الجمعة 26 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الوطنية المصرية .. فى عيد الميلاد المجيد

الوطنية المصرية .. فى عيد الميلاد المجيد






بتشريف فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، احتفل المصريون ليلة عيد ميلاد المسيح عيسى – عليه السلام - بافتتاح صرحين وطنيين هما الأكبر فى تاريخ مصر وحاضرها؛ مسجد الفتاح العليم وكنيسة ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، وكم كان الاحتفال مهيبا رائعا توّج جهودا مضنية بذلها المصريون لإنجازهما فى فترة زمنية وجيزة، وأثبت للعالم كله بالدليل القاطع والبرهان الساطع أن الوطنية المصرية هى ديدنهم ورائدهم وهى البوتقة التى تنصهر فيها وجدانهم، وتنتج من خلالها وبها معانى السماحة وقبول الآخر والتعايش البناء الذى يمحو أفكارًا ظلامية، وهو ما يؤكد أن الوطنية التى تسرى فى عروقهم  هى الركيزة الأساسية للحياة فى مصرنا الغالية.  
لقد كشف هذا الاحتفال التاريخى بكل المقاييس عن فلسفة مهمة الدولة المدنية الديمقراطية الدستورية وهى المحافظة على كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن القومية والدين والجنس والفكر.. فهى تضمن حقوق وحريات جميع المواطنين باعتبارها دولة مواطنة، تقوم على قاعدة ديمقراطية هى المساواة بين المواطنين فى الحقوق والواجبات، وعليه فالمواطنون لهم حقوق يتمتعون بها، مقابل واجباتٍ يؤدونها.. وهذه المواطنة لصيقة كليا بالدولة المدنية، فلا دولة مدنية بدون مواطنة، ولا مواطنة بدون دولة مدنية، وعليه فالمواطنة لا تتحقق إلا فى دولة مدنية ديمقراطية دستورية تصون كرامة المواطن وقناعاته فى ممارسة معتقداته وأفكاره بالشكل الذى يؤمن بها فى إطار الدستور الذى أقره الشعب.
كما أثبت الاحتفال أن الوطنية الفاعلة هى اسـتشعار المسئولية وتحمل الأمانـة والقيام بكل ما يتطلبه صالح الوطن، وأنها تعتمد على الاتفاق القائم على أساس التفاهم من أجل تحقيق السـلام الاجتماعى وضمان الحقوق الفردية والجماعية، وأن تلك الوطنية شـعور وجدانى بالارتباط بالأرض وبأفـراد المجتمع الآخرين المتفاعلين على تلك الأرض، وهذا الارتباط الوجدانى تترجمه مجموعة من القيـم الاجتماعية التى تربط أفراد المجتمع الواحد وتحضهم على فعل الخير من أجل الصالح العام، كما أن المشروع الحضارى الديمقراطى التى تُشكّل الوطنية الفعالة عموده الفقرى هو الضامن لإنتاج فاعلية اجتماعية تصاعدية من خلال المجتمع الديمقراطى وهو المجتمع المتناغم فى تشكيلاته الهادفة لإقرار المصالح العامة التى تعود على مؤسساته وأفراده بالنفع المباشر، وهو المجتمع الممتلئ أصالةً وسيادةً ووعياً لذاته وأدواره ومسئولياته، وهو مجتمع الاختيار والقانون لا مجتمع القوة والاستبداد، إذ لا يتأسس على الغريزة والخوف بل يقوم على الحرية المُنتجة للاختيار والقانون المُنتج للنظام، لذا فالحركية والفاعلية والإبداع والتقدم نتائج موضوعية للمجتمع القائم على أساس الوطنية القانونية.
كما صحح الاحتفال عدة أكاذيب روجها المغرضون والمتآمرون لتأجيج الفتنة حول صراع الأديان، لأن الحقيقة أن كلمة (الدين) لم تأت فى القرآن الكريم بصيغة الجمع (أديان) على الإطلاق وإنما هو دين واحد تعددت (رسالاته ورسله)، وأن الذى تلقاه خاتم الرسل - محمد صلى الله عليه وسلم .. هو فى جوهره ما تلقاه الرسل من قبله، وأن الإسلام ليس ديناً منقطع الصلة بغيره من الأديان السماوية لأنها كلها نبعت من مشكاة واحدة.. ولذلك فهو يتفق معها ويعترف بها ويتعاون مع أهلها، وان ما يتفرد به من العقائد والعبادات ليس سبباً فى وجود عداء من أى نوع مع الآخر.. وهذا ما يفسر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمهاجرين الأوائل بالهجرة إلى الحبشة، ليعيشوا فى رعاية نجاشى الحبشة المسيحي، كإشارة إلى سيادة وشائج وعلاقات أخوة وتعاون، ومحبة وسلام بين بنى البشر أول وثيقة فى العالم للتعايش بين الأديان حررها النبى محمد صلى الله عليه وسلم فى مطلع الدولة الإسلامية فى المدينة المنورة وسماها (الصحيفة) وقد تضمنت نصاً اعتبرت اليهود مع المسلمين (أمة واحدة)، وهذه الوثيقة تعد مفخرة من مفاخر الإسلام لأنها سبقت المواثيق العالمية والدساتير الوطنية بقرون عدة فى مجال تطبيق مبدأ الحرية الدينية فى ظل الأمن والسلام الاجتماعى القائم على مبدأ الوحدة الوطنية بين ذوى العقائد الدينية المختلفة.
وبالقانون .. تحيا مصر،،