الجمعة 5 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مارس.. والمرأة.. والقانون (3 - 3)

مارس.. والمرأة.. والقانون (3 - 3)

نستكمل بهذا المقال ثلاثية «مارس.. والمرأة.. والقانون» فى توقيت اقتضى من الجميع ملازمة منازلهم، ومن ثم أجد من الواجب الوطنى والاجتماعى والأسرى أن أؤكد على حتمية تكاتف كافة أعضاء الأسرة المصرية لاجتياز تلك المحنة (المؤقتة بإذن الله)، كى ننجو بمجتمعنا، وحسنًا فعلت أجهزة الدولة المختلفة بمنع الاحتفالات والمهرجانات والموالد وما على شاكلتها استجابة للظروف الاستثنائية الطارئة التى يعيشها العالم، لمواجهة هذا الخطر الداهم للبلاد والعباد «فيروس كورونا»، فلأول مرة فى حياتى يمر يوم عيد الأم فى 21 مارس، دون مظاهر احتفالية، والتى كانت تحضرها الأمهات وذويهن، مما كان سيضاعف فرص نقل العدوى بيسر وسهولة.



وتعزو بدايات الاحتفال بعيد الأم إلى أنه مؤذن لفصل الربيع منذ العصور القديمة عند الإغريق حيث كان الاحتفال «بريا» وهى أم الآلهة، وتشهد آثار مصر القديمة بلوحاتها ونقوشها الرائعة هذه المكانة المتميزة للمرأة عموماً وللأم خصوصاً. حيث تخيل الفراعنة السماء أما تلد الشمس كل صباح بالإضافة إلى أن عددا كبيرا من آلهة الفراعنة كانوا من الامهات مثل ايزيس و نفتيس وغيرهما ولقب قدماء المصريين الأم (ست بر) ومعناها (ربة البيت)، وترجع قصة اختيار يوم 21 مارس عيدًا للأم فى مصر، إلى الصحفى الراحل على أمين و أخيه مصطفى أمين – مؤسسى جريدة أخبار اليوم حيث كتب على أمين فى زاويته الصحفية اليومية «فكرة» دعا فيها إلى تخصيص يوم الاحتفال بالأم، على إثر زيارة قامت بها إحدى الأمهات للراحل مصطفى أمين فى مكتبه وقصت عليه قصتها وكيف أنها ترمَّلت وأولادها صغار، ولم تتزوج، وكرست حياتها من أجل أولادها، وظلت ترعاهم حتى تخرجوا فى الجامعة، وتزوجوا، واستقلوا بحياتهم، وانصرفوا عنها تماماً، حيث قال: لم لا نتفق على يوم من أيام السنة نطلق عليه «يوم الأم» ونجعله عيدًا فى بلادنا وبلاد الشرق.. وفى هذا اليوم يقدم الأبناء لأمهاتهم الهدايا ويرسلون للأمهات خطابات يقولون فيها شكرًا يا أمى.. لماذا لا نشجع الأطفال فى هذا اليوم أن يعامل كل منهم أمه كملكة فيمنعوها من العمل.. ويتولون هم فى هذا اليوم كل أعمالها المنزلية بدلا منها ولكن أى يوم فى السنة نجعله عيد الأم؟.. وبعد نشر المقال بجريدة الأخبار، اختار القراء تحديد يوم 21 مارس وهو بداية فصل الربيع ليكون عيدا للأم ليتماشى مع فصل العطاء والصفاء والخير، وكان أول احتفال بعيد الأم فى 21 مارس سنة 1956م.. وهكذا خرجت الفكرة من مصر إلى بلاد الشرق الأوســط الأخرى، والمصدر فى هذه المعلومات موقع الهيئة العامة للاستعلامات. 

وأعترف أن أمى – رحمها الله – ورغم أميتها (العلمية) حيث لم تكمل دراستها حتى الابتدائية منها، إلا أنها كانت تعى جيدًا موجبات القانون وحتمية احترامه، لنشأتها وتربيتها فى بيت عالم جليل « الشريف  عبدالحميد المجيد المغربى»، ثم زواجها فى سن مبكرة جدًا لرجل قانون والدى – رحمه الله - فكرست داخل وجدانى وكيانى - وجميع إخوتى السبعة - معانى وقيم تقديس القانون بمفهومه النظامى العام، من انضباط المواعيد، والصمت أثناء الحوار، والحرص على الوفاء بالعهود والوعود، وصيانة واحترام نظام المنزل، ومتابعة دروسنا وواجباتنا أولا بأول، وأخلاقيات عدم الحديث بصوت مرتفع مثلا أثناء نوم والدى – رحمه الله - وإيثار زملائنا عن أنفسنا مهما كان، فضلا عن كرمها اللا محدود حتى أنها كانت تتابع الضيف حتى يفرغ من طعامه، ثم تطارده حتى مكان « الحنفية « حتى لا يغسل يديه دون تلبية إلحاحها بقطعة لحم ضانى أو صدر بطة مثلا « تستاهل بقك!!».. ولا تتركه إلا عندما يستنجد بنا للفكاك من حصارها!!

وقد اعتدتُ الاحتفال بعيد الأم – ككل المصريين – منذ نعومة أظافرى، بلقاء عائلى حميم نحاول فيه تكريم أمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا وبناتنا كذلك بوصفهن أمهات المستقبل، ولكننى، أعتقد أنه لم – ولن – نفلح فى رد ولو جزء يسير من أفضالهن المتواصلة، وعطائهن غير المحدود.  وبالقانون تحيا مصر