الجمعة 26 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
القضاء الدستورى فى خمسين عامًا

القضاء الدستورى فى خمسين عامًا






يحتفل المصريون هذا العام 2019  بمرور خمسين عامًا من نشأة القضاء الدستورى منذ عام 1969، لأن أحكام المحكمة الدستورية العليا ذات أثر عينى وليس شخصيا للمحكوم له كما هو الحال فى كافة الأحكام التى تصدرها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وهو ما يضفى على هذا الاحتفال الطابع الشعبى العام لجميع فئات وأعمار المواطنين لأنه يحمى حقوقهم ويكفل حرياتهم ويراقب دستورية القوانين واللوائح، ويفصل فى تنازع الاختصاص القضائى ويفسر القوانين، بما يصوب ويصحح المسار التشريعى وفقًا للدستور.
 ومن ثم تشرفتُ بإصدار كتاب توثيقى توعوى نشرته الهيئة العامة للكتاب خلال معرض القاهرة الدولى للكتاب، لدور القضاء الدستورى فى مصر عبر مسيرة امتدت خمسين عاما، صدر خلالها قرابة سبعة آلاف حكم وقرار من المحكمة العليا  ( 1969 – 1979 ) ثم المحكمة الدستورية العليا ( 1979 – 2019 ) ، وقد تخيرتُ منها ثلاثين حكمًا وقرارًا ، كفلت حماية حقوق الإنسان وضمانات التقاضي، وتنوعت ما بين عدم دستورية عدد من النصوص التى تضمنتها القوانين ورفض بعض الدعاوى أو عدم قبولها، وكذلك تفسير بعض النصوص التشريعية، وحسم تنازع الاختصاص بين جهتين قضائيتين، وذلك كله وفقا للنصوص الدستورية الحاكمة.
وقد راعيتُ فى  تلك الاختيارات أن تكون محققة لأهداف النشر العام لها لجمهور القراء، بحيث تلمس الجوانب الحياتية لهم، وترسيخ دعائم الوعى القانونى والدستورى والوطنى فى نفوسهم، إداركًا لغايات الدور التى تنهض به – بكفاءة واقتدار – محكمتنا الدستورية العليا،  وما أرسته من مبادئ المحاكمة المنصفة والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون وحرية العقيدة والمواطنة والتقاضى أمام القاضى الطبيعى وشرعية الجرائم والعقوبات، وغيرها، مما يدعم الجهود المجتمعية المتكاملة، لإعادة صياغة العقد الاجتماعى بين المواطن والدولة، لتحقيق أهداف التنمية والبناء والتقدم لمصرنا الغالية، كنانة الله فى أرضه .
فقد شهد عام 1969 البداية الرسمية للقضاء الدستورى فى مصر، حين صدر قانون إنشاء المحكمة العليا لتكون مهمتها دون غيرها الرقابة على دستورية القوانين إذا ما دفع أمام إحدى  المحاكم بعدم دستورية أحد القوانين أو نص فيه، وقد قررت المحكمة أن اختصاصها يمتد أيضاً إلى النظر فى دستورية اللوائح.
وفى عام 1971 صدر الدستور المصرى متضمناً - لأول مرة فى تاريخ الدساتير المصرية - فصلاً خاصاً بإنشاء المحكمة الدستورية العليا، بل وحدد لها اختصاصين أساسيين هما الرقابة على دستورية القوانين واللوائح، وتفسير القوانين، تاركاً للقانون تحديد اختصاصاتها الأخرى، واعتبرها هيئة قضائية مستقلة وأن أعضاءها غير قابلين للعزل تاركاً للقانون تنظيم كيفية تشكيلها والشروط الواجب توافرها فى أعضائها، وموجباً نشر أحكامها وقراراتها بالتفسير فى الجريدة الرسمية، وتاركاً للقانون تنظيم الآثار المترتبة على أحكامها بعدم دستورية النصوص التشريعية.
وفى 6 سبتمبر 1979 صدر قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979، وقد أناط القانون برئيس الجمهورية إصدار قرار أول تشكيل للمحكمة بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للهيئات القضائية بالنسبة للأعضاء دون الرئيس، وقرر القانون أنها تتألف من رئيس وعدد مناسب من الأعضاء، ولكن لم يحددهم، وألا يقل سن العضو عن 45 سنة، وأن تختار من بين أعضاء الـهيئات القضائية الحالية والسابقة الذين أمضوا فى وظيفة المستشار أو ما يعادلـها خمس سنوات متصلة على الأقل، وأساتذة القانون الحاليين والسابقين ممن أمضوا فى وظيفة الأستاذ ثمانى سنوات متصلة على الأقل، والمحامين الذين اشتغلوا أمام محكمة النقض والإدارية العليا عشر سنوات على الأقل، وفى 18 يناير 2014 صدر دستور 2014،  بعد ثورة شعبية انطلقت فى 30 يونيو 2013 ، واختص هذا الدستور المحكمة الدستورية بخمس مواد عالجت مختلف مثالب الدساتير السابقة.
وختامًا، نذكر – بكل الفخر والاعتزاز - قضاة المحكمة العليا والدستورية العليا الأجلاء، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ؛ منهم من قضى نحبه – رحمهم الله جميعا - ومنهم من ينير لنا حياتنا بالحكمة والموعظة الحسنة، وندعو  المولى عز وجل  لهم بالصحة واستمرار العطاء..  فهم – مع زملائهم قضاة مصر - سدنة للعدالة، وحراس للدستور والقانون.
وبالقانون .. تحيا مصر،،