الأحد 1 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«السم المعنوى»

«السم المعنوى»






نصحوا صباح كل يوم، نرتوى من قطرات الأمل لنروى ظمأ طموحنا المتجدد فى غدٍ أفضل بين أحضان وطن نحبه حتى الثمالة.
لا تكفينا القطرات نقبل على تناول جرعات مكثفة لتجرى فى أدمغتنا تحفز هرمونات السعادة وتداعب خلايا الإبداع والابتكار.
تمتزج هذه الهرمونات، تستقر الحالة المزاجية، نقبل على الحياة، نسارع لإنجاز الأفكار التى قفزت فى مخيلتنا نتيجة هذه الحالة.
ننتفض من فراشنا نتلمس طريقنا، لنبدأ يومنا بالروتين المعتاد، ننتهى منه سريعًا نقفز فى ملابسنا لنشق طريقنا إلى (المدرسة - الجامعة - العمل).
ما أن نخطو أولى خطواتنا فى وسيلة النقل (أتوبيس - ميكروباص- المترو) حتى نبادر باللجوء لـ»عديقنا» المفضل هاتفنا الذكي، مندفعين نحو مواقع (الانعزال الاجتماعى)، ماهى إلا ثوان معدودة تهجم علينا عشرات الأخبار ومئات «البوستات والتويتات» المنوعة التى تحوم حول دقتها الشبهات، لتفترسنا بسرعة الجيل الخامس (5g ).
يتدفق هرمون (الأدرينالين) فى دمائنا يحفزنا جسديًا ونفسيًا، عندها تتحول الحالة المزاجية من نقطة الإقبال على الحياة بإيجابية للجاهزية للمشكلات مع أى حديث من أى طرف نظرًا لحالة التعصب اللاإرادية التى تتلبسنا بفعل المحفزات التى تعرضنا لها من هذه المواقع.
تهاجمنا هذه الحالة التى أصبحنت فيها عقولنا بشدة، تقتل ما اختمر فى عقولنا من أفكار إيجابية لتمسحها واحدة تلو الأخرى بسرعة الـ (5g).
تنتقل العدوى سريعًا بفعل حالة التأهب العدائية ومسح الأفكار الإيجابية، لتتسم كافة تصرفاتنا بالسرعة مع زيادة معدل الأخطاء فى التعاملات والتصرفات.
تنفرد الأفكار السلبية بعقولنا لتتبدل جرعات الأمل بحالة من اليأس، تسيطر على شعورنا فى منطقة اللاوعى، يتغير مسار يومنا من النقيض للنقيض، نصبح فريسة سهلة مستسلمة لكل الرسائل التى تسعى اللجان الإلكترونية أو مجموعات بعينها لتمريرها للعقل الباطن للسيطرة علينا.
تشتد المواجهة سريعًا لتصبح معركة طاحنة تزداد اشتعالًا مع استمرار تمسكنا بهذا الجهاز اللعين.
فور وصولنا للعمل - بهذه الحالة المزاجية المتقلبة - تتراجع القابلية للدوران فى حلقة العمل، ينشط العقل الباطن فى تصدير رسائل سلبية للأفراد الموجودين فى دائرته متأثرًا بما تعرض له على مواقع التواصل.  
يتحول الشخص بفعل التأثير الخفى للرسائل التى وقع تحت سيطرتها، لآلة تبث سمومها بين طاقم العمل أو الأسرة التى يعيش بينها، تنتشر هذه العدوى سريعًا إذا كانت بيئة هذا الشخص أو مجتمعه مهيأ لاستقبال هذه الرسائل، متفاعلين معها لوقوعهم فريسة لنفس هذه الحالة أو حالة مشابهة لتسود المكان طاقة سلبية.. تصبح البيئة الحاضنة لهذه الطاقة تربة خصبة لقتل كافة الأفكار الإيجابية ووأد أى فكرة إبداعية يمكن لفريق العمل إنجازاها أو التفكير فيها، والأدهى تحولها لبيئة عدائية قابلة للاشتعال بين لحظة وأخرى، نتيجة تعليق من هذا الشخص أو ذاك على رسالة أو موقف أو خبر، ربما يكون «غير دقيق»، ويكتشف الجميع فيما بعد وقوعهم فى هذا الفخ، إلا أن آثار مثل هذه الوقائع تبقى عالقة فى أذهان المشاركين فيها لبعض الوقت وقد يفقد الصديق صديقه أو تتأزم العلاقات بين زملاء العمل.
تعايش الكثيرون منا مع هذه الحالة، لكنهم لا يعلمون أنهم أصبحوا يتجرعون «السم المعنوى» يوميًا دون أن يعلموا أنه قاتل بطىء تتراكم آثاره يومًا بعد الآخر إلى أن يصل لمرحلة اللاعودة، ووقتها لا ينفع الزاد وقت السفر.