الجمعة 26 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الجرائم التقليدية .. والسيبرانية

الجرائم التقليدية .. والسيبرانية






انتشرت واستشرت فى الآونة الأخيرة جرائم سيبرانية مستحدثة لا سيما فى مجال التزييف والتزوير وما يمكن أن يرتبط بها من جرائم غسل الأموال، نتيجة غياب للوعى وما يرتبط به من ثغرات قانونية وإجرائية ورغبة فى الكسب الحرام والعبث بالأوطان لتنفيذ مآرب إجرامية تتعدى حدود الدول.
ومن المهم أن نوضح بداية النماذج القانونية التقليدية فى تلك الجرائم الثلاث.. فالتزييف هو أن تصدر صورة طبق الأصل لشيء ما من مصدر غير شرعى (خاصة النقود) وذلك بهدف الغش. فسكّ النقود وطبعها، هو مسئولية الحكومات الوطنية. وقد عُقِدت الاتفاقيات بين الأقطار المختلفة لمعاقبة المزيِّفين لعملة كل دولة منها. وتتخذ منظمة البوليس الدولى (الإنتربول) جانبًا كبيرًا من الاهتمام فى التحقيق حول المزيفين العالميين أمَّا صناعة تقليد البضائع ذات الماركات المعروفة ـ بما فى ذلك الملابس وأجهزة الحاسوب وقطع غيار السيارات المختلفة ـ فتدعى تزييف العلامات التجارية أو الانتحال، وعن التزوير فهو: العبث عمدًا بوثيقة مكتوبة بهدف الغش، أو الاحتيال، تتضمن أنواع التزوير المعروفة، التوقيع بطريقة احتيالية تحت اسم شخص آخر إما على شيك، أو على وصية، أو عقد، أو أوراق الهوية والشهادات العلمية وغيرها، وهناك نوع آخر من أنواع التزوير ألا وهو التزوير فى المخطوطات والأصول الأدبية المكتوبة، ويسمى أصحابها بمزورى الأدب، وعادة ما يقوم مزورو الأدب، بتقديم وثائق مزورة، على أنها مخطوطات نادرة، أما غسل الأموال أو تبييض الأموال فهى جريمة اقتصادية تهدف إلى إضفاء شرعية قانونية على أموال محرمة، لغرض حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو استثمارها أو تحويلها أو نقلها أو التلاعب فى قيمتها إذا كانت متحصلة من جرائم مثل: زراعة وتصنيع النباتات المخدرة أو الجواهر والمواد المخدرة وجلبها وتصديرها والاتجار فيها، واختطاف وسائل النقل، واحتجاز الأشخاص وجرائم الإرهاب وتمويلها، والنصب وخيانة الأمانة والتدليس، والغش، والفجور والدعارة، والاتجار وتهريب الآثار، والجنايات والجنح المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج والداخل، والرشوة، واختلاس المال العام والعدوان عليه، والغدر، وجرائم المسكوكات والزيوف المزورة والتزوير.
ولعل من أهم ما يميز جرائم التزوير والتزييف وغسل الأموال عن غيرها من الجرائم الأخرى هو طابعها الدولى، إذ إن لها – من جانب -  طبيعة الأفعال المكونة لها، ومن جانب آخر طبيعة مساسها بمصالح اكثر من دولة، ومن الخصائص العالمية ما يستوجب أن تنظر إليها السلطات المسئولة فى كل دولة نظرة ذات أهمية خاصة فى سبيل مكافحتها والعقاب عليها وملاحقة مرتكبيها، ولا تشكل تلك الجرائم خطراً على الدولة التى وقعت فيها فحسب، بل إن أثرها يمتد ليشمل طبقاً للاعتبارات الاقتصادية الحديثة، الدولة التى ارتكبت الجريمة فى إقليمها والدولة التى عبرت حدودها والدولة التى تحققت فيها النتيجة الإِجرامية لتلك الجرائم، فهى تنال إذنا باعتداء النظام العام العالمى، بل تؤدى إلى زعزعة الثقة العامة على نطاق واسع، لا سيما مع انتشار الوسائل  التكنولوجية الحديثة وسرعتها بشكل ربط دول العالم بعضها ببعض اقتصادياً واجتماعياً، مما ضاعف من آثار تلك الجرائم، وزاد من خطورتها.
وتشهد التقنية والتكنولوجيا الحديثة تطورات كثيرة واستحداث لجرائم جديدة، مما أطلق عليه الجريمة (السيبرانية) .. أو جريمة الفضاء الإلكترونى التى يملك المجرمون وسائل لا نهائية من أفعال إجرامية فى تلك الجرائم التقليدية.
هذا الأمر ينذر بتطور أدوات وسبل الجريمة السيبرانية بشكل أكثر تعقيدا أو أشد ضررا من قبل، الأمر الذى يُلزم الدول لتطوير آليات مكافحة هذه الجرائم واستحداث خطوط دفاع وسن قوانين ونشر ثقافة الوعى بالقانون بمستحدثات هذه الجرائم وتشجيعهم للإبلاغ عنها.
ومن ثم، تتبدى الأهمية القصوى لمبدأ سيادة القانون وحتمية احترام أحكامه، وجعل شعار (القانون أولا) هو الغاية الوطنية الكبرى، والهدف الأسمى لجميع أفراد المجتمع، للحفاظ على الأوطان والأمم والشعوب مما يتهددها من أخطار الجهل بالقانون، وانتشار الجريمة المنظمة، بشتى صورها وتعدد أفعالها، من تزوير وتزييف وغسل للأموال وما يسبقها ويؤدى إليها من أفكار التطرف والإرهاب الأسود الذى لا دين له ولا وطن، وطرح سبل ترسيخ  قيم ثقافة تواصل وتكامل الجهود المجتمعية المتنوعة، لتلك المواجهة الفاعلة فى الضمير الجمعى العالمى فهمًا ومعرفةً وعلمًا وعملاً وسلوكًا وتطبيقًا وقدوة وتحفيزًا للآخرين.
وبالقانون .. تحيا مصر،،