الجمعة 30 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«فى أوروبا» .. الثقافة القانونية للجميع

«فى أوروبا» .. الثقافة القانونية للجميع






تشكل الثقافة القانونية قاسمًا مشتركًا فى المجتمعات الأوروبية، وتحرص معظم الجامعات هناك على تصميم برامج توعوية  (صيفية)  فى مختلف جوانبها، باعتبارها من الشواغل الأساسية فى مراحل التكوين للطفل والشاب التى تستهدف الفئة العمرية ( من 16 – 20 )، بهدف تنشئة أجيال تحترم القانون، وتقدس أحكامه، مما يساهم فى تنمية هادفة بناءة لتلك المجتمعات، تدعو للعمل والجدية والتسامح وقبول الآخر، وتنبذ العنف والإرهاب فى شتى صوره سيما أفكار السادية والإقصاء والتهميش، ولعل هذا ما يفسر - عبر عديد من التطبيقات – انضباط فطرى لدى معظم فئات وأعمار الشعوب الأوروبية.
ففى بريطانيا، تتيح جامعة لندن دورة صيفية فى القانون الدولى لمناقشة المفاهيم العالمية له، مع التركيز على الهياكل الأساسية الضرورية للتعامل مع أى مشكلة قانونية دولية، ويتم تعريف الطلاب على عدد من المشاكل المعاصرة للنظام العالمى التى تتطلب تطبيق القواعد والهياكل الأساسية لتطوير الوعى بكل من قيود وإمكانات القانون الدولى كأداة للتعايش بين الدول، بحيث يكتسب الطلاب القدرة على معالجة المشاكل القانونية الدولية بثقة بالإضافة إلى الوعى بالقضايا المعاصرة المحددة وكيف يتعامل القانون الدولى مع الشواغل الناشئة والمستمرة، أما جامعة كمبريدج وأكاديمية أكسفورد فتوجد بهما برامج تجمع بين الجلسات المخصصة لعملية تطبيق القانون مع الدورات التى يتعلم التلاميذ عن جانب من جوانب القانون ومن ثم مناقشة ذلك، ويركز الطلاب على ممارسة المهارات اللازمة فى مدرسة القانون والمحاماة مقابلة جيدة، ويُطلب منهم النظر فى أنواع مختلفة من الأسئلة التى يمكن طرحها فى المقابلات، وأفضل السبل لمعالجتها، كما يتعلمون كيفية كتابة مقال قانونى جيد وزيادة الوعى التجارى الخاصة بهم من أجل التقدم للوظائف والتدريب ذات الصلة فى القطاع القانوني.
وفى هولندا، توجد دورات صيفية – فضلا عن تلك التى تنظمها أكاديمية لاهاى للقانون الدولى منذ أكثر من تسعين عامًا – فهناك البرنامج الصيفى المتطور حول الإرهاب ومكافحة الإرهاب وسيادة القانون الذى تقدمه منظمة Asser، ويشارك فيه الخبراء والأكاديميون والممارسون الجوانب القانونية الدولية والمحلية لمكافحة الإرهاب، ويحصل المشارك على فرصة لإلقاء نظرة فريدة ومتعمقة على التحديات التى تأتى مع اعتماد وتنفيذ تدابير مكافحة الإرهاب مع ضمان احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية وسيادة القانون، وذلك من خلال  محاضرات لكبار المتحدثين فى هذا المجال، وجلسات تفاعلية، وزيارات دراسية، ومناقشات جماعية (قواعد تشاتام هاوس) وعروض تقديمية حول موضوعات تلك الدورات.
وفى إيطاليا، تقدم جامعة بادوفا ( كلية الحقوق ) تحليلات مستفيضة للقضايا القانونية والتجارية والسياسات التى تنشأ عند تقاطع القانون والتكنولوجيا والصناعة، ويقدم البرنامج المجالات الرئيسية للقانون الرقمى، حيث يزود المشاركين بنظرة ثاقبة فى مجال قانون تكنولوجيا المعلومات وتقديرًا للدور المهم الذى يلعبه القانون فى تعزيز التنمية الاقتصادية والتكنولوجية، خاصة فى تشجيع الابتكار، وبصرف النظر عن البرنامج الأكاديمى وقيمته التعليمية، فإن المدرسة الصيفية مهمة من وجهة نظر ثقافية، حيث سيكون لدى المشاركين فرصة حضور واحدة من أقدم الجامعات فى أوروبا، لاكتشاف فينيسيا الأصيلة وكذلك تبادل الأفكار والخبرات!
وفى فنلندا، تنظم  كلية الحقوق، جامعة هلسنكى برنامجًا حول القانون والمجتمع الصيفى فى الصين ! نعم فهم يهتمون بدراسة هذا الموضوع فى واحدة من أهم الحضارات المعاصرة وأنشئوا من أجله (مركز القانون الفنلندية - الصين) وقد تم تصميم هذا البرنامج لإعطاء الطلاب المعرفة العملية حول النظام القانونى الصينى، وبطبيعة الحال هومناسبة لكل من طلاب القانون وطلاب من التخصصات ذات الصلة، مثل الدراسات الآسيوية والعلوم الاقتصادية والعلوم السياسية والعلوم الاجتماعية. وكذلك البرنامح يقدم  للطلاب غير المتخصصين ودون معرفة مسبقة بالثقافة القانونية ودراسة الصين على حد سواء للالتحاق بها، بما يؤكد ويدعم ويشجع الولوج لتلك الحضارة الصينية العريقة – الحديثة.
ومن حصاد ما تقدم، يتبين لنا بجلاء أن الثقافة القانونية ليست قاصرة على المتخصصين فى القانون وفروعه المتشعبة والمتشابكة، وإنما هوملك لجميع فئات وأعمار المواطنين.
وبالقانون .. تحيا مصر،،