نهر الجنون

للكاتب الكبير توفيق الحكيم مسرحية فلسفية من فصل واحد بعنوان «نهر الجنون».... باختصار المسرحية تتحدث عن مملكة رأى فيها الملك رؤيا مخيفة عن أفاعى هبطت من السماء وفى أنيابها سم سكبته فى النهر وهتف هاتف محذرا من الشرب من النهر قائلا «حذار أن تشرب بعد الآن من نهر الجنون». يستيقظ الملك فيجد الحلم قد أصبح حقيقة وأن الجميع يتصرف بطريقة غريبة بها ملامح جنون.... الجميع بما فيهم الملكة وكبير الأطباء.... ماعدا الوزير الذى لم يشرب من النهر بعد...يدور حوار غير طويل بين الملك والوزير عن الأمر وما يمكن عمله. حوار فلسفى فى مسرحية قصيرة (6 صفحات) جدير بالقراءة.... فى النهاية يصل الملك والوزير إلى قناعة أنه لمن العقل أن يؤثرا الجنون مثل باقى المملكة ثم يقوما بالشرب من النهر ليصبحوا مثل الآخرين. قد يتفق البعض مع هذا التصرف وقد يراه البعض غير مناسب... هذه رؤية شخصية للمؤلف.... من المؤكد أنه لا توجد قاعدة واحدة أوأسلوب واحد للتصرف حيال تلك المواقف فلابد من دراسة كل موقف على حدة. هذه الأيام لاحديث إلا عن الكورونا...لاصوت يعلوعلى صوت الكورونا وانتشاره والإجراءات الاحترازية التى تقوم بها كل بلاد العالم...القنوات الإخبارية والصحف والمجلات والمواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعى وأحاديث الأهل والأصدقاء.... تأثير ممتد إلى القطاع الصحى والتعليمى ومجتمع الأعمال والترفيه وحركة التجارة الدولية والبورصات وأسعار النفط والذهب وباقى السلع والخدمات...تأثير يوضح مدى ترابط وتشابك المصالح والعلاقات بين العالم كله بقطاعاته المختلفة وأفراده أينما كانوا. عززت شبكات الاتصالات  الالكترونية وقنوات النقل البرى والبحرى والجوى والتى تربط كل بقاع الأرض معا... عززت من انتشار المرض وتاثير القرارات المتتابعة على العالم كله... توقف العمل فى مصنع فى إندونيسيا مثلا يؤثر على دورة العمل وعلى اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية وتوقف منجم فحم فى أستراليا يؤثر على حجم الأعمال فى اليابان (أستراليا أكبر مصدر واليابان أكبر مستورد)... الأمثلة كثيرة عن التشابكات والعلاقات بين الدول والتى تتأثر بهذه الإجراءات التى ندعوالله أن تساهم فى  انحسار المرض سريعا وتعود الأمور إلى سابق عهدها بأقل خسائر ممكنة.