قم للمعلم
يتناول الدكتور زكى نجيب محمود ما أسماه «ميلاد التذوق الفنى» وربط بداياته بالمعلم؛ فيتحدث عن أستاذ قام بشرح قصيدة وردزورث التى عنوانها »النرجس الأبيض»، وهى قصيدة يقول فى سطرها الأول «جلت وحدى كما تجول السحابة»، ويتحدث كيف أسهب المعلم فى تحليل هذا السطر واستخراج المعانى وشرح الألفاظ واستخراج مكنونها الدفين.. ثم ينتقل إلى كيف استعرض الأستاذ بعضا من أبيات الشعر العربى القديم وقام بالشيء نفسه، وهنا بدأ الدكتور زكى يستشعر عظمة التعبيرات والألفاظ والمعانى والاستعارات والوصف والجرس الموسيقى وخلافه.
كانت لحظته الثانية مع مدرس الرسم والذى بدا بشرح عدد من اللوحات الفنية، وكيف أن هذا الشرح البسيط قد فتح أمامه بابا وراءه مروجا فسيحة.. بذرة التذوق الفنى غرسها هذا الأستاذ فى وجدان الطالب الصغير.
المحطة الثالثة كانت عند اشتراكه فى مسابقة ثقافية فى مجلة «اللطائف المصورة» وكانت المسابقة عبارة عن كتابة مقال صغير لايتعدى 40 كلمة عن ما عسى أن يصنعه الكاتب لو علم أن نهاية العالم ستكون بعد ساعة.. لايذكر د/زكى ما كتبه ولكنه يذكر فوزه بالمركز الأول والجائزة الأولى «جنيهان»، ويتحدث عن الدفعة الجبارة التى دفعتها به هذه الجائزة -وليس المبلغ المالى- وأثرها فى مستقبل أيامه وصولا إلى ما وصل إليه من مكانة لا ينازعه عليها أحد.
تذكرت مواقف شخصية فى رحلة التعليم وكيف ساهم أساتذة أجلاء فى إقبالى على المواد التى يقومون بتدريسها وكيف ساهم آخرون فى أن ننفر من موادهم.. ربما اكتشفت بعد سنوات أن المواد ممتازة والمحتوى جيد وكانت المشكلة الوحيدة فى المدرس.. أجدنى مدين بالكثير إلى الأستاذ شهدى والأستاذ مراد عدلى والأستاذ محمد حسن والأستاذ زكريا تاضروس والأستاذة سلوى والأستاذ شعيب.. استعرض نماذج من الطلبة تفوقوا بسبب أسلوب التدريس وشخصية المدرس وآخرون ضاعوا تماما لنفس السبب.
بقى ان نقول ان عيد المعلم من الاعياد المهمة والتى يجب أن يتم الاهتمام بها وتكريم النماذج المضيئة العاملة ولا يجب ان ننتظر حتى خروج المعلم الى المعاش أو الوفاة.. ولقد كانت بداية الاحتفال باليوم العالمى للمعلمين فى الخامس من أكتوبر عام 1994 بتوصية من كل من اليونسكو ومنظمة العمل الدولية.. بعض الدول غيرت اليوم إلى يوم 28 فبراير وأخرى إلى يوم 14 ديسمبر.. أما فى مصر فقد تم تغيير اليوم من 21 ديسمبر الى العاشر من سبتمبر كل عام. تغريدة: قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا
