رشدي أباظة
«الممر» وصفقة القرن!
بعد مشاهدة متأنية وعميقة لفيلم الممر التاريخى وجدت الفيلم يبعث عدة أشياء فى الصدور.
وجدت الفيلم يقول بوضوح إن العدو الاستراتيجى للدولة المصرية هو إسرائيل وهو عدو رئيس من بين أعداء أخر.
ويقول إن كفاح قوات مصر المسلحة تاريخى وباقٍ أبد الآبدين.
ويقول إن كل قيادات وأفراد الجيش أبطال لا فضل لأحد على أحد إلا بالروح والدم والفداء.
ويقول إن الفن المصرى رائد وعظيم ويستطيع الوصول إلى أعماق أعماق النفس المصرية بجلاء الحق والحقيقة فى أى وقت شاء متى شاء أنى شاء!
ويقول إن «الممر» هو ممر فنى حقيقى ينتقل بالأجيال من مرحلة وهم التعامل مع الصراع العربى الاسرائيلى كتراث تاريخى إلى مرحلة الحقيقة الحية.
ويقول إنه بينما يعرض فيلم الممر فى دور السينما المصرية وبينما يجسد الفيلم قصة نضال وطن كتبت بالدماء التى ولا يمكن أن تسقط بالتقادم.. لازالت حملات الترويج لما يسمى بصفقة القرن تحاول فرض نفسها على الواقع المصرى وعلى الوعى العام بهدف استكشاف ردود الأفعال الرسمية والشعبية أو محاولة التوجيه نحو سلوك معين يهدف إلى بلورة هذه الصفقة من خلال صيغة دولية تتخذ من الغطاءات التجارية والاقتصادية وسيلة لتصفية القضية الفلسطينية وتفريق دمائها على أطراف عربية متعددة فى مقدمتها مصر بهدف إخراج الصراع من إسرائيل ونقله إلى حالة سجال (عربية - عربية).
يقول إنه بينما ذلك يتم يأتى الفيلم ليجدد وديعة الإدراك الاستراتيجى لدى أجيال المواجهة المستقبلية التى تعرضت لحالة من النسيان القسرى فوجدت نفسها أمام شاشات الفيلم فى حالة محاكاة وطنية لملحمة تجسد حقيقة الأثمان التى دفعتها مصر من أجل القضية الفلسطينية.
الفيلم ينقل أجيالا من المشاهدين إلى عوالم ومشاعر تم التعتيم عليها لسنوات طويلة فيربط تلك العوالم بواقع حالى فتتجدد حالة من المقاومة الشعبية بعدما أعاد الفيلم استصلاح مساحات الوعى العام التى تعرضت لعمليات التصحر الممنهج على مدار السنوات الماضية.
لقد كان فيلم «الممر» لحظة بطولة وإبداع لم نر لها مثيلا فى الآونة الأخيرة.
شكرا لكل بطل.
