الأحد 6 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الدولة ومعركة إعادة الوعى

الدولة ومعركة إعادة الوعى

بعد هذه الفترة  القصيرة، أدركت أننا فى مصر أكثر شعوب العالم قسوة على الدولة،  وكيف هى مظلومة معنا فى ظل حالة انعدام الوعى المتفشى الذى فضحته كورونا، فبرغم كل التحذيرات والإجراءات التى فرضتها ونادت بها الحكومة وجندت لها كل أجهزتها وطاقاتها وخدماتها طيلة الشهور الماضية، إلا أن كل من قابلتهم وهم يرتدون الكمامة يعدون على أصابع اليد، ولا أبالغ فى ذلك فالشوارع فى مدن مصر وقراها شاهدة تكشف عن تدنى مستوى الوعى فى الشارع المصرى رغم ارتفاع عدد المتعلمين ولا أقول بارتفاع  مستوى التعليم وهذه ظاهرة يجب أن تخضع للبحث والدراسة  والتحليل داخل  الجامعات ومراكز الأبحاث الاجتماعية لعلنا نستخلص طرق معالجتها. 



سنحت لى الظروف أن أقضى لأول مرة منذ ثلاثة عقود نحو أسبوعين أو أكثر بقليل فى الريف هربا من ازدحام القاهرة وضجيجها وعدم التزام الشارع فيها بالإجراءات الاحترازية الضرورية فى حدها الأدنى وهو ارتداء الكمامة، لذا فضلت ظنا منى أنه من الأفضل تطبيقا لشروط السفر التى قضت بضرورة المكوث أسبوعين فى حجر صحى منزلى فرضته هواجس جائحة كورونا، إلا أننى كنت واهما فالحال فى قريتى القريبة من القاهرة والتى تعتبر الأكثر تعليما بين قرى مصر (كما تقول الاحصائيات الرسمية) ليس بأفضل حال عما فى سواها.

المشكلة تكمن فى أن الشارع المصرى فى غالبيته يعيش حالة من اللامبالاة فى مواجهة خطر كورونا التى  شلت الاقتصاد العالمى، وأصابت أكثر من 11 مليون شخص،  وأودت بحياة أكثر من نصف مليون إنسان فى 210 دول حول العالم منذ اكتشاف أولى حالات الإصابة بهذا الوباء اللعين  فى الصين ديسمبر  الماضى، (الأرقام طبقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، فيما تشير العديد من التقديرات الأخرى إلى أضعاف هذا العدد)،  إذن  فما الذى يمكن أن تفعله الدولة فى مواجهة هذا المزيج والخليط من اللاوعى واللامبالاة، الذى يقف أمامه القانون حائرا وربما عاجزا؟، فلا يمكن لحكومة فى العالم أن تنفذ القانون فى ظل ما يشبه  ظاهرة كهذه ضرب فيها المواطنون (إهمالا) عرض الحائط بنصائح الحكومة وإرشاداتها وتحذيراتها، بل إن بعضهم لا يزال غير مصدق بوجود فيروس اسمه كورونا عصف باستقرار العالم ما يقرب من ستة أشهر، فـ«كورونا» فى ظنه ليست أكثر من مزحة ثقيلة، ويجتهد دون عناء فى  تأكيد وجهة نظره التى استقاها من إخوانى إرهابى هارب ناقم عليه وعلى المجتمع بأكمله. 

إن معركة إعادة الوعى فى تقديرى هى أهم المعارك التى يجب أن تخوضها الدولة المصرية لإرساء قيم الانضباط وإعادتها مجددا إلى الشارع المصرى، فلا يمكن للحكومة أن تنجح فى تنفيذ خططها التنموية المتعاقبة فى ظل هذا الاسترخاء،  وتأدبا لا أقول الاستهتار الذى يعيشه الشارع، فى الوقت الذى تكدح فيه الدولة، وتسابق فيه الحكومة رياح الزمن العاتية لتحقيق الأمن الاقتصادى والغذائى والمائى فى ظل أوضاع إقليمية متردية، وأوضاع عالمية توشك على الانهيار بسبب جائحة كورونا وحماقات أخرى. الدولة أدارت أزمة كورونا بمهارة فى الوقت الذى أدار فيه البعض ظهرهم لـ«كورونا».