الجمعة 26 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لاهاى.. مدينة العدالة الدولية

لاهاى.. مدينة العدالة الدولية






لاهاى.. هى مدينة تقع فى غرب مملكة  «هولندا»، وتعد ثانى أكبر مدينة هولندية بعد أمستردام (العاصمة الرسمية لهولندا)، واشتهرت لاهاى بمدينة العدالة الدولية والسلام، لأنها تعتبر مركزًا دوليًا لمؤسسات صنع سياسة العدل والسلام فى العالم، حيث أبرمت بها كثير من اتفاقيات القانون الدولى، ويوجد بها مقر محكمة العدل الدولية، ومقار عدد كبير من المحاكم والمنظمات والأكاديميات الدولية.
وقد بدأت علاقتى بمدينة لاهاى بعد تخرجى فى كلية الحقوق عام 1989، باحثًا منقبًا فى ردهات قصر السلام فيها، والذى يضم مكتبة كبرى زاخرة بأمهات المراجع الفقهية والقضائية الدولية، ومقر محكمة العدل الدولية، ومقر محكمة التحكيم الدولية، وأكاديمية لاهاى للقانون الدولى، والتى شاركتُ خلال تلك السنوات الطويلة فى عديد من فعالياتها ودوراتها التدريبية، ومؤتمراتها العلمية، وندواتها الدولية، وقد كنتُ خلال سنوات عدة، شاهد عصر على كبريات المحاكمات الجنائية الدولية التى عُقِدَت جلساتها بمقر المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، والتى كانت تضم فى قائمة قضاتها رمزين من كبار رجال القانون والقضاء فى مصر ؛ هما الأستاذ الدكتور فؤاد عبد المنعم رياض، أستاذ القانون الدولى الخاص بكلية الحقوق جامعة القاهرة، والمستشار محمد أمين المهدى الذى كان رئيسًا لمجلس الدولة المصرى، كما عاصرتُ القانونى المصرى الكبير الدكتور نبيل العربى لفترة تعيينه قاضيًا بمحكمة العدل الدولية، وكذلك العالم المصرى العالمى الدكتور أحمد صادق القشيرى إبان عضويته لمحكمة التحكيم الدولية، ويقينا فإن اسم الدبلوماسى والقانونى المصرى المحنك الدكتور بطرس بطرس غالى الأمين العام الأسبق لمنظمة الأمم المتحدة يبرز ضمن أهم من ترأسوا المجلس العلمى لأكاديمية لاهاى للقانون الدولى، والذى أعترف لهم جميعا بفضل وافر عليّ بتقديم كل وجوه المساعدة العلمية لى خلال ترددى على مدينة لاهاي.  
ومنذ تأسيسها عام 1923، فقد دأبت أكاديمية لاهاى للقانون الدولى The Hague Academy of International Law على تنظيم عديد من الدورات التدريبية – سيما خلال أشهر الصيف – للطلاب والباحثين والدارسين من مختلف دول العالم المتخصصين فى القانون الدولى الخاص والعام ولفترات تتراوح بين عدة أيام إلى عدة أشهر، مستفيدة من وضع لاهاى المتميز فى مجالات القضاء والقانون الدوليّين، وتمنح الدبلوم العالى فى القانون الدولى والذى لا يمنح إلا للمتميزين من أساتذة القانون الدولى وبعد امتحانات مكثفة، يشرف عليها كبار أساتذة القانون والقضاء الدوليين، بالإضافة للأبحاث التخصصية التى تقوم بها فى الحقول العلمية ذات الصلة، وقد شرفتنى أكاديمية لاهاى للقانون الدولى بمنحى شهادة الجدارة certificate of achievement عام 2003، وهى شهادة يصدرها المجلس العلمى للأكاديمية بعد جولات عديدة من فحص الإنتاج العلمي، ومدى تأثيره فى تطوير قواعد القانون الدولى، وقد جاءت تلك الجائزة - التى أعتز بها كثيرا - تتويجًا لحصولى على درجة الدكتوراه فى القانون الدولى عام 2002 لإثبات الجدارة فى الحصول على الدكتوراه فى القانون الدولى، ولا أبالغ فى القول إن الأكاديمية لم تمنحها إلا لعدد قليل جدًا من الدارسين، منذ إنشائها منذ ما ينيف على ما يقارب مائة عام منذ تأسيسها، كما تشرفتُ بعضوية رابطة خريجى أكاديمية لاهاى للقانون الدولى AAA منذ العام 1996.
ومن ثم، أستطيع القول - باطمئنان وثقة وأمانة - إن الأكاديمية تقوم بدور مهم للغاية من أجل الوعى بالقانون الدولى، إيمانًا بدورها الجوهرى فى نشر ثقافة ذلك الوعى بين الأجيال الشابة من مختلف دول العالم، وهو ما يربط هؤلاء الشباب بتلك القلعة العلمية الدولية، لا تقتصر فقط على الفترات القصيرة التى يدرسون خلالها برامج الأكاديمية، بل تتجاوزها لجعلهم سفراء لها طيلة مسيرتهم العلمية والعملية فى بلادهم، وليس فقط على مستوى الذين تُتاح لهم فرصة الالتحاق بها، وإنما تتعداها لبنى أوطانهم التى ينقلون لهم ما درسوه فيها، فضلا عما ينشأ خلال هذه الدورات من علاقات علمية واجتماعية لنشء واعد طموح متفوق أتوا من كل بقاع الأرض، من أجل غايات علمية بحتة، هدفهم الرقى بثقافتهم ومعارفهم.  
وبالقانون .. تحيا مصر،،