الخميس 25 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 حكم الحج الروحى .. فى زمن الوباء

حكم الحج الروحى .. فى زمن الوباء

ساعات قليلة وتبدأ مناسك الحج .. وأحمد الله العلى القدير أن أكرمني- بفضله ومَنِّه - بأدائها سنوات عديدة خلت.. ونظرًا لتعلق روحى وكيانى بتلك الأيام فى أقدس بقاع الأرض .. فقد عانيتُ مؤخرًا بموجات من الأرق .. تهاجمنى كثيرًا ..تجسدت بنوم متقطع لا يجاوز دقائق، ومن ثم استيقاظ ويقظة (غير مبررة) قد تستمر لساعات طويلة فى جوف الليل .. ولم أملك سوى الاستسلام، وفى الصباح أذهب إلى عملى ..لأعود منتصف النهار محاولا الاسترخاء قليلا والخلود إلى النوم ( دون جدوى ).. وتكرر هذا الأمر لأيام عديدة ..حتى تسرّب الوهنُ إلى جسدى .. واعتلّت صحتى.. وأصبحتُ طريحَ الفراش .



وطرحتُ هذا الأمر للنقاش على صفحتى على الفيس بوك مستطلعًا رأى الأصدقاء الأعزاء.. وقد دارت مع هؤلاء الأصدقاء الأجلاء حوارات رفيعة المستوى غمرونى فيها بمشاعر الحب والود، ممتزجة بنصائح طبية ودعوات من القلب بتمام الشفاء .. مما أسهم فى رفع الروح المعنوية عندى.

ثم كانت المفاجأة  السارة وهى رسالة من أحد الأصدقاء – أستاذ جامعى مغربى – زاملنى فى رحلتى الحج عامى 2016 و2017، تضمنت فكرة (الحج الروحى) وكم كانت سعادتى بالغة - ولو كان وهمًا - اكتشافى لسبب الأرق والسؤال الذى يطرح نفسه؛ ما حكم الحج الروحى، وهل يمكن أن يقبل الله حجًا بالروح فقط لأسباب قهرية تحول دون الحج الجسدى فى زمن الوباء، أم أنها مجرد مسكنات روحية لا صلة لها بالأحكام الشرعية؟؟

ولبيان رأيى فى الحكم الشرعى، أعرض فى عجالة لهذا الدعاء الذى يوضح – بجلاء – نية الداعى إلى: «الإهلال بحج وعمرة قاصدًا التوجه بروحى إلى مكة والمدينة».. مضيفًا: «اللهم حبسنى العذر وفقدت الاستطاعة فلا تحرمنى الأجر بنيتى والمثوبة.. ربى اجعله حجاً مقبولاً لا جدال فيه ولا رياء ولا مفاخرة ولا سمعة.. ربى اكتب لى حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وتجارة لن تبور إنك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير»..

 ويختتم دعاءه – فى عبارات صريحة لا لبس فيها: «إلهى اكتبنى مع حجاج بيتك الحرام لهذا العام ..هم حجوا إليك بأجسامهم وأتيتك بروحى ونيتى وقلبى وكل جوارحى طالبًا رضاك عنى فأشركنى معهم بنيتى واكتبنى معهم بصالح عملى واستجب بفضلك دعوتى وخصنى بما تكرمهم به من نفحات وأعطيات وتولنى وأسعد قلبى بقبولى ورضاك عني». 

ويمكن تعريف مناسك الحج بأنها الأعمال التى يقوم بها المسلم قبل وأثناء ونهاية «الحج» الحج وهى التى أراها الله عز وجل لنبيه وخليله  «الحج فى الإسلام» الحج إلى: «أركان» أركان،  «واجب شرعى» وواجبات،  5)»  «سنة (إسلام)» وَسُنن. 

ومن أركان الحج : الوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والإحرام، والسعى بين الصفا والمروة.. ومن الواجِبات : الوقوف بمُزدلفة، والمبيت بمنى، وطواف الوداع، ورمى الجمرات.. ومن السُنن : طواف القدوم، والتّوجه إلى منى فى اليوم الثامن من ذى الحجة. ومن ثم، فإن ذلك ( الحج الروحى ).. لا يعدو أن يكون رغبة محمودة فى الأجر والثواب من رب العباد، لا ضرر منها على الإطلاق، لأداء مناسك الحج بالروح عند تعذر أدائها بالجسد، ولكنها لا تُغنى – بيقين – عن أداء فريضة الحج الأكبر والتى تعد خامس أركان الإسلام، التى بُنى عليها، ولا يسقط بها الفرض وهو «حج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا»، ويدخل من قبيل عدم الاستطاعة ذلك العذر القهرى لجميع شعوب العالم لاستحالة السفر فى ظروف انتشار الوباء. 

ونفرق هنا بين الحج لأول مرة (حيث الفريضة) والحج التالى، فالأول لا يمكن الترخص فيه أو استبداله، أما الآخر فيمكن التبرع للفقراء بقيمة نفقاته، وسيصل ثواب الحج ولا شك وتطمئن نفس الحاج .

فحكم الحج الروحى – مقترنًا بالتبرع – يدخل فى باب (السنة الحسنة ) ولا يجافى هذا الحكم  قول النبى صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحدثات الأمور»، ومن هذا الباب صلاة التراويح جماعة، فهى سنة حسنة .

وختامًا، أُحّذِر – شرعًا - بعدم الإفراط فى مثل تلك المستحدثات حتى لا تضيع أصول الدين ( والله أعلم ). وبالقانون تحيا مصر