الجمعة 26 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الاختصاص التشريعى للبرلمان

الاختصاص التشريعى للبرلمان






كلمة برلمان أصلها من كلمة «parler»الفرنسية وهى تعنى النقاش والحوار، وقد تأسس أول برلمان فى إسبانيا فى مملكة ليون فى عام 1118 م، ثم استخدم مصطلح برلمان لأول مرة فى بريطانيا عام 1236 م، ويطلق على البرلمان تسميات مختلفة حسب كل دولة مثل «مجلس النواب» أو «المجلس التشريعى» - «مجلس الشعب» - «مجلس الأمة» أو «المؤتمر العام الوطنى» أو «مجلس العموم» أو «مجلس الشيوخ» أو «الجمعية الوطنية» أو غيرها.. وقد يتكون هذا البرلمان من غرفة واحدة وهو نظام المجلس الواحد، وقد يتكون من غرفتين، أى مجلسين يطلق على أحدهما المجلس الأعلى، وعلى الآخر المجلس الشعبى أو الأدنى، وبحسب اتحاد البرلمانات الدولى، بلغ عدد البرلمانات الوطنية حول العالم 190 فى عام 2012، يطبق 40% منها نظام المجلسين مقابل 60% لنظام المجلس الواحد.
ويعد البرلمان هيئة تشريعية تمثل السلطة التشريعية فى الدول الدستورية، حيث يكون مختصًا بحسب الأصل بجميع ممارسات السلطة التشريعية، وفقًا لمبدأ الفصل بين السلطات، ويتكون البرلمان من مجموعة من الأفراد يطلق عليهم اسم النواب أو الممثلين. ويكون التحاقهم بالبرلمان عن طريق الانتخاب والاقتراع العام باستخدام الأساليب الديمقراطية، ويتم اختيارهم بواسطة المواطنين المسجلين على اللوائح الانتخابية فى عملية انتخاب أو اقتراع عام سرى ومباشر.
الاختصاص الأول لجميع برلمانات العالم هو التشريع، لأن التشريع هو مجموعة القواعد القانونية التى تنظم العلاقة بين أفراد المجتمع الواحد داخل الدولة ويشمل الدستور والقوانين واللوائح على اختلاف مسمياتها وأنواعها وأدواتها التشريعية من دولة لأخرى، والتشريع مرآة أى أمة يعكس مصادرها وأدوارها، ويقنن أعرافها وتقاليدها.. والتشريع كائن حى.. يولد.. وينمو.. ويحقق أهدافه ومراميه فى الحياة.. ثم قد يذبل.. ويهرم.. ويشيخ.. ويموت.. فبقاء التشريعات - عدا التشريعات السماوية - زمنا طويلا أمر يقترب من الاستحالة.. ذلك أنه مهما بلغت التشريعات من قوّة فإن ثمة عوامل وتداعيات عديدة تقتضى التعديل والاستبدال والإلغاء كذلك.. فقوة التشريع الحقيقية ليست فى قدرته على الثبات والصمود، بل مدى مواءمته للمتغيرات المجتمعية - ومن ثم - استجابته لها، بما يعكس تلبية حاجة المخاطَبين بأحكامه، فالقاعدة القانونية تتسم بالعمومية والتجريد والحياد والإطلاق فى إطار الحاجات الاجتماعية المتغيرة.
والمشرِّع عندما يبدأ فى معالجة موضوع ما.. يجب عليه أولاً أن يحدد الأهداف التى ينوى تحقيقها، ثم الحق الذى يحتاج إلى الحماية أو الرعاية القانونية، وأخيرًا السياسة التشريعية التى فى نطاقها يرى تلك الأهداف وذلك الحق.
وفى مجال التمييز بين الصياغة التشريعية والسياسة التشريعية، يأتى التمايز بينهما فى الإطار النظرى، فالصياغة هى التجسيد العملى للسياسة التشريعية المتبعة، وإذا كانت السياسة هى الهدف الخفى الذى لا يبوح فيه، فإن للصياغة مقوماتها ومهاراتها المتمثلة بمهارات وقدرات لغوية وقانونية تمكِّن الصائغ من نسج أحكام تعبِّر عن معنى النص وغايته دون لبس أو غموض.
وهناك فرق بين وجود التشريع وفاعليته.. فوجود التشريع يتمثل فى صدوره شكلًا من السلطة التى تملك إصداره وفقاً لأحكام الدستور وللقواعد والإجراءات التى وضعها لسنّ التشريع، أما فاعلية التشريع فلا تكون إلا بكفالة التغلغل الاجتماعى لأحكامه فى نسيج حياة المجتمع وعلاقاته، ولا يكفى لذلك أن تقف سلطة الدولة وراء القاعدة التشريعية تمدها بالهيبة والنفوذ، بل لا بد لتحقق هذه الفاعلية من اقتناع أفراد المجتمع بأن تطبيق أحكام التشريع شرط لازم لحُسن سير حياتهم الاجتماعية وضبط علاقاتهم.
وفى مصر ينفرد مجلس النواب بسلطة التشريع، وذلك بعد إلغاء مجلس الشورى فى دستور 2014م، فقد ابتدرت المادة (101) منه على أن يتولى مجلس النواب سلطة التشريع..، وتتوالى إجراءات التشريع خلال مراحل  عدة من اقتراح القوانين ومناقشتها فى اللجان النوعية، ثم الجلسات العامة حتى الموافقة النهائية عليها ثم إصدارها من رئيس الجمهورية.
ومن ثم، فمجلس النواب هو صاحب السلطة التشريعية لإصدار القوانين وفق مراحل تشريعية دستورية محددة.
«ونكمل الأسبوع المقبل خماسية مقالات السنة القضائية والبرلمانية»
وبالقانون.. تحيا مصر.