الجمعة 4 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
العالقون على جسر العودة

العالقون على جسر العودة

يختلف مفهوم الغربة لدى المصريين عن غيرهم من الشعوب التى تنظر إلى الغربة على أنها وطن، لكنها لدى المواطن المصرى المغترب مجرد رحلة أو فترة تطول أو تقصر يجمع فيها ما يكفى لبناء مسكنا يأويه،  ومقبرة تواريه، ثم يشد رحال العودة سريعا ليعيش فوق تراب الأرض التى ربطته منذ فجر التاريخ بطينها وسحرها وجاذبيتها وصفها جمال حمدان فى كتابه «شخصية مصر» بعبقرية المكان.



لا يختلف منصف أن الدولة المصرية بكافة أجهزتها تعاطت مع أزمة ملف كورونا بمهارة فائقة فاجأت العالم بقدرتها على مواجهة الوباء بمنظومتها الصحية، ووعيها الاجتماعىّ فى تطبيق إجراءات الحجر الصحي، وكانت مصر من أوائل الدول التى أطلقت حزمة من المبادرات المالية والاقتصادية دعماً للفئات الأكثر تضرراً من تداعيات مواجهة ذلك الوباء الذى ضرب العالم فجأة ودون مقدمات.

الموضوع صعب والحمل ثقيل فهناك 12 مليون مصرى يعيشون فى الخارج وعدد كبير منهم متلهفون للعودة، منتظرين على جسر الغربة، فماذا تفعل الدولة المصرية التى تتعافى بإمكانياتها اللوجستية، والصحية، والخدمية أمام هذا الكم الهائل الذى أطاح فيروس كورونا باستقرار عدد لا يستهان به منهم، وتسبب فى أكبر أزمةٍ واجهتها البشرية منذ الحرب العالمية الثانية، وأحدث خسائر بشرية كبيرة، وتسبب فى هزةٍ كبيرة لاقتصادات الدول، وتوقفت معه حركة التجارة الدولية، وخطوط الإنتاج، ورحلات الطيران، وفُرِض التباعد الاجتماعى.

الحقيقة كنا فى «روزاليوسف» أول من نادى بعودة دوران عجلة الإنتاج حتى لا تتفاقم الأزمات ونجد أنفسنا أمام تفشى وباء الجوع الذى هو أخطر على البشرية من وباء كورونا، ونادينا بتحميل المواطن مسئولية  وعيه واهتمامه بصحته، وسلامة أسرته فى ظل حزمة الإجراءات الاحترازية التى فرضتها الدولة للحد من انتشار هذا الوباء الآخذ فى الأفول، وهو ما يدعونا للأمل والرجاء باقتراب عودة الحياة إلى طبيعتها، وهذا ما تم فى عدد من الدول  من حولنا مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والتى تفشى فيهما وباء  كورونا بنسب أكبر مما لدينا.

رب ضارة نافعة، هذا الوباء كشف أن المواطن المصرى فى الداخل والخارج سواء بسواء هو من أولويات الدولة المصرية، تعمقت حالة من الوعى والإدراك العام لدى العالقين والمصريين فى الخارج عموما بأن الدولة تدرك أن  جميعهم فى ظل أزمة كورونا سواء، بعد أن تقطعت بهم السبل، وفقد عدد منهم أعمالهم  ووظائفهم ورواتبهم، ويحلمون بالعودة إلى حضن الوطن فهو المأوى والملاذ.

يقاس نجاح الدولة أى دولة بقدرتها على مواجهة الأزمات، وإدارة مجتمعاتها، وضبط سلوك مواطنيها الاجتماعى خلال الأزمات، حتى لا تكون عرضةً للدخول فى فوضى صحية واجتماعية وتنموية، ويقاس وعى أفراد المجتمع بتقبلهم والتزامهم بتلك الإجراءات التى تسنها الدولة لحمايتهم والحفاظ على مستقبلهم، مصر الدولة بشهادة كل المنظمات والهيئات الدولية نجحت بشكل فاق التوقعات والإمكانيات، وأنت أيها المجتمع وفى القلب منه المصريون فى الخارج التى تتهيأ الدولة بكل إمكانياتها لتسهيل عودتهم إلى مصر ماذا أنتم فاعلون؟، المرحلة المقبلة تستلزم حيطة وحذرا أكثر فى ظل غموض يكتنف فيروس كورونا الذى جاء ليثأر من الجنس البشرى ويعيد إلى البيئة والطبيعة جمالها ورونقها وأنفاسها بعد أن تجبرت عليها وجارت المدنية الحديثة.