العمل عن بعد وانعدام الثقة 1-2

لم يشهد العالم اهتماما بأنظمة العمل عن بعد والتعليم عن بعد مثلما يشهد هذه الأيام وذلك بسبب الإجراءات الاحترازية التى تتخذها الحكومات والشركات لحماية مواطنيها والتقليل من التواصل البشرى والمخالطة فى الطرقات وأماكن العمل وخلافه.

العمل من المنزل كان امرا طبيعيا فى العديد من الأحوال وذلك قبل بداية الثورة الصناعية التى أدت إلى نشوء أنماط جديدة للعمل والتعلم والعلاج من مصانع ومدارس ومستشفيات وخلافه. لم تعد فكرة العمل من المنزل واقعية او مقبولة الا بعد بدايات ثورة المعلومات والاتصالات حيث اتاحت تلك الأخيرة العديد من البدائل والإمكانيات التى تتيح للموظف ان يقبع فى منزله وان يبقى متصلا بكل الأنظمة الفنية وقواعد البيانات الموجودة فى شركته بل ويستطيع ان يجرى كل العمليات الأساسية والمهمة التى يقوم بها يوميا..ربما يصل الامر إلى ان لا يمكن لعملاء المؤسسة او لباقى زملائه ان يدركوا ما ان كان الموظف موجودا داخل المؤسسة بالفعل ام انه خارجها فى منزله وربما فى دولة أخرى أيضا.

بداية الشكل التقليدى الحالى للعمل عن بعد أو ما يطلق عليه أحيانا العمل من المنزل Working from home كانت بداياته فى سبعينيات القرن الماضى واستمرت محاولات محدودة إلى ان وصلنا إلى منتصف التسعينيات وبدأت شبكة الانترنت فى الازدهار والانتشار وبدأت الأنظمة الفنية فى الحكومات والشركات والمؤسسات المختلفة فى إزاحة الأنظمة الورقية المعتادة واستبدالها بالأنظمة الفنية وتزامن مع هذا انتشار مصطلحات وأنشطة تقنية مثل الحكومة الإلكترونية والتجارة الالكترونية وخلافه.

فى تلك الفترة كان التطور كبيرا فى سرعات الشبكات وخطوط الربط بينها وأيضا بدأت سرعات الخطوط المتصلة بالمنازل فى الازدياد مع وجود تقنيات للاتصال اللاسلكى سواء من خلال شبكات محلية لاسلكية او من خلال الاتصال بالأقمار الصناعية أيضا.

حتى بدايات الالفية الجديدة كان التركيز على رفع كفاءة تقنيات الاتصال واستكشاف أنماط جديدة لأداء الاعمال التقليدية ومنها العمل عن بعد والدفع  الإلكترونى والعلاج عن بعد والتعليم عن بعد وتوصيل المدارس بشبكة الانترنت وأصبحت اعداد ونسب المدارس والمؤسسات المتصلة بشبكة الانترنت من اهم معايير الاستعداد والجاهزية التكنولوجية.

ولكن بالطبع من تطور الأنظمة الفنية وزيادة سرعة الشبكات المحلية والممتدة Local and Wide Area Networks  ومع ازدياد اعداد مستخدمى الانترنت وزيادة المعاملات المالية من خلالها والتحول الرقمى للحكومات والمؤسسات ظهر شبح جديد وخطير الا وهو الهجمات السيبرانية واختراق الشبكات..

 

غدا نكمل