الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الدوافع الاقتصادية لتدخل تركيا فى الشأن الليبي

الدوافع الاقتصادية لتدخل تركيا فى الشأن الليبي

تحاول تركيا استغلال الجماعات الإسلامية من خلال تقديم الدعم الدائم والمتواصل لها فى تحقيق العديد من السياسات الاقتصادية التى من شأنها توفير المشاريع الاقتصادية مثل عمليات إعادة الإعمار وفتح الموانئ أمام السلع والبضائع التركية ومجالا للنفوذ فى بلد يعتبر من أكثر البلدان اهمية واستراتيجية فى البحر المتوسط فى ظل السياسة الهادفة للتوسع فى الأسواق الخارجية من خلال التجارة وفتح أسواق جديدة. وقد أعلن أردوغان فى أكثر من مرة دعمه الصريح وغرب ليبيا،  كما وقعت أنقرة بروتوكول تعاون مع السراج لتدريب أفراد الشرطة الليبية،  وتسعى لتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك وإدخالها حيز التنفيذ بما يسمح بدفع تشكيلات تركية لدعم السراج وفى الإطار ذاته تستهدف تركيا تحقيق بعض الأهداف منها: ترغب تركيا فى ضمان وجود الشركات التركية العاملة فى ليبيا وخصوصًا فيما يتعلق بالمشروعات فى مجال إعادة إعمار ليبيا نظرا لخبراتها فى هذا المجال،  حيث تمثل ليبيا اولى الدول فى الاستثمار فى الشركات التركية منذ عام 1972 كما انها الدولة الثالثة ضمن قائمة البلدان الاجنبية الاكثر احتضانا لمشروعات الاتراك بقيم مالية تصل الى28.9 مليار دولار فضلا عن تعويض الخسائر الاقتصادية التى تعرضت لها تركيا فى ليبيا بعد سقوط نظام القذافى سواء بسبب تدهور الاوضاع الامنية او بسبب قرار حكومة الشرق الليبى بايقاف التعامل مع الشركات التركية بسبب دعم تركيا للإسلاميين فى الغرب،  فإن الاستثمارات التركية فى ليبيا بقطاع التشييد خلال عهد القذافى بلغت قيمتها 15 مليار دولار، وكانت أحد الأسباب الرئيسية لتأخر تأييد تركيا للثورة الليبية، كما أن تركيا تستهدف السيطرة على النفط الليبى لما تستحوذ عليه  ليبيا من وفرة فى الموارد النفطية كونها تعد ثانى أكبر الدول الإفريقية إنتاجًا للنفط وتمتلك الكثير من الاحتياطات النفطية والتى تقدر  34 مليار برميل،  خصوصًا أن تركيا متفتقرة لمصادر الطاقة وتعتمد على الاستيراد فى سد 95 ٪ من احتياجاتها من الطاقة من الجانب الروسى بالإضافة إلى أنها تواجه عقوبات أمريكية على خلفية إقامة الغاز الروسى،  وفى كل الأحوال تجد تركيا نفسها الآن فى مأزق ما بين الاستمرار فى هذا المشروع وعدم الرضوخ للسياسة الأمريكية ومن ثم الاستمرار العقوبات عليها أو فيما يتعلق بإيقاف هذا المشروع وفى تلك الحالة ستتعرض تركيا لجملة من الضغوط من الروسية مثل التى شهدتها بعد الأزمة الدبلوماسية بينهما فى نوفمبر 2015 على خلفية إسقاط تركيا الطائرة الروسية. بالإضافة إلى نزاع تركيا مع دول شرق المتوسط حول  ثروات الغاز الضخمة المكتشفة حديثا والإشكاليات المتعلقة بالحدود البحرية المشتركة خصوصا مع قبرص واليونان ومصر،  وتأتى هذه التحركات على خلفية إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط فى يناير 2019 فى القاهرة والتنسيق بين الدول المشاطئة للبحر المتوسط،  والذى يمثل الآلية السياسية والاقتصادية للدول المتوسطية لتحقيق التعاون فيما يتعلق بالتنسيق المتبادل بينهما خصوصا مع وجود احتياطات كبيرة من الغاز فى هذا الاقليم تقدر بنحو 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى ويتضمن المنتدى عدة دول بالإضافة إلى مصر هى إيطاليا واليونان وقبرص والأردن وإسرائيل وفلسطين على أن تكون العضوية مفتوحة لمن يرغب فى ذلك ووفق الاتفاقية بين أنقرة وحكومة الوفاق الليبية،  فإن أنقرة تستهدف إرسال اشارة إلى اللاعبين الاخرين فى مجال الطاقة فى المنطقه،  انه لم يتم ضم أنقرة إلى المعادلة،  فإن وصول خطوط انابيب الغاز إلى اوروبا سيكون معقدا،  ومن ثم الرد على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين كل من مصر واليونان وقبرص ومزاحمة الدول التى تقوم بالتنقيب على الغاز فى شرق البحر المتوسط بعد الاكتشافات النوعية فى قطاع الغاز الطبيعى بالاقليم.