لو كنت طفلاً أيام المماليك عيديتك دنانير ودراهم ودوكات بندقية

كتب- علاء الدين ظاهر
هل تتذكر وأنت طفل كم كنت تنتظر العيد لتحصل على العيدية والتى كانت تتراوح ما بين جنيه و5 جنيهات، ولو كنت سعيد الحظ تحصل على 10 أو 20 جنيها، لكن ماذا لو كنت تعيش فى عصر المماليك، كيف سيكون شكل وقيمة العيدية، هذا ما ستعرفه إذا أكملت قراءة ما يلى عن النظام النقدى فى عصر المماليك.
يقول الدكتور محمد حمدى من مكتبة الإسكندرية:كان المماليك جنودا شجعانا تصدوا بكل حسم لجيوش المغول الذين كادوا أن يجتاحوا العالم شرقا وغربا، ولولا هؤلاء المماليك لقضى المغول على الحضارة الإنسانية، فلم يكن ليقف فى سبيلهم أى قوة أخرى على وجه الأرض، لو قدر لهم هزيمة المماليك فى معركة عين جالوت
وتميزت النقود فى مصر فى عصر المماليك بظهور أول إصدار نقدى لسيدة حاكمة تولت عرش مصر فى العصر الإسلامى وهى «شجرة الدر»، باعتبارها أول سلطانة فى دولة المماليك، وظهور الرنوك الحيوانية كرنك»الأسد»شعار السلطان الظاهر بيبرس، والعبارات الدالة على إعادة إحياء الخلافة العباسية.
وعودة الخلفاء العباسيين لسك النقود بأسمائهم بعد سنوات من قضاء المغول على دولتهم، حين قام الخليفة العباسى بالقاهرة المستعين بالله بسك النقود باسمه فى عصر المماليك الجراكسة، وقد استمر المماليك فى سك النقود بأسمائهم حتى آخر سنة لحكمهم، حين سك طومان باى النقود باسمه قبل أيام من دخول العثمانيين إلى القاهرة.
وكان النظام النقدى المملوكى نظاما ثلاثى المعادن، بمعنى أن النقود الذهبية والفضية والنحاسية كانت موجودة وتداولت تلك النقود معا، وكانت قيمتها متعلقة ببعضها، حيث كانت معتمدة على بعضها ومتغيرة بشكل متكرر.
على الرغم من قيام سلاطين المماليك بإصدار فئات نقدية متنوعة ذهبية وفضية ونحاسية، فالفترة الأولى من حكم المماليك المعروفة لفترة حكم المماليك البحرية تميزت بسيادة النقود الفضية فى التعامل النقدى استمرارا للتقاليد الأيوبية، فى حين تميزت الفترة الثانية المعروفة بفترة حكم المماليك الجراكسة بسيادة النقود النحاسية حتى عرفت لدى المتخصصين بـ«عصر النحاس».
وشهدت نهاية العصر المملوكى البحرى بداية ظهور الدوكات البندقية فى أسواق التعامل فى مصر لأول مرة، مما أدى إلى انتشارها وإقبال الناس على تداولها، مما حدا بالسلاطين المماليك إلى القيام بعدة محاولات لوقف سيطرة الدوكات على سوق النقد فى مصر.
فقام الناصر فرج بن برقوق سنة 803 هجرى / 1400 ميلادى بسك الدينار السالمى نسبة إلى الأمير يلبغا السالمى المسئول عن دارالسك، وأتبعها بمحاولة ثانية فى سنة 810 هجرى / 1407 ميلادى بسك الدينار الناصرى على وزن الدوكية، وقام الأشرف برسباى فى سنة 829 هجرى / 1425 ميلادى بسك الدينار الأشرفى الذى لاقى قبولا فى سوق النقد فى مصر.
أما الدراهم المملوكية، فقد شهد عهد الظاهر بيبرس تحررها من النمط الأيوبى، حيث تعد الطرز التى سكها بداية للطراز المملوكى، كما تمتعت بشكل ووزن وعيار مخالف للدراهم الكاملية الأيوبية، كما شهد عهد المؤيد شيخ فى سنة 817 هجرى/1414 ميلادى سك الدراهم المؤيدية، بهدف إعادة النظام القديم إلى حساب نسب الإبدال بين الذهب والفضة
أما الفلوس المملوكية، فقد كانت فى العصر المملوكى البحرى نقودا رمزية لها قيمة محلية وتداولية محضة، وكانت القوة الشرائية للعملات النحاسية محدودة جدا وخدمت حصرا احتياجات الحياة اليومية غير أنها شاعت بكثرة فى العصر المملوكى الجركسى، بسب قيام محمود بن على الأستادار المتولى أمر الأموال السلطانية فى سنة 794 هجرى / 1391 ميلادى بغمر الأسواق المصرية بأعداد كبيرة من النقود النحاسية التى ضربها من النحاس الأصفر الذى استورده من أوروبا مقابل بيع الفضة لها.
وضرب بعدها بدار سك القاهرة، وبعضها بدار سك الإسكندرية التى كانت قد توقفت عن العمل حتى أعاد محمود بن على فتحها لضرب الفلوس، وقد أدى ذلك إلى انهيار النظام النقدى المملوكى والتسريع بانهيار الدولة.