الجمعة 5 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مشروعية حرب رمضان/ أكتوبر 1973

مشروعية حرب رمضان/ أكتوبر 1973

نحتفل نحن المصريين والشعوب العربية فى هذه الأيام المباركة، بالعيد الـ47 لحرب رمضان/أكتوبر 1973 المجيدة، تلك الحرب التى حققت فيها قواتنا المسلحة الباسلة نصرًا مظفرًا، وقادها بحكمة ووعى زعيم مصر الرئيس المؤمن محمد أنور السادات (رحمه الله)، والتى ما زالت أصداؤه باقية حتى يومنا هذا، وأجدنى مدفوًعا فى تلك السطور لبيان مدى مشروعية تلك الحرب، ونتائج هذا النصر المظفر. 



فالمشروعية الدولية تفرق بين الحرب الهجومية أو الاستباقية، وبين الحرب الدفاعية،ومن القواعد المستقرة فى القانون الدولى العام أن الاحتلال لا ينهى حالة الحرب الهجومية، و إنما يعد هذا الاحتلال مرحلة من مراحل النزاع المسلح فلا ينتهى النزاع به ويظل الاحتلال جريمة عدوان تجرمها مصادر المشروعية الدولية المتمثلة فى القانون الجنائى الدولى التعاهدى والعرفى.

ومن ثم تجد حرب رمضان/أكتوبر 1973 - التى فُرِضَت على مصر - مشروعيتها فى القرار رقم 242 الصادر من مجلس الأمن الدولى فى أعقاب نكسة 1967، القاضى بانسحاب إسرائيل من كل الأراضى المحتلة، إلى حدود 4 يونيو1967، ومن ثم، فإن حقِّ مقاومة الاحتلال، كان انسجامًا طبيعيًا مع ما وضعه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عقب نكسة 67 19 من استراتيجيّة لإزالة آثار العدوان، تلك الاستراتيجية التى قامت على الجمع ما بين مقرّرات قمّة الخرطوم عام 1967 الرافضة للمفاوضات المباشرة، وللصلح والاعتراف بإسرائيل، وبين حرب الاستنزاف التى قامت بها القوّات المصرية على جبهة السويس لأكثر من عامين، وإلى حين وفاة ناصر عام 1970.

ولذلك، وُصِفَت حرب رمضان/أكتوبر 1973، بأنها حرب تحرير وطنى وقومى تحققت لها كل متطلبات المشروعية داخليًا وخارجيًا سواء من الناحية القانونية أو الأخلاقية أو السياسية‏،‏ فليس هناك من يستطيع أن ينكر على شعب حقه فى تحرير أراضيه المحتلة بالغصب والقوة لأن احتلال أرض الغير هو عمل غير مشروع لاسند له فى القانون وقواعد السلوك الدولى‏.‏ لقد كانت حرب رمضان/ أكتوبر 1973 فى جوهرها عبورًا بمصر والأمة العربية كلها إلى عصر جديد لا يقتصر على تحرير الأرض وممارسة السيادة وإنما يمتد إلى استعادة الثقة بالنفس والتمسك بالأمل. وقد أفرزت روحًا سرت فى جسد ووجدان الأمة تمنحها الثقة وتعطيها الأمل والقدرة على مواجهة أعلى التحديات وستظل معينا لا ينصب وشعلة لا تنطفئ بل تبقى متوهجة إلى الأبد تمنحنا القدرة على الإنجاز والشجاعة والتمسك بمراجعة الذات وتصحيح الخطوات.. حرب رمضن/ أكتوبر تذكرنا دائما بأن قوتنا تكمن فى وحدتنا وأن تماسك جبهتنا وترابط صفوفنا هما العنصران اللازمان لأى نجاح وأى تقدم. 

وقد جاءت تلك الحرب الدفاعية تتويجًا لإرادة أمة جريحة كان عليها أن تثبت أنها قادرة على المواجهة والتحدي، فقد أسقطت مقولة تحقيق الأمن عن طريق الاستيلاء على أرض الغير، وأكدت أن القوة ليست حكرًا على أحد وأن استخدام القوة العسكرية أسباب غير مشروعة لا يستطيع أن يحقق للدولة فرض إرادتها وأن السلام العادل والمتوازن هو الطريق للأمن والاستقرار.

ومن جماع ما تقدم فإن نصر رمضان/ أكتوبر العظيم يكون قد أنهى حالة النزاع المسلح بين مصر وإسرائيل باسترداد معظم الأراضى المحتلة واستكمال تلك الأراضى بالانسحاب الإسرائيلى من كامل التراب الوطنى المقدس فى 25 أبريل عام 1982 بموجب معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، وأخيرًا عودة طابا بحكم قضائى من هيئة التحكيم الدولية فى 29 سبتمبر عام 1988.

وبعد مرور تلك السنوات الطويلة، تبقى المطالبة بالحقوق القانونية الناشئة عن الاحتلال العسكرى الإسرائيلى لأراضى مصرية لا تملكها طيلة إحدى وعشرين عامًا منذ حرب يونيو 1967 حتى صدور حكم طابا فى سبتمبر 1988، وذلك استنادًا إلى أن النظام القانونى الدولى يفرض التزامات على الدول الأعضاء فى الجماعة الدولية، وهذه الالتزامات واجبة النفاذ، فإذا ما أخلّت إحدى هذه الدول بأحد الالتزامات الدولية فى احترام السيادة الوطنية للدول الأخرى ترتب على ذلك تحمّل تبِعة المسئولية الدولية، وهذا ما أكدته محكمة العدل الدولية - غير مرة - بأن أى انتهاك لتعهّد دولى يرتّب مسئولية دولية وذلك بتعويض الضرر الناشئ عن هذا الانتهاك.

وبالقانون تحيا مصر