
صبحى شبانة
من يحكم قطر؟
ما أشبه الليلة بالبارحة فى قطر، تاريخ حافل بالمؤامرات والانقلابات، فى الدويلة الصغيرة التى تحتكم على ثروات طائلة، التاريخ يأبى إلا أن يعيد نفسه فلم يمر على انقلاب عام 1972 الذى قام به الشيخ خليفة بن حمد آل ثانى بخلع ابن عمه الشيخ أحمد بن على آل ثان، سوى نحو 23 عامًا بعدها قام الشيخ حمد بن خليفة بخلع أبيه الشيخ خليفة فى عام 1995، ولم يسمح له بالعودة من المنفى إلا ميتًا.
روايات أشبه بالأساطير، حكاوى تفوق مرويات ألف ليلة وليلة ترد من الدوحة، هكذا تصنع التخمة المالية التى حلت بقطر والتى تشبه مطرًا غزيرًا منهمرًا هبط فوق صحراء قاحلة قد تصبغ مياهها لون الأرض، لكنها لا تؤثر فيها ولا تنبت منها زرعًا، هذا هو مآل الثروة فى أيادى الأسرة الحاكمة فى قطر التى بددت أموال الشعب القطرى على ثالوث الإرهاب، الإخوان وتركيا وإيران.
لم يكشف أحد حتى اللحظة الغموض الذى يكتنف الأوضاع فى قطر بعد أن تداول مغردون قطريون اليومين الماضيين على نطاق واسع فى ساحات التواصل الاجتماعى مقاطع فيديو تخللها سماع دوى إطلاق رصاص كثيف، وتحليقًا للطائرات العسكرية، بمنطقة الوكرة قرب العاصمة الدوحة، تزامنت مع تغريدات نشرها الشيخ حمد بن جاسم آل ثانى، رئيس وزراء قطر الأسبق، ووزير الخارجية السابق الطامع فى الحكم والذى يرى أحقيته بحكم قطر ، بعدما رسم سياستها الداخلية والخارجية طيلة العقدين الماضيين. إذا ما كان قد تسرب عن إحباط محاولة الانقلاب فى قطر اليومين الماضيين صحيحًا، فإن السؤال الذى يطرح نفسه هو لماذا الآن؟ ومن وراء هذا الانقلاب اللغز؟، منذ مدة طويلة والأخبار الواردة من قصر الوجبة (القصر الأميرى) فى الدوحة تؤكد أن الأمير الاب الشيح حمد بن خليفة آل ثان والد حاكم قطر الحالى تميم بن حمد يعانى من مرض عضال، وكل التقارير تشير إلى أن حالته تدهورت بشكل كبير فى الآونة الأخيرة، وأن العائلة المالكة القطرية طلبت المساعدة من فريق طبى جاء على عجل من كل من الولايات المتحدة وإسرائيل لعلاج الأمير الأب الذى يعيش أيامه الأخيرة ، وهذا ربما يكون هو السبب المباشر الذى شجع الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر الأسبق على القيام بمحاولة الانقلاب للقفز على عرش قطر والإطاحة بالشيخ تميم بن حمد أمير قطر الحالي، خصوصا ان الشيخ حمد بن جاسم يرى فى نفسه مهندس انقلاب يونيو 1995 الذى أطاح بالأمير الجد الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، وأنه الاحق والأولى بالجلوس على عرش الامارة الصغيرة الثرية.
الشيخ حمد بن جاسم آل ثانى، رئيس وزراء قطر الأسبق أكد فى تغريدات تواكب نشرها مع أنباء محاولة الانقلاب قال فيها «أنه لا يعترف بأمير قطر الحالى تميم بن حمد ولا يعتد به كمرجعية له»، وهو ما فسرها المحللون انها جاءت كرسالة مباشرة لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثانى ليقول له» إن مرجعيته هو أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة، وإذا أراد أحد أن يشتكى على فلا داعى أن يشتكى لدى الغير، فمرجعيتى معروفة»، تغريدات رئيس وزراء قطر الأسبق تحمل الكثير من المعانى والالغاز لكنها تشير بشكل مباشر إليه كضالع فى محاولة الانقلاب الغامضة التى سوف تكشف عنها الأيام المقبلة، فمثل هذه الأنباء حتما ستتخطى الحجب، وتتجاوز الستائر الصلبة والمعتمة التى تلف القصر الأميرى بالعاصمة القطرية.
تاريخ الانقلابات فى قطر أشبه بما كانت عليه الانقلابات فى دول أمريكا اللاتينية القرن الماضى من حيث عنصرى التعدد والمفاجأة، فإن صحت محاولة الانقلاب فى قطر هذه المرة سيكون استثناء وغير مفاجئ، فالإمارة الصغيرة تعانى من مقاطعة عربية من دول شقيقة كبرى وازنة، مصر، السعودية، الامارات، البحرين، قاربت على الأربع سنوات دفعت الشعب القطرى إلى التململ من السياسات الخاطئة للشيخ تميم الذى فتح بلاده أمام القواعد العسكرية التركية والإيرانية التى تجاوز بها عدد الجنود الاتراك والإيرانيين وزاد عن عدد الشعب القطرى، كما أن المقاطعة كبدت الدوحة خسائر اقتصادية ضخمة انعكست على التراجع الاقتصادى وإبطاء خطط التنمية وتأجيل موعد الانتهاء من المشروعات الرياضية التى التزمت بافتتاحها قطر قبل مونديال 2022.
الضحية فى قطر هو الشعب العربى القطرى الذى يعانى من تسلط المرتزقة من الجنود الاتراك الذين يعبثون ويتحكمون بسادية اشبه بما كان عليه الوالى العثمانى من تسلط وجبروت عانت منها الشعوب العربية تحت حكم ما سمى بالدولة العثمانية طيلة القرون البائدة منذ أوائل القرن السادس عشر وحتى بدايات القرن العشرين والتى باتت جزءًا من التاريخ المنسى فى بلادنا، للأسف تلك السادية البائدة يعيشها المواطن القطرى واقعًا فى القرن الواحد والعشرين.