الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصر فى حياة رسول الله «مكانة خاصة»

مصر فى حياة رسول الله «مكانة خاصة»
مصر فى حياة رسول الله «مكانة خاصة»




على  الرغم  من أن المتربصين بمصر يحاولون النيل منها إلا أنها محفوظة من عند الله، ويكفيها أن لها مكانة خاصة فى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كانت محطة مهمة مع بداية الرسالة المحمدية تشرفت بخطى الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم -  ووصيته، وروى فيها الأحاديث التى تبين قدر مصر وأهميتها.
ولقد تشرفت مصر بذكرها فى القرآن الكريم والسنّة النبوية المُظهرة، لكن تثار الأقاويل بين الحين والآخر، حول مدى صحة الأحاديث المروية عن مصر، وهل كان بالفعل يقصد رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - مصر بمفهوهما القائم حاليًا كدولة متكاملة الأركان لها جنود وشعب، هذا ما يؤكده الشيخ أحمد تركي، أحد علماء وزارة الأوقاف.
يقول تركى لـ «روزاليوسف»: «الرسول - صلى الله عليه وسلم - تحدث عن مصر أكثر من حديثه عن شبه الجزيرة العربية، حيث ولد وعاش وبُعث»، متابعًا: «كان يعرف كل شيء عن مصر عن طريق الوحي، وهذا أمر مؤكد فى السنة، ويعضد ما ذُكر فى القرآن الكريم عن مصر، بل ويفصل تلك الآيات التى تحدثت عن مصر».
وفى حديث رواه البخارى أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «إنكم ستفتحون أرضًا يُذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيرًا، فإن لهم ذمة ورحمًا»، وهنا يوضح «تركي» معنى الحديث قائلًا: «مصر كانت ولا زالت الدولة الوحيدة التى تستخدم مقياس القيراط للأراضى الزراعية، لذا هى المقصودة فى حديث رسول الله».
ويستشهد الشيخ أحمد تركي، بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذى يكشف عن مدى معرفته بمصر عن طريق الوحي، فقال النبى فى رسالته لحاكم مصر المقوقس: «أَسلم تَسْلَم يُؤتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَريسِيِّينَ»، وأريوس هو راهب مصرى ظهر فى الإسكندرية قبل مولد النبى بأكثر من 400 عام.

دولة وليست ولاية
كما يؤكد «تركي» أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعامل مع مصر على أنها دولة متكاملة الأركان وليست مجرد ولاية، فيقول: «كان النبى يبعث برسائله للدول وليس الولايات، فكان يرسل لهرقل ملك الروم، وكسرى ملك الفرس، والنجاشى وغيرهم، وكان يرسل أيضًا لمصر، رغم أنها كانت وقتها ولاية تحت حكم الروم، وهو بالفعل قد أرسل رسالة لملك الروم، لكنه كان يختص مصر برسالة منفردة، ما يؤكد كونها دولة منفصلة وليست ولاية كما يحاول الإرهابيون أن يتعاملوا معها الآن».

أهل الغرب.. شعب مصر
لم يكن مصطلح أهل الغرب بالنسبة لأهل شبه الجزيرة العربية يعنى أهل الغرب بمفهومنا الآن، أى الأوروبيين، وإنما أهل الغرب وقتها كانوا المصريين، فكما يقول الشيخ أحمد تركي: كان العرب يطلقون على أهل الشمال «بنو الأصفر»، وهم الأوروبيون بمفهومنا، فيما كانت مصر تعنى «الغرب» لأنها واقعة غرب شبه الجزيرة العربية.
ووفقًا لهذا المصطلح، جاء حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ستكون فتنة، خير الناس فيها الجند الغربي»، والجند الغربى هنا يعنى الجيش المصري، كما قال رسول الله: «لا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْب ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَق حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ»، وأهل الغرب هنا هم شعب مصر.
ويذكر الشيخ تركى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يحب مصر، ويرى فيها مستقبل الإسلام، مشيرًا إلى قول سيدنا عمرو بن العاص: «ولاية مصر تعدل الخلافة».

ماريا القبطية
من جهته يوضح الدكتور عبدالمقصود باشا، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر. أنه شاءت الأقدار أن يُرزق الرسول - صلى الله وسلم - بثانى أولاده الذكور وآخرهم، من زوجة مصرية هى السيدة مارية القبطية، التى أهداها حاكم مصر «المقوقس»، للنبي، فتزوجها وأنجب منها سيدنا إبراهيم، لذا كان لها محبة خاصة فى قلب الرسول، حسبما يروى لنا.
ويضيف الباشا: «لما يكن زواج الرسول من السيدة ماريا القبطية مصادفة، كما لم يكن زواج سيدنا إبراهيم من هاجر أيضًا محض صدفة، فكلها دلالات تعكس قدر مصر فى نفوس الأنبياء، ومنزلتها عند الله عز وجل».

طور سيناء
كما شرفت طور سيناء بموطئ قدمى الرسول - صلى الله عليه وسلم - حينما خرج من مكة فى رحلة الإسراء والمعراج، نزل فى مصر وصلى بطور سيناء، حيث يقول «الباشا»: «سار البراق إلى أن وصل بالنبى صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وجبريل عليه السلام إلى طور سيناء فى مصر حيث كلم الله نبيه موسى تكليمًا، فقال له جبريل: انزل فصلّ، فنـزل فصلى».
وحول حديث :«خير أجناد الأرض» يقول د. عبدالمقصود أن هناك من حاولوا تضعيفه والطعن فيه، رغم تأكيد الافتاء صحته متابعًا: «الحديث صحيح ونصه: ذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا، فذلك الجند خير أجناد الأرض، لأنهم فى رباط إلى يوم القيامة»، وهذا يعنى أن مصر ستكون عرضه للمؤامرات على مدار تاريخها.
ويشدد أستاذ الحضارة الإسلامية على أن المشككين فى أحاديث الرسول يحاولون التقليل من شأن المصر، والطعن فى جيشها، حتى ينزعون عنه الدعم النبوى الذى أضفاه الرسول الكريم فى أحاديثه، متابعا: «القافلة تسير والكلاب تعوي.. وهؤلاء لو لم يجدوا ما يشككون فيه، لشككوا فى أنفسهم».

نهر النيل
ويقول الشيخ عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالجامع الأزهر، ان مصر شرفت باهتمام رسول الله صلى الله عليه وسلم ويروى الأطرش قائلا : «النبى فى رحلة الإسراء والمعراج مر بأربعة أنهار أحدهما من الجنة وهما سيحان وجيحان، والثالث نهر الفرات فى العراق، وأخيرًا نهر النيل فى مصر»، متابعًا: «هذا خير دليل على بقاء نهر النيل إلى ما شاء الله.
ويختتم رئيس لجنة الفتوى الأسبق: «أى محاولة للتشكيك فى الأحاديث المروية عن مصر، هى محاولة للطعن فى آيات القرآن الكريم التى ذكرت مصر صراحة فى بعض النصوص، وتلميحًا فى نصوص أخرى، وكلنا نعلم أن السنة النبوية تفصيلًا للقرآن، تسانده وتدعم نصوصه.. ومصر البلد الوحيد الذى ذكر فى القرآن الكريم».