26 يونيو 2019 - 45 : 14
رئيس مجلس الإدارة
عبد الصادق الشوربجي
رئيس التحرير
احمد باشا

فاروق حسنى يحكى ذكريات 50 سنة ثقافة

أفتخر أنى مصرى وثروتى الفنية ملك الشعب

إذا كنت تعمل فى مهنة الصحافة، عليك أن تعلم أن هناك شخصيات عندما تحاورها فمن الأفضل أن تنحى طريقة س و ج جانباً، ولتترك الشخصية التى أمامك تتحدث ليفيض منها نهر الذكريات، وستجد نفسك أمام حوار شيق، وهو ما حدث مع الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق عندما ذهبت إليه لأحاوره، ضغطت فقط على زر التسجيل وتركته يتحدث وكأنه يستعيد من الماضى ذكريات أكثر من 50 عاما قضاها فى رحاب الثقافة كما قال لي، والتى انتهت به وزيرا للثقافة على مدار أكثر من عاما.. إلى نهر ذكريات الفنان فاروق حسنى. قال فاروق حسنى: اشتغلت فى الثقافة لأكثر من 50 سنة، وكل ما قمت به من عمل أثناء الوزارة كنت لا أسعى من ورائه لمجد شخصى بل للوطن والشعب، لأنه الذى يحمى تراثه وهويته وإن لم يحمها ستضيع، وشارع المعز «عملناه وكان بيبرق وحاليا اتفرج عليه»، لأنه لا توجد شراكة لسكان المنطقة فى تطوير الآثار تدفعهم للمشاركة فى حمايتها. وكل ما قمت به كان للناس، وفى القرى والنجوع أنشأنا 145 مكتبة فى كل المحافظات، هذا غير مهرجان القراءة للجميع وقصور الثقافة ومراكز الإبداع كلها كانت للناس والمجتمع، كما دعمنا المهرجانات الدولية وأعطيناها دفعة قوية لتعريف الناس بمختلف الثقافات، والمهرجان كان يقام كما يجب ثقافة ومسرح وموسيقى عربية، ومعرض الكتاب كان موجودا طبعا قبل مجيئى لكننا حولناه لمهرجان ثقافى كبير وشامل، وأنشأنا فيه فعاليات مثل المقهى الثقافى ومكتبة الأسرة وغيرها، كذلك مهرجان القاهرة السينمائى الدولى أعطيناه دفعة قوية وأصبح أقوى كثيراً، كذلك المهرجان القومى للسينما والمسرح التجريبى والموسيقى العربية. وفى كل مكان أذهب اليه أفتخر أننى من مصر دولة ذات تاريخ وتراث وكيان تاريخى عظيم، وهذا ينعكس على من كانوا يستقبلوننى بترحاب لدرجة كنت أخجل من فرط الاهتمام، وكم افتخر بالأثار فهى شرفك وكيانك، وقديما كانت الأثار كلها مهملة بشكل كبير، وبدأنا نتحرك لإنقاذها فى سوهاج والأقصر وأسوان والمنيا، ولم نترك أى مكان من أبوسمبل للإسكندرية إلا واهتممنا به، وحاليا فيه حفائر كثيرة وصدف تؤدى إلى خروج كمية رهيبة من الأثار. وفى القاهرة الإسلامية حدث ولا حرج عن ما تم فيها، حيث رممنا بعد زلزال 1992 ما يقرب من 280 أثرا ما بين جامع ومسجد وخانقاه وكتاتيب وأسبلة، كما وثقنا ما تم من دراسات معمارية ومكيناكيا التربة خوفا من إنهيار الأثار، والترميم الدقيق والمقرنصات والعناصر الزخرفية قمنا لها بدراسات كاملة. اهتمامى بالآثار طبيعى جداً، فقد عشقت الأثار منذ أن كنت فى الجامعة، حيث كنت أذهب فى رحلات إلى أبوسمبل كل عام، وكم انبهرت بها بشدة مما أعطانى دفعة قوية فى الفن التشكيلى كرسام، لأن الفن الفرعونى فن موحى ويتحدى أى فكر، وكنت مستمتع بالآثار طوال حياتى. والثقافة الأثرية يجب أن تبدأ من التربية فى البيوت والمدارس والجامعات، وكلها مهمة للثقافة الأثرية ونشرها بين الناس، وكان الأهل قديما حريصون على إشراك أولادهم فى رحلات للآثار والأقصر وأسوان وتنظيم رحلات مدرسية لها وهو ما زرع حب الآثار بداخلى، والآثار لو تم عرضها بالكلام للشباب بشكل بلا لوغاريتمات سيحبونها.  وهذا لا بد أن يحدث فى المدارس، وكل تلاميذ المدارس فى أوروبا يعرفون تاريخ مصر لأنه وصل إليهم بشكل شيق، وكثير من أسماء الملوك صعب على الأطفال ويجب أن ننتقى السهل منها لتعليمهم إياه. وعن مؤسسة فاروق حسنى الثقافية التى أنشأها قال: هذا المكان كان قديما وعبارة عن غرف غسيل ولا توجد به حديقة» وكان أى كلام»، وأجرته من شركة تأمين وقمت بتوسعته وأنشأت حديقة، وعندما خرجت من الوزارة قمت ببيع بيتى الكبير فى المنيب واشتريت هذا المكان وحولته إلى مؤسسة ثقافية ومتحف ثقافى، حيث كان لدى فكرة حينما كنت وزيرا، ساعتها كانت هناك أزمة سينمات وفكرت فى أن أحول كل ما هو تحت الكبارى لسينمات، وأماكن ثقافية على غرار ساقية الصاوى والتى ساعدتها كثيرا بالمكان وتسهيل إجراءات الحصول عليه حتى خرجت إلى النور. وقد فكرت فى إنشاء مؤسسة ثقافية لأننى وجدت مكتبتى وكتبى ولوحاتى ومقتنياتى كثيرة وسالت نفسى من سيستفيد بها؟، وكانت الإجابة يستفيد بها المجتمع، حيث كنت أفكر أن أترك كل هذا للناس، ولدى 3 مكتبات فنية نادرة وغير موجود لها مثيل، ولا بد أن يستفيد بها كل محبى الفنون ومتخصصيها خاصة أن مكتبتى فيها كتب لفنانين كبار، وطوال عمرى أقتنى تماثيل وقطع فنية كانت حينها بمبالغ قليلة وحاليا تساوى ثروة، ورأيت أن أتركها للمجتمع يستفيد بها، وهذا ما كنت أفكر فيه دائماً، وفرحتى الكبيرة أن يملك المصريون فى القرى والنجوع كتبا عربية وإنجليزية للثقافة وبعضها قرى ونجوع نائية ومن حق قاطنيها أن تصل الثقافة إليهم. كانت لدى رسالة عندما جئت وزيرا أن أنشر الثقافة بين الناس وكان النجاح هدفى ونصب عيناى، وأتذكر أن د.عاطف صدقى رحمه الله عرض على الوزارة حينما كان هو رئيسا للوزراء، وقلت له لا ورفضت لأن الإمكانيات فى الوزارة حينها كانت ضعيفة، وقال لى» لأ هاتيجى وهاتنجح»، واتدبست» ودخلت مكتبى فى الوزارة وكأنى ذاهب لمأتم، لكننى ما طمأننى أننى لدى تجارب سابقة كثيرة، حيث توليت مسئولية أحد قصور الثقافة ثم مدير المركز الثقافى المصرى فى باريس ثم رئيس الأكاديمية المصرية فى روما وكلها خبرات وتفاعلات دولية اكتسبتها، كما أننى عملت مع د.عاطف صدقى نفسه حينما كان هو مستشار ثقافى فى باريس، وكنت مساعده ومدير المكتب الثقافى وكان يعرفنى جيدا.