الجمعة 21 فبراير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«الباز».. و«الديهى».. وماراثون رمضان

«الباز».. و«الديهى».. وماراثون رمضان






جرت العادة أن يتلهف الناس ويتسارعوا على وجبات رمضان الدسمة من المسلسلات الدرامية دون غيرها من المعروض على سفرة شهرنا الفضيل.. غير أنه قد خاب ظنهم الموسم الحالى وانصرفوا عن هذا الطبق الذى كان أساسيًا ومحوريًا ينتظرونه من العام للعام، لن استعرض كل تلاوين البرامج التى قدمت فى هذا الماراثون الرمضانى، لكنى سأكتفى بما أشارك المشاهدين فيه الإعجاب بالمحتوى والتناول واحترام العقل ومحاكاته وانجذابه إلى منطقة للتلاقى المنطقى فكريًا بالبرهان والدليل.. فها هو برنامج أظنه يأتى فى مقدمة هذه البرامج ـ فى تقديرى- ويحتل المرتبة الأولى على قناة الغد التى حالفها الحظ بأن يظهر على شاشتها «د.محمد الباز» بثقله المعرفى والأكاديمى وخبرته العميقة كصحفى بارز وإعلامى من طراز خاص, مقدمًا بكل الجرأة وطارقًا بقوة «باب الله» ليطرح من خلاله صنوفًا من المسائل التى تشغلنا ولا نقربها، فأيقظ العقول ونبهها بإشارات توثقها مقاطع سينمائية ولقطات لشخوص معنيين بالقضية التى تطرحها كل حلقة على حدة؛ إمعانًا فى اقناعنا بالفكرة الأساسية والمحورية لبرنامجه»باب الله»: ألسنا جميعًا وقوفًا على بابه أيا ما كانت انتماءاتنا الدينية أو العقائدية أو المذهبية؛ ننشد الإجابات على كم من الأسئلة الحيرى التى تزدحم بها رءوسنا، لكننا نختبئ وراء الخوف؛ ظنًا منا أن هذا هو الأمر الصواب كالنعام ندفن رءوسنا فى رمال الجهل خوفًا من لقاء اليقين.. فجاء «الباز» ليذكِّرنا بالعديد من الأسئلة الأزلية التى تبحث عن إجابة لنشعر بالراحة والسكينة وننعم بالتصالح مع النفس دونما ترجيح منه لشىء ولا إرغام على رأي؛ بل يترك لعناننا العقلى الاستبيان واستخلاص الرهان. فكرة البرنامج جد جديدة وتم ترجمتها بحرفية عالية عملت على استيلاد نوع جديد من الخطاب الدينى الذى أعيتنا السبل فى البحث عن آلية لبلوغه حتى تبدأ خطوات الإصلاح للتعايش فى سلام ووئام وننزع فتيل الفتن والمنازعات.
وللموسم الثانى على التوالى يتربص الإعلامى «نشأت الديهي» بـ «أهل الشر» أيقونة ودرَّة الخريطة البرامجية لقناة Ten فأهل الشر لاينتهون، وقد حمل «الديهى « على عاتقه كما عودنا بوطنيته الزاعقة ونبرات صوته الناقمة المعنفة ضيقًا ورفضًا لهؤلاء بقوة وجرأة كطلقات مدفعية يصوِّبها إلى رءوسهم ليرديهم؛ متطوعًا بعرضه كله - على حد قوله - متحملًا سياط ألسنة زبانيتهم لموسمين متتاليين ناهيك عن برنامجه اليومى «بالورقة والقلم» مهمة فضحهم من خلال تطوير فكرة البرنامج بكشف زيفهم من خلال مايقولونه عن بعضهم البعض فيكشفون كل عوار ويدينون أنفسهم بأنفسهم ويسقط «الديهي» ورقة التوت عنهم فى محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المنساقين والمضللين منهم ليروا الحقيقة ويراجعوا أنفسهم فيما زلَّت أقدامهم إليه فكانوا لقمة سائغة وطوع بنان لإرهابيين مجرمين يتسترون بعباءة الدين وهو منهم براء. وكانت فرشاة الفنان المبدع عماد عبدالمقصود تلاحق الشخصيات المطروحة مظهرة القبح والسواد القلبى لتضفى عليها ختم أهل الشر.
وقيمة هذين البرنامجين فى تقديرى تنحصر فى كونهما يتربصان بمكامن الخطر على الدولة المصرية من تجارالدين خوارج العصر فغامرا بموضوعاتٍ مغرقة فى الجديَّة بعيدة عن التسلية التى تجتذب القطاع العريض من المشاهدين, فهما يذكرانا أن الوطن يحارب وأنه مستهدف؛ ناهيك عن التوتر الذى يجتاح العالم الاسلامي، فرمضان ليس معناه الغفلة عن الأعداء بل دومًا نكون على أُهبة الاستعداد وإن كان بالفكر فهو يجُب أعتى سلاح.
ودعونى أنتقل إلى الجانب الآخر من النهر؛ وهو الذى أظن أنه قد تم إدماجه ضمن البرامج لمجرد مساعدة الصائمين على «هضم اللقمة» بعد عناء ساعات الصيام والامتناع عن الطعام ومجاهدة العطش.. والنميمة! فقامت بإعطاء المشاهد «وجبة مجانية» لتمارس ذاته الداخلية الأمَّارة بالسوء امتصاص حرارة شمس النهار والجو المتقلب طقسًا وسياسةً؛ والتفضل بمنحه فرصة للغوص فى أعماق الحياة الشخصية للبعض ممن اغتنموا ـ فى غفلةٍ من الزمن الردىء ـ قسطًا من الشهرة والمال والسيرة التى تسعى خلفها برامج البحث الدءوب عن «الكَمْ» من المشاهدات؛ وليس «الكَيْف» الذى يثرى العقل والقلب والوجدان!؛ وهى البرامج التى تذوب وتتبخر من الأذهان بمجرد وضع «تترالنهاية»؛ ولا يتبقى من زخمها إلا كل الآثار السلبية التى تحفر مجراها ـ بسكين ثلم ـ فى أعماق الجمجمة الخاوية من ألف باء الذائقة الجمالية؛ لأنه يجلس للمشاهدة «متخمًا» بهذا الهزل والعبث الذى يصل بما أطلق عليه «بهدلة» لشخصيات مجتمعية محترمة من كل أطياف وألوان المجتمع المصرى من فنانين وأدباء ومفكرين؛ نضمر لهم فى سريرتنا كل التقديروالاحترام؛ لتجىء تلك البرامج لتعمل على «اهتزازصورتهم ـ بعنف ـ فى أذهاننا وأفكارنا عنهم،ناهيك عن برامج المقالب الانتقامية السخيفة التى تهدف إلى تشويه صورة النجوم من أجل حفنة دولارات!
أترك لفكر القارئ وحصافته وذكائه الاستدلال على ما أشير إليه من «برامج» حتى لانقع تحت طائلة المساءلة أو المعاتبة؛ لأنه بات من الواضح أن الأصابع والأقلام التى تشير إلى أى «عوار» مجتمعى؛ سيتكأكأ عليها بكل الهجوم «لوبى» الدفاع عن كل غثٍ فى دوائر بعض الإعلاميين؛ لبتر تلك الأصابع والأقلام التى لا تهدف إلا للصالح العام وبُغية تعديل مسار «بعض» لغة إعلام الركاكة والإفلاس الفنى الذى امتلأت به الساحة الفنية فى الحقبة الأخيرة، لأرى أنها كالقطار الذى خرج عن قضبانه ليدهس كل القيَم الجميلة فى مجتمعنا!
وااااا إعلاماه!
ويقينًا للحديث بقية!