الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أبوذر الغفارى

أبوذر الغفارى

أبوذر الغفارى الصحابى الزاهد، الذى قال عنه النبى صلى الله عليه وسلم: «ما أقلت الغبراء، ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق لهجة من أبى ذر» رواه ابن ماجه، أى ما حملت الأرض ولا أظلت السماء أصدق من أبى ذر.



كان من السابقين إلى الإسلام، وكان شجاعًا مقدامًا، روى الإمام البخارى أن أبا ذر حين علم بمبعث النبى صلى الله عليه وسلم، قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادى فاعلم لى علم هذا الرجل الذى يزعم أنه نبي، يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله ثم ائتني، فانطلق الأخ حتى قدمه، وسمع من قوله، ثم رجع إلى أبى ذر فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق، وكلامًا ما هو بالشعر، فقال أبوذر: ما شَفَيْتَنِى مما أردتُ، فذهب بنفسه إلى النبى صلى الله عليه وسلم، ومكث حتى استطاع أن يلتقيه، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: «ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري» قال: والذى نفسى بيده، لأصرخن بها بين ظهرانيهم، فخرج حتى أتى المسجد، فنادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ثم قام القوم فضربوه حتى أضجعوه، وأتى العباس فأكَبَّ عليه، قال: ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار، وأن طريق تجاركم إلى الشأم، فأنقذه منهم..

وكان رضى الله عنه كريمًا يبذل الطعام والمال لكل عابر سبيل أو فقير، وقد ذكر الواحدى فى كتابه «أسباب النزول» أن أبا ذر كان أحد المقصودين بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ • وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ [المائدة: 87 ـ 88]، حيث اتَّفَقَ عدد من الصحابة عَلَى أَنْ يَصُومُوا النَّهَارَ، وَيَقُومُوا اللَّيْلَ، وَلَا يَنَامُوا عَلَى الْفُرُشِ، وَلَا يَأْكُلُوا اللَّحْمَ، وَلَا الْوَدَكَ، وَلَا يَقْرَبُوا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ، وَيَلْبَسُوا الْمُسُوحَ وَيَرْفُضُوا الدُّنْيَا وَيَسِيحُوا فِى الأَرْضِ، ويترهبوا ويَجُبُّوا الْمَذَاكِيرَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَجَمَعَهُمْ، فَقَالَ:

«أَلَمْ أُنَبَّأْ أَنَّكُمُ اتَّفَقْتُمْ عَلَى كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ، فَقَالَ: لَهُمْ: إِنِّى لَمْ أُومَرْ بِذَلِكَ، إِنَّ لِأَنْفُسِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا، فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا، وَقُومُوا وَنَامُوا، فَإِنِّى أَقُومُ وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَآكُلُ اللَّحْمَ وَالدَّسَمَ، وَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِى فَلَيْسَ مِنِّي. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ وَخَطَبَهُمْ فَقَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ حَرَّمُوا النِّسَاءَ وَالطَّعَامَ، وَالطِّيبَ وَالنَّوْمَ، وَشَهَوَاتِ الدُّنْيَا؟ أَمَا إِنِّى لَسْتُ آمُرُكُمْ أَنْ تَكُونُوا قِسِّيسِينَ وَلَا رُهْبَانًا، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِى دِينِى تَرْكُ اللَّحْمِ وَالنِّسَاءِ، وَلَا اتِّخَاذُ الصَّوَامِعِ، وَإِنَّ سِيَاحَةَ أُمَّتِى الصَّوْمُ، وَرَهْبَانِيَّتَهَا الْجِهَادُ، وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحُجُّوا وَاعْتَمِرُوا، وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَآتَوُا الزَّكَاةَ، وَصُومُوا رَمَضَانَ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالتَّشْدِيدِ، شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَأُولَئِكَ بَقَايَاهُمْ فِى الدِّيَارَاتِ وَالصَّوَامِعِ»، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، فَقَالُوا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نَصْنَعُ بِأَيْمَانِنَا الَّتِى حَلَفْنَا عَلَيْهَا؟» وَكَانُوا حَلَفُوا عَلَى مَا عَلَيْهِ اتَّفَقُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِى أَيْمَانِكُمْ.... الْآيَةَ).

وفى غزوة تبوك تخلف أبو ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبطأ به بعيره، فما كان من أبى ذر إلا أن نزل من على هذا الجمل وحمل متاعه ومشى حتى يلحق برسول الله وجيشه، ونظر ناظر من المسلمين فقال: يا رسول الله هذا رجل يمشى على الطريق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كن أبا ذر»، فلما تأمله القوم قالوا: «يا رسول الله.. هو والله أبو ذر»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله أبا ذر يمشى وحده ويموت وحده ويبعث وحده» رواه الحاكم فى المستدرك

توفى الصحابى أبو ذر الغفارى فى عام 32هـ فى مدينة الربدة، وقد أوصى أولاده وزوجته بغسله وتكفينه ووضعه فى الطريق، وعندما توفى عملوا بوصيته، وعندما رآهم أهل الكوفة وفيهم عبدالله بن مسعود، سألهم من هذا، فقيل لهم أنّها جنازة أبى ذر، فبكى عليه عبدالله بن مسعود بكاء مُراً.