وقيام وحدة الجودة بمتابعة التركيب والتأكد من متانة الزجاج الجديد.. تسلم فى الصباح تقرير مرور على جميع المحطات والتأكد من سلامة كل الخدمات والأنظمة وخلافه.
ما فعله مدير المحطة يراه البعض على أنه مبالغة واستنفار للقوات والإدارات بصورة مبالغ فيها لعلاج عطل صغير غير مؤثر على الاطلاق.. كان من الممكن تأجيله لوقت آخر أو تجاهله على الاطلاق.
البعض الآخر ممن لديه خبرة الإدارة والتميز نظر للأمر بصورة أخرى.. المدير أراد أن يعطى رسالة ويضع مستوى.. يعطى رسالة إلى جميع العاملين بالمحطة على أن لا تهاون فى أى عطل صغير .. فما بال بالأعطال الكبرى.. غير مقبولة على الاطلاق.. طالما حدثت كل تلك التجهيزات وحدث كل هذا الاستنفار من أجل زجاج مكسور فى شباك جانبى صغير.
ما حدث يضع مستوى مرتفع لجودة المحطة فى كل عملياتها الداخلية وانعكاس ذلك على جودة الخدمات المقدمة والشكل أيضا .. تخيل أن مدير المحطة مر ولم يعلق على هذا الشباك..  سيمر بعد أسبوع وسيجد عشرة شبابيك مكسورة على الأقل..  بعد عام سيجد المحطة وقد تحولت إلى خرابة..  لن يستطيع وقتها أن يتحدث عن شباك أو حتى مائة شباك .. سيكون هو الشخص المنتقد .. نحن مررنا بعشرات السنين والشبابيك مكسورة .. ما الذى تريد أن تفعله الآن ولماذا.. هذا ما سيدور فى عقول الجميع.. سيفكر المدير أنه من الأفضل هدم المحطة وتسريح العاملين والبدء فى مكان آخر بعمال جدد.
هذه النظرية مثلما هى مطبقة فى الحياة المادية فهى مطبقة أيضا فى عصر المعلومات بشبكات المعلومات والأنظمة الفنية المختلفة..  مع الفارق أن أى عطل صغير فى المنظومة يؤثر على كل مكوناتها بدرجات مختلفة .. تراكم الأعطال يؤدى لتدهور سريع .. لن تحتاج سنوات لتلحظه.. مجرد أسابيع قليلة وينتهى الأمر..  من هنا جاءت أهمية أعمال الصيانة والاحلال والتجديد .. الأنظمة التبادلية والشبكات البديلة لضمان استمرارية الخدمات.. تأمين الأنظمة والشبكات بات أمرا ضروريا لا يمكن تجاهله أو إغفاله.. جزء من تنافسية الأنظمة أن تكون مؤمنة..
 للحديث بقية.