الجمعة 26 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ذكرى الشهيد هشام بركات.. والوعى بالقانون

ذكرى الشهيد هشام بركات.. والوعى بالقانون






نتذكر نحن المصريين بفخر وعزة وإباء وشموخ، أربع سنين مضت منذ اغتيال الشهيد البطل المستشار هشام بركات (النائب العام) الذى استشهد بغتة وغيلة – فى شهر يونيو 2015 –فى عمل إرهابى خسيس، فجاد بأنفاسه الطاهرة فى شهر رمضان المعظم، وهو يحمل سمة محامى الشعب.. والذى كان رمزًا لرجل صدق ما عاهد الله عليه، وحسبُه عند الله تعالى الشهادة، وأنه مع الأنبياء والصديقين والشهداء فى جنات النعيم، وأنه عند ربه حيٌ يُرزق، فهو مع الشهداء «أحياء عند ربهم يُرزقون» وما أعظمها من نعمة وأجدرها من جائزة ومكانة فى نعيم مقيم عند رب رحيم.. وأذكر فى هذا المقام إنسانيته التى كانت تجرى فى أوصاله مجرى الدم فى العروق، والتى استمرت معه حتى لحظة استشهاده، حيث ينقل شهود العيان أنه ظل حتى أنفاسه الأخيرة يسأل عما أصاب من كانوا معه ومن حوله حتى لقى ربه راضياً مرضياً، وقد تم تنفيذ حكم الإعدام فى 20 فبراير 2019 فى تسعة مدانين إرهابيين، وذلك بعد استنفاد كل طرق الطعن التى حددها القانون منتهية بحكم القصاص العادل، حتى يتسنى للمشاعر التى أفزعتها الجريمة أن تهدأ، والمضاجع التى أرقتها أن ترقأ.
ولعل ذكرى استشهاد المغفور له بإذن الله المستشار هشام بركات، تطرح – من جديد – كيفية وأد الفكر الإجرامى والإرهابى فى مهده، وأكرر دومًا أن مقاومة هذا العنف وذاك الإرهاب، يمكن أن نواجهها بالثقافة ونشر الوعى، وخاصة بتنمية ثقافة الوعى بالقانون، وتنطلق فكرة الوعى بالقانون من وعى الإنسان لذاته ولمكانته فى نشاط الناس الاجتماعى المشترك، وبناء عليه يكون على الذات مسئولية أخلاقية فى الضبط الذاتى للأفعال، أى أن الوعى يرتبط بالعلم والمعرفة والفهم والتطبيق ومراقبة الذات وضبط سلوكها وتوجيهه توجيهاً هادفاً، وتكون حقيقة الوعى بالقانون ليست فقط معرفة التشريعات والنصوص القانونية، بل هو صورة متمازجة وشاملة لكل أنواع الوعى الاجتماعى ، ورفع المستوى الثقافى والمعرفى للمواطن ليكون قادراً على استيعاب القانون وتقبل أوامره ونواهيه بشكل صحيح ، بل ويتبنى القانون ويجعله قيمة عليا يدرك أبعادها ويسعى لتطبيق موجباتها، حيث يشيع مفهوم الوعى بالقانون واحترامه، ويصبح ديدن الإنسان العادى معرفة ما له وما عليه حيث يسود مفهوم العدل فى المجتمع كله، ويصبح هذا الإنسان داعياً لاحترام القانون والنزول على أحكامه وتطبيق مواده بعيدا عن المحاكم حيث يسود العدل الاجتماعى ويعم الأمن والأمان، وتنتفى إلى حد ما بعض أسباب العنف والتطرف والاحتقان.
وقد كان لى شرف طرح مبادرة، نوقشت بالمجلس الأعلى للثقافة على مدار جلسات عمل استمرت ثلاثة أيام فى يوليو 2017، تهدف إلى استراتيجية وطنية لمواجهة الإرهاب بنشر ثقافة الوعى بالقانون ، شارك فيها مختلف أطياف المثقفين والمفكرين والقضاة والبرلمانيين وأساتذة الجامعات والإعلاميين وفقهاء الدين الإسلامى والمسيحى، وانتهت إلى وضع أطر عملية محددة لتنفيذ تلك الاستراتيجية بآليات عملية فى المدارس والجامعات ووسائل الإعلام ودور العبادة والدراما والفنون ومنظمات المجتمع المدنى ومراكز الشباب وقصور الثقافة وغيرها، وذلك بفتح قنوات اتصال دائمة لتفعيل تلك الآليات مع تطويرها وتحديثها باستمرار، واستمرار حالة الحوار العام والشامل حولها بين جميع الفئات والأعمار؛ قد يكون من بينها  نشر الثقافة القانونية من خلال إدخالها ضمن المقررات الدراسية فى مراحل التعليم المختلفة فى المدارس والجامعات والأكاديميات، ودعوة مراكز البحوث ووسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدنى ودور العبادة للمساهمة بدورٍ حيوى فى نشر ثقافة الوعى بالقانون وتنميتها وتعبئة المواطنين وتهيئتهم النفسية لتقبل الواجبات العامة التى يفرضها القانون على الجميع، ومطالبة بالتمسك بثوابت القانون، لتصبح ثقافة احترام القانون سلوكاً راسخًا، وممارسة حياتية فى الضمير الجمعى.
إن الدعوة لمواجهة الإرهاب إلى ثقافة التسامح وقبول الآخر فى إطار مفهوم الوطن والمواطنة، تشكل وعيًا جمعيًا يعبر عن الهوية المشتركة بين أبناء الوطن الواحد، مصرنا الغالية التى نبذل من أجلها النفيس والغالي، لتظل أيقونة متقدة فى العالم.
وبالقانون.. تحيا مصر،،