الجمعة 26 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فى 2 يوليو 2013.. عاد عبد المجيد محمود «بالقانون»

فى 2 يوليو 2013.. عاد عبد المجيد محمود «بالقانون»






فى 2 يوليو 2013، سجَّل التاريخ بحروف من نور وضياء، وشرف وعزة، ومجد وكرامة، نهاية واحدة من أهم وأشرس المعارك القانونية التى عرفتها ساحات العدالة فى مصر.. انتصر فيها القانون دون سواه، كان بطلها قمةٌ سامقةُ من قمم قضاء مصر، وعلمٌ من أعلام العدالة الضاربة فى جذور حضارتنا الممتدة عبر آلاف السنين .. من إلهة العدالة «ماعِت»، والذى آثر المصرى القديم أن يضع على رأسها ريشة الحق والعدل والشموخ.. رجل ٌحملت شفرات اسمه معانى المجد و الحمد، هو معالى المستشار الدكتور عبد المجيد محمود النائب العام الأسبق لجمهورية مصر العربية، والذى ناضل بعزيمة وإرادة لمواجهة  قهر السلطة وجبروتها وتسلطها دون وازع من قانون ولا أخلاق ولا قيم، فما لانت له قناة، بل استعصم بالله تعالى، ثم (بالقانون)، وقد انتصر (القانون)  فى تلك المعركة القانونية، والتى استمرت قرابة ثمانية أشهر، بدأت فى 21 نوفمبر سنة 2012 حين صدر إعلان دستورى (غير قانونى) بتنحية عبد المجيد محمود، وتعيين طلعت عبد الله مكانه، وانتهت بحكم نهائى بات صدر من محكمة النقض فى 2 يوليو 2013 بتأييد حكم محكمة استئناف القاهرة ببطلان تعيين الأخير، وعودة الحق لصاحبه وهو المستشار الدكتور عبد المجيد محمود.
ويعنينى – كقاضٍ وكمتخصص فى الوعى بالقانون – أن أشارك القارئ الكريم، فقرات مهمة من حيثيات حكم الاستئناف– على قدر المساحة المخصصة للمقال -، فقد جاء فيه أنه «طبقاً للقانون فإن النائب العام بموجب الحصانة القضائية المقررة له قانوناً، كما لرجال القضاء والنيابة العامة، يستمر فى منصبه إلى أن يتقاعد ببلوغه السن القانونية، ولا يجوز نقله للعمل بالقضاء أثناء مدة خدمته إلا بناء على طلبه «، وأردف الحكم أن «هذا النص – الإعلان الدستورى -  بما تضمنه من مساس مباشر وفورى باستقلال السلطة القضائية وحصانتها المقررة بموجب الوثائق الدستورية المعمول بها، وبحصانة منصب النائب العام المقررة بموجب قانون السلطة القضائية السارى، كان من المتعين أن يتم استفتاء الشعب عليه، ليرقى إلى المرتبة المقررة للنصوص الدستورية التى تتمتع بالحماية الدستورية، كقاعدة تسمو على القانون وتوجب التزام المشرع بها، لا أن تنفرد السلطة التنفيذية، الذى هو فى الأصل محصناً منها، بإصداره وتنفيذه بشكل مباشر وفورى مع تحصينه»، وأكد الحكم أن «هذا النص القانونى بتعيين نائب عام جديد لا يمكن الاعتداد به كنص قانونى، إذ لم يتم أخذ رأى مجلس القضاء الأعلى بشأنه، عملاً بنص المادة 77 مكرر 2 من قانون السلطة القضائية السارى»، وانتهت المحكمة فى حيثيات حكمها إلى أنها «استجابت لطلبات المستشار عبدالمجيد محمود بإلغاء قرار تعيين النائب العام الجديد المستشار طلعت عبدالله، واعتباره كأنه لم يكن، مع ما يترتب على ذلك من آثار، خصوصاً عودة المستشار عبدالمجيد محمود لعمله كنائب عام» ... وفى عبارات جامعة مانعة تضمنتها 12 صفحة، قضت محكمة النقض – أعلى سلطة قضائية- بتأييد حكم محكمة  استئناف  القاهرة الصادر بإلغاء القرار الجمهورى الصادر بتعيين المستشار طلعت عبد الله نائب عام، وإعادة المستشار الدكتور عبد المجيد محمود لمنصبه.
ثم تكون المفاجأة الأشهر حينما يتقدم عبد المجيد محمود باستقالته بعد أن عاد إليه الحق فى الاستمرار ليضرب لنا مثلاً آخر فى الاعتزاز بالنفس واحترام الذات وقداسة المنصب وكبرياء القاضى ليقول للجميع إنه لا يسعى لمنصبٍ  أو جاه ٍ  أو سلطان، بل يتنازل عن منصب النائب العام، ويعود مرة أخرى إلى منصة القضاء متشحاً بوشاح الشرف والعزة والكبرياء .
ولا يمكن أن ننسى المواقف البطولية لأسد القضاة ورئيس ناديهم الأجل معالى المستشار الجسور أحمد الزند وزير العدل الأسبق، الذى تكبد المعاناة والمشقة بشهامة وفروسية، ومن حوله وبجانبه جموع قضاة مصر، يعقدون جمعياتهم العمومية تترى الواحدة تلو الأخرى، بمشاركة آلاف مؤلفة منهم، يذودون عن استقلالهم، وحصانة محاريبهم المقدسة، فى علو ورفعة وشموخ.
وبالقانون .. تحيا مصر،،