الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الاستثمار فى الخراب

الاستثمار فى الخراب

فى استمرار لسياسة اللامنطق التى تنتهجها قطر، وفى تحد مجنون لقوانين حركة التاريخ، وبرغم مضى اربع سنوات على ما بات يعرف فى الذاكرة السياسية بالأزمة القطرية التى اتخذ فيها الرباعى العربى (مصر، السعودية، الامارات، البحرين) قراره بمقاطعة الدوحة عاصمة الإرهاب، بهدف لجم وتصويب السياسة القطرية، وإجبارها على وقف دعمها المستمر للجماعات والتنظيمات الإرهابية، إلا أن  نظام الشيخ تميم بن حمد لايزال مستمرا فى غيه وعناده بضخ أموال القطريين فى جيوب وانفاق الجماعات الإرهابية التى تتحرك زعاماتها فى العاصمة القطرية بحرية على الملأ وعلى مرأى ومسمع من العالم، بل أن عددا منها اتخذت لها مقرات تجاوز دورها سفارات الدول  مثل: طالبان،  وبوكو حرام، والقاعدة، والنصرة، والنهضة، وداعش التى كانت تصفها قناة الجزيرة بتنظيم الدولة، والاخوان، وحركة الشباب الصومالية، والحوثيون، بل وصل الأمر أن الولايات المتحدة الامريكية حينما اضطررت للتفاوض مع حركة طالبان التى تصنفها إرهابية لم تجد الا قطر لرعاية المفاوضات، والدوحة لاحتضان جولاتها، ومن ثم التوقيع على الاتفاق بين مسئولى الجانبين، طالبان وامريكا، فى مشهد يثير العجب والدهشة.



الدعم القطرى للإرهاب اتخذ على مر السنوات الماضية أشكالا عدة، تنوعت قنواته بين الدعم المباشر، أو تقديم الفدى لإطلاق أسرى، أو التبرعات السخية عبر جمعيات خيرية واغاثية فى مقدمتها مؤسسة قطر الخيرية التى يأتى تمويلها حسب كتاب «أوراق قطرية»  الذى إصدره الصحفيان الفرنسيان كريستيان شينو وجورج مالبرونو، من: الديوان الأميرى، والشيخ جاسم بن سعود بن عبدالرحمن آل ثانى، والشيخ خالد بن حمد بن عبدالله ال ثانى، والشيخ سعود جاسم أحمد آل ثاني، والشيخ محمد بن حمد آل ثانى، وشركة سخاء للخدمات، ووزارة الخارجية، والشيخ ناصر بن حمد بن خالد آل ثاني، والشركة القطرية الوطنية للتوريد والتصدير، والشيخة نهلاء بنت أحمد بن محمد آل ثاني، وشركة وقود قطر، والمكتب الخاص للأمير الوالد، وصندوق التنمية القطرى، وكما يظهر من الأسماء فإن جميعها  تنتمى لأسرة آل ثانى، وشركات تملكها الدولة القطرية، ما يعنى أن دعم قطر للإرهاب ينطلق من عمل مؤسسى  وبنيوى متجذر فى عقيدة الدولة القطرية منذ منتصف تسعينيات القرن الماضى. 

يرى المؤلفان أن المشروع القطرى  التخريبى يستوحى مباشرة من نظرية حسن البنا، مؤسس جماعة «الإخوان المسلمين»،  الذى يدعو الى تحويل الإسلام إلى أداة شاملة للحكم التعسفى، تحدد توجّه كل شىء فى المجتمع والدولة، لا سيما التربية والسياسة، وصولا للانقضاض على السلطة والحكم، أى أن الدين فى مفهوم الجماعة منذ نشأتها مجرد وسيلة وليس غاية، مجرد أداة لمشروع تخريبى تدميرى للدولة العربية الوطنية، فوفقا للكتاب، أن ايديولوجية الإخوان المسلمين هى جزء لا يتجزأ من الحمض النووى DNA لقطر، وأن يوسف القرضاوى، لعب دورا كبيرا فى تنفيذ هذا المشروع التدميرى الذى تلقفته قطر لفرض الهيمنة على الدول العربية بخلق بؤر إخوانية إرهابية تهدد استقرار الدولة العربية الوطنية، وتمزقها تمهيدا لعودة وهم دولة الخلافة  المزعومة  متجاهلة أن كل تجربة تاريخية هى بنت زمانها، لايمكن استعادتها أو تكرارها، ولأن قطر مجرد دويلة صغيرة هشة فقد عمدت على توظيف وفوراتها المالية الضخمة فى الانفاق على الجيش التركى واستخدامه كأداة فى تنفيذ المخطط الإخوانى بزعامة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان المريض بداء أوهام استعادة الخلافة العثمانية البائدة.

لم يتوقف التمويل القطرى عند دعمها السخى للجماعات الإرهابية، بل تجاوز ذلك بكثير إلى أن قطر تمول تدخلات تركيا فى ليبيا، كما مولت من قبل التدخل التركى فى سوريا، ومولت من قبل  استئجار جزيرة سواكن السودانية لبناء قاعدة عسكرية تركية على البحر الأحمر لتكون فى خاصرة  كل من مصر والسعودية، كما مولت قطر بناء أكبر قاعدة عسكرية خارجية لتركيا فى مقديشيو بالصومال والتى تم  افتتاحها عام2017، وقدمت دعما مباشرا للاقتصاد التركى بـ15 مليار دولار عام 2018، ودعما غير مباشرا للرئيس التركى رجب طيب أردوغان تمثل فى شراء الشيخة موزة عقارات بمليارات الدولارات فى اسطنبول وانقرة وعلى شاطئ البوسفور، فى صفقات حظيت بدعم اردوغان ولقيت اعتراض العديد من الأحزاب الوطنية التركية.

آفة أهل الحكم فى الدوحة تكمن يقينا فى عدم النضج السياسى، وأن انقلاب الأمير الوالد «كما يطلق عليه» على ابيه الشيخ خليفة فى صيف عام 1995 افقده شرعية الحكم بين دول مجلس التعاون والعديد من الدول العربية، وهو ربما ما يفسر بحث  الأمير الوالد حمد بن خليفة وابنه تميم حاكم قطر الحالى عن شرعية  حتى لو  فى التحالف الشيطانى مع التنظيمات الإرهابية وتركيا علها تعالج «دون جدوى» نقصا فى شخصيتهما لا شفاء منه.

متى يستوعب بارونات الحكم فى قطر رغم مرور أربع سنوات ان صبر الدول العربية أوشك على النفاد؟، وان فقط، وفقط حرص حكماء الرباعى العربى على مصالح الشعب العربى القطرى هو الذى يمد حبال الصبر والحكمة على التحالف الشيطانى بين الحكومة القطرية والجماعات الإرهابية وحكومة رجب طيب أردوغان فى تركيا إلى ابلغ مدى.